والداي يأمراني بأخذ قرض ربوي، هل أطيعهما؟

السؤال

السلام عليكم.

أعرف تمام المعرفة أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

أنا بعمر 20 سنة، وأنا أكبر إخوتي، طالبة جامعية، والموضوع معقد لدرجة أني لا أجد كلمات كافية لوصفه، لكني سأحاول أن أختصر.

والداي -حفظهما الله وأطال بعمرهما- يقومان بالضغط علي معنوياً لأخذ قرض ربوي حتى نستطيع تسجيل أخي الذي يصغرني بالجامعة، ولا يتأخر سنة أخرى بعد أن أجل تسجيله العام الماضي بالتخصص الذي يرغبه.

علماً أنه توجود حلول بديلة، لكن ذهابه لجامعة بعيدة مثلاً سينعكس سلباً على والدتي، لأن والدي يعمل بعيداً عن المنزل، ووالدتي مريضة وتحتاج لعناية، وهو الأخ الأكبر بعدي، ولا يوجد إخوة ذكور إلا طفل صغير، بالرغم من أني على قناعة تامة بأنه سبب غير كاف.

هذا مثال على مدى تعقيد المشكلة، ومن عدة النواحي، وحلول مادية أخرى مستنفذة، وتسجيله يقترب، والحل الوحيد بنظرهم هو عن طريقي!

لا أريد فتوى لكن أريد حلاً، كيف أتعامل مع الموضوع؟ إني أختنق ولا أعلم كيف أحل المشكلة دون أن أحزن أمي أو أبي، وحتى أخي. تكلمت كثيراً عن الربا لكن دون جدوى، يصرون على أنها المرة الأخيرة.

أتمنى أن ترشدوني، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أختنا الكريمة- ورداً على استشارتك أقول:

كنت أتمنى أن تذكري لنا الحلول البديلة غير تسجيله في جامعة بعيدة، لأن ذلك قد يعيننا في التعرف على الحل الأمثل، وكم هي المسافة لتلك الجامعة البعيدة؟ هل يمكنه أن يذهب ويعود يومياً أو حين الطلب إن احتيج إليه؟

هنالك بدائل عن الوقوع في الربا، ومنها: أن تجتهدوا في البحث عن مؤسسات للقرض الحسن، فلعلكم تجدون ذلك.

من البدائل المشروعة: أن تنظروا في شراء سلعة تستطيعون بيعها بعد شرائها مباشرة، بحسب احتياج الناس أو السوق ثم تطلبون من أي مصرف إسلامي أن يشتري لكم تلك السلعة مرابحة، وبهذا تحصلون على المال وتبتعدون عن الربا، فالمصرف سيشتري السلعة ويأخذ أرباحه، وأنتم تحصلون على المال وتقسطون له الثمن تقسيطاً مريحاً.

من البدائل أن ترهنوا أي سلعة لديكم عند أحد “المعاريف” لمدة معلومة، ومن ثم تجمعون له المبلغ وتعطونه، وتأخذون سلعتكم، أو أن تبيعوا ذهباً أو أي سلعة تمتلكونها، فكون أخيك يدرس أولى من أن يكون لديكم ذهب مكنوز في البيت، أو سلعة غير ضرورية.

من البدائل: أن يقدم والدك على قرض من المؤسسة التي يعمل بها على ذمة راتبه، يتم الاستقطاع شهرياً.

في حال أن تعثرت كل الحلول التي ذكرناها آنفاً فأنت واقعة بين مفسدتين وهي مفسدة الوقوع في الربا ومفسدة عصيان والديك، وفي مثل هذه الحال لا بد من ارتكاب أدنى المفسدتين ودفع أعلاهما، ولا شك أن مفسدة عصيانهما أخف من مفسدة الوقوع في الربا، لأن عصيانهما في هذه الحال ليس ذنباً عليك، وليس عقوقاً لهما؛ كونهما أمرا بمعصية الخالق، ولا طاعة لهما.

أما أخذ الربا فهو معصية لله تعالى الذي حرم علينا الربا، ثم إن آثار الربا ستعود بالضرر على جميع الأسرة، وعلى أخيك، فقد لا يوفقه الله في دراسته، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ).

كوني على يقين أنه إن غضب منك والداك لعدم أخذ القرض الربوي فإن الله تعالى سيجعلهما يرضيان عنك، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس).

نسأل الله تعالى لك التوفيق، وأن يجنبك ما يسخط الله تعالى إنه سميع مجيب.

Leave a Reply