“كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ” هكذا علمنا الرسول الأعظم والنبي الخاتم محمد – صلى الله عليه وسلم -، فالتوبة هي واحدة من أعظم الأمور التي ينبغي لكل إنسان مسلم مؤمن أن ينتبه لها، فالجميع لديهم أخطاء، والخطأ أو المعصية بحد ذاتها ليست عيباً كما يحاول البعض أن يصور لنا، فهم ينظرون فقط إلى المعاصي التي اتفقت مع عادات المجتمع فمن هنا فإن العيب انبثق من العادات ولم ينبثق من المعصية بحد ذاتها، والدليل هو أنّه يوجد الكثير من الأمور المحرمة والتي لا يكترث المجتمع لها والتي لا يطلقون عليها لفظ العيب كما في تلك المحرمات التي حرمتها العادات والتقاليد ، إلّا أن المحرمات جميعها تتفق في أنها ليست من مراد الله تعالى وليست من خطته التي خطها ورسمها لنا ومن هنا فالعيب لا يتوجب أن يكون لذات المعصية أو لمعصية دون أخرى ولكن العيب يجب أن يكون في كون العاصي لا يستشعر عظمة الله تعالى وهيمنته على الكون ويعانده فيعصيه.
التوبة النصوح لا تأتي بكل سهولة ويسر بل يجب أن تتوفر فيها ثلاثة شروط، الشرط الأول أن يكون هناك إقرار بالذنب والمعصية أما الثاني فيجب أن يعاهد الإنسان الله تعالى على عدم العودة لهذا الذنب وهذا لفعل الشنيع الذي قام به، في حين أن الشرط الثالث يكون بأن يعمل الإنسان بكل جهده على أن يطوّر من نفسه وأن يلتزم السراط المستقيم وأن يكثر هذا الإنسان من عمل الخير والصالحات وأن يبتعد قدر الإمكان عن عمل السيئات التي تغضب الله تعالى. ومن أكثر الأمور التي يحبها الله تعالى هي الأمور التي فيها نفع ومساعدة للغير كالتصدق والزكاة ومساعدة المحتاجين لأي نوع من أنواع المساعدات، إضافة إلى رد الظلم عن المظلومين وعدم الوقوف إلى جانب الظلام أو إلى جانب من خانوا ضميرهم ودينهم وخانوا الإنسانية، فعاثوا في الأرض فساداً وأكثروا من التخريب والقتل والإجرام بالإضافة إلى أولئك الذين سرقوا الأموال والثروات من الناس وصعدوا على أكتاف المسجونين والمسحوقين والمضطهدين ممن استغلوا ثقة الناس بهم.
التوبة عن الذنب لا تعني أنّ الإنسان قد تغلب على نفسه فلن يرجع إلى الذنب والمعصية مرة أخرى، فالإنسان ضعيف وربما يعود مرة ثانية وثالثة ورابعة إلى الذنب ولكن باب التوبة مفتوح دائماً وهو باب لا يغلق نهائياً لأن من فتحه هو الله تعالى وليس بشراً عادياً.