السهو والنسيان امر طبيعي لكل انسان، ولكن خلال الصلاة يمكن أن يحدث مشكلة السهو لدي بعض الاشخاص، ويحدث هذا نتيجة للعديد من الاسباب منها ضعف القدرة علي التركيز او التفكير والانشغال ببعض الامور، او وجود مشتتات محيطة بالانسان خلال اداء الصلاة، وكل هذه العوامل تؤثر بلا شكل بصحة الصلاة ودرجة قبولها عند الله عز وجل، إلا أنّ الله خفّف على عباده بشرع سجود السهو، إذ إنّه عبارة عن سجدتين يسجدهما المصلّي في حال الخلل أو التقصير، لكن يجب الأخذ بالاعتبار أنّ لهذا السجود أحكاماً يجب أن يعرفها المسلم جيداً، ويكون سجود السهو قبل السلام إذا كان بسبب نقص في الصلاة أو بسبب شك في أمرين لم يرجح أحدهما على الآخر، ويكون بعد السلام إذا كان بسبب زيادة في أداء الصلاة وقد ورد عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم سهوه في الصّلاة تعليمًا لنا وليكون قدوةً لنا في كلّ أحوالنا، فعن عبد الله بن مسعود قال: (صلّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فزادَ أو نَقَصَ، فقيل: يا رسولَ اللهِ، أزيدُ في الصلاةِ شيءٌ؟ فقال: إنما أنا بَشَرٌ مثلُكم، أنسى كما تنسَوْن، فإذا نَسِىَ أحُدكم فليسجدْ سجدتين وهو جالسٌ، ثم تحوَّلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فسجَدَ سجدتين) رواه مسلم، في صحيحه، رقم: 572. وروى أبو هريرة عن النَّبي صلّى الله عليه وسلم أنّه قال: (إنَّ أحدَكم إذا قام يصلِّي، جاء الشيطانُ فلبَّس عليه، حتى لا يدري كم صلَّى، فإذا وجَد ذلك أحدُكم، فلْيسجُدْ سجدتينِ وهو جالسٌ) رواه البخاري، في صحيحه، رقم: 1232 .
أحكام السهو في الصلاة
الزيادة
الزيادة في الصلاة سواء كانت بالسجود او الركوع او القيام بشكل متعمد يبطل صحة الصلاة بشكل عام، اما إن كانت هذه الزيادة بسبب السهو ولم يتذكرها المصلي الا بعد القيام بها بالفعل، فعليه أن يقوم بسجود السهو، لتكون صلاته صحيحة، اما إن تذكرها خلال ادائة للصلاة فعليه الرجوع عنها وسجود السهو لتكون صلاته صحيحة، ومثال ذلك: إذا صلى أحدهم صلاة الفجر خمس ركعات، ولم يتذكر الزيادة إلا في التشهد، فيتوجّب عليه إكمال التشهد، ثم التسليم، والقيام بسجود السهو.
السلام قبل تمام الصلاة
السلام قبل تمام الصلاة متعمداً يبطل الصلاة، اما في حال النسيان او السهو والتذكر بعد زمن قليل مثل 3 دقائق فعلي المصلي أن يكمل صلاته ويسلم ويؤدي سجود السهو ثم يسلم مرة اخري، اما إن تذكره بعد زمن طويل، فعليه أن يعيد صلاته من جديد لتكون صحيحة ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه (صلَّى بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إحدى صلاتيِ العَشيِّ إمَّا قال الظُّهرَ وإمَّا قال العصرَ قال: وأكبرُ ظنِّي أنَّها صلاةُ العصرِ فصلَّى بنا ركعتينِ ثمَّ سلَّم وتقدَّم إلى خشبةٍ في مُقدَّمِ المسجدِ فوضَع يدَه عليها إحداهما على الأخرى وخرَج سَرَعانُ النَّاس فجعَلوا يقولون: قصُرَتِ الصَّلاةُ وفي القومِ أبو بكرٍ وعمرُ رضوانُ اللهِ عليهما فهابا أنْ يسأَلا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك فقال له رجلٌ يُقالُ له ذو اليدينِ: أقصُرَتِ الصَّلاةُ يا رسولَ اللهِ أم نسيتَ ؟ قال: ما قصُرَتِ الصَّلاةُ ولا نسيتُ قال: بل نسيتَ يا رسولَ اللهِ قال: أكذلك ؟ قالوا: نَعم فرجَع فصلَّى بنا ركعتينِ ثمَّ سلَّم ثمَّ سجَد سجدتينِ فأطال نحوًا مِن سجودِه ثمَّ رفَع رأسَه ثمَّ سجَد الثَّانيةَ فأطال نحوًا مِن سجودِه ثمَّ رفَع رأسَه فقيل لمحمَّدٍ: ثمَّ سلَّم ؟ قال: لمْ أحفَظْ ذلك مِن أبي هُرَيرةَ وأُنبِئْتُ أنَّ عِمرانَ بنَ حُصينٍ قال: ثمَّ سلَّم) [صحيح ابن حبان].
النقص
نقص احد اركان الصلاة مثل نقص تكبيرة الاحرام يؤدي الي بطلان الصلاة، سواء تركها المصلي عمداً او سهواً، وإن نسي المصلي ركناً آخر من اركان الصلاة غير تكبيرة الاحرام عمداً تبطل الصلاة، وإن تركه سهواً ووصل الي الركعة الثانية، فيجب عليه اسقاط الركعة التي ترك منها واقامة الركعة التي تلي مقامها، وإن لم يصل الي الركعة الثانية عليه ان يعود الي الركن المتروك وان يأتي به وبما يليه، ، وفي كلتا الحالتين عليه أن يسجد سجود السهو بعد التسليم.
اما نقص احد واجبات الصلاة متعمداً يبطل الصلاة، وإن تركها المصلي سهواً وتذكر قبل ان يقوم من الصلاة فعليه أن يؤديه، وإن تذكره قبل أن يصل الي الركن الذي يليه عليه ان يرجع ويؤديه، ثم يكمل صلاته ويسلم ويسجد سجود السهو ثم يسلم، وفي حال تذكر ذلك بعد وصوله الي الركن الذي يليه، فعليه ان يكمل صلاته ويسجد سجود السهو قبل التسليم .
الشك
يعد الشك في العبادات مهماً الا في ثلاث حالات فقط، وهي إن كان وسواساً اى مجرد وهم وليس حقيقة، وإن كثر الشك مع الشخص، بحيث لا يمكنه ان يؤدي اي صلاة او عبادة دون الشعور بالشك، وإن كان الشك بعد الفراغ من العبادة، حيث لا يلتفت اليه ما لم يتيقن من الامر ويتأكد منه، فيعمل بمقتضي يقينه، ولكن الشك في غير هذه المواضع يعد مهماً ومعتبر وعلي المصلي أن يترجع احد الامرين ويعمل به، فيكمل صلاته ويسلم ثم يسجد سهواً ويسلم، ، فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحرَّ الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين) [رواه البخاري]، ومن الممكن أن يعمل باليقين في حال عدم ترجح أحد الأمرين لديه، فعليه أن يتم صلاته، ويسجد للسهو، ثمّ يسلم، ومن ذلك قول النبي صلي الله عليه وسلم : (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم. فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان) [رواه مسلم].