تقرير «قومى حقوق الإنسان»: «الحريات العامة» تأثرت بـ«مكافحة الإرهاب»

عدد من الشباب المفرج عنهم «صورة أرشيفية»

عدد من الشباب المفرج عنهم «صورة أرشيفية»


تصوير :
المصري اليوم

شدد التقرير السنوى الذى أرسله المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى رئاسة الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ومجلس النواب، الأسبوع الماضى، على أن استمرار أزمة الحبس الاحتياطى، تسببت فى تزايد الاتهامات للأجهزة الأمنية بممارسة الاختفاء القسرى بمعزل عن الضمانات القانونية.

وطالب التقرير بتعزيز آلية العفو الرئاسى التى استنها رئيس الجمهورية خلال حواراته مع الشباب، للإفراج عنهم، خاصة تجاه الشباب الذين لم يتورطوا فى أعمال عنف، لمد جسور الثقة مع جيل المستقبل، ولحمايتهم من التطرف جراء احتجازهم وراء القضبان، وأوصى بإعادة النظر فى قانون الجمعيات الأهلية الجديد لمعالجة بواعث القلق لمؤسسات المجتمع المدنى، باعتبارها شريك فى التنمية، مؤكداً أنه لحين الانتهاء من إعادة النظر فيه، تبرز الحاجة إلى تخفيف القيود التى يتضمنها عبر اللائحة التنفيذية المرتقبة، ومراجعة التدابير المتخذة بحق بعض جماعات حقوق الإنسان، بما فى ذلك القيود على التصرف فى الأموال الخاصة ومنع السفر.

وانتقد التقرير تجاهل مجلس النواب لملاحظات المجلس التى سبق أن أرسلها له بشأن القانون قبل إقراره، لإبداء رأيه فى التشريع بموجب الدستور، إلا أن الإقرار النهائى للقانون جاء متجاهلا الملاحظات التى أبداها المجلس، معتبرا أن القانون يثير مخاوف كبيرة على مستقبل العمل الأهلى فى مصر، وتتجاوز هذه الآثار قضايا حرية الجمعيات إلى المخاوف على انسحاب غالبية نشطاء المجتمع المدنى فى شتى القطاعات، وعلى نحو قد يؤدى إلى إهدار الدور الرئيسى للجمعيات التنموية والخيرية فى مجلات التنمية الاجتماعية، والتى يقدرها الخبراء بنحو 30 إلى 35 % من المسؤولية الاجتماعية فى البلاد.

وذكر أن الدولة عززت جهودها لاقتلاع جذور الإرهاب المتمثلة فى التطرف عبر مبادرات متنوعة لمكافحة الفكر المتطرف وصولا إلى تشكيل المجلس القومى لمكافحة الإرهاب، وقد انعكس ذلك على مسار الحقوق المدنية والسياسية، حيث أُعلنت حالة الطوارئ وجرى تمديدها لفترة إضافية، وتم توسيع نطاق إحالة جرائم الإرهاب إلى المحاكم العسكرية، وتوسيع دائرة الاشتباه وفترات الحبس على ذمة التحقيقات، فضلا عن زيادة قرارات حظر النشر فى العديد من القضايا.

ولاحظ التقرير أن التعديلات على قانون الإجراءات الجنائية جاءت لتنتقص من ضمانات المحاكمة العادلة، ومنها حق طلب شهود النفى ومناقشتهم أمام المحكمة، واعتبر أن تعديل قانون «حالة الطوارئ» بالقانون 12 لسنة 2017، شكل انتقاصا من الحق فى الحرية والأمان الشخصى، وأوضح أنه فى نهاية إبريل 2017، أصدر مجلس النواب القانون رقم 13 لسنة 2017 والذى تضمن تعديلات جزئية على قانون السلطة القضائية فى الجانب المتعلق باختيار رؤساء الهيئات القضائية، على نحو يتيح للرئيس تسمية رؤساء الهيئات القضائية، معتبرا أن هذا التعديل جاء لينتقص من حق كل هيئة فى تسمية رئيسها، واعتبرته مساساً باستقلال القضاء وتغولا للسلطتين التنفيذية والتشريعية

وأكد التقرير أن ضغوط الجرائم الإرهابية شكلت تحديات ذات طابع مزدوج على السلطات، منتقداً تواصل أزمة الحبس الاحتياطى، والتى تزايد معها الاتهامات للأجهزة الأمنية بممارسة الاختفاء القسرى بمعزل عن الضمانات القانونية، وعلى صعيد الحق فى الحياة، ذكر التقرير «أن استمرار الإرهاب يشكل المصدر الرئيسى لانتهاكات الحق فى الحياة، لاسيما أن أخطر الظواهر الإرهابية تتمثل فى استهداف دور عباداتهم ومناطق سكناهم، بهدف التأثير فى اللحمة الوطنية.

وشدد على أنه لا يزال التوسع فى الحبس الاحتياطى يشكل باعثاً رئيسياً على القلق، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية واصلت بداية من يوليو 2016 احتجاز العشرات من المشتبه بهم دون الإفصاح عن أسباب توقيفهم ومكان إيداعهم، وهو ما أدى لتجدد الاتهامات بممارسة جريمة «الاختفاء القسرى» مرة أخرى، بعد أقل من 5 شهور على معالجة القضية، بالتعاون بين المجلس ووزارة الداخلية فى الفترة من ديسمبر 2015 وحتى مارس 2016.

ولفت التقرير إلى أن قانون التظاهر الذى وجه إليه الكثير من الانتقادات كان سبباً مستمراً فى معاقبة المتهمين بمخالفته، وتنامت هذه الظاهرة فى سياق الاحتجاجات التى وقعت خلال إبريل 2016 على صلة باتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، حيث تم احتجاز العشرات فى المسيرات باعتبارها مسيرات غير مرخصة، كما تمت ملاحقة العشرات من الداعين إلى تظاهرات جديدة، واعتقال المزيد خلال مسيرات أخرى.

وبشأن الحق فى المحاكمة العادلة، أكد التقرير أن التعديلات التشريعية فى إبريل 2017 لقانونى الإجراءات الجنائية والسلطة القضائية شكلا باعثاً على القلق، فضلا عن استمرار إحالة المتهمين بجرائم الإرهاب إلى القضاء العسكرى، وصدور أحكام بالإعدام على العشرات من المتهمين بجرائم الحق العام والإرهاب أمام المحاكم المدنية والعسكرية.

ولاحظ التقرير أن الحريات العامة تأثرت بسياق ومكافحة الإرهاب، وتواصلت الضغوط على أداء الإعلام وسط استمرار الحملات والحملات المضادة، وفاقمت أزمة نقابة الصحفيين من المشهد السلبى للحريات الصحفية والنقابية، وتزايدت وتيرة قضايا الحسبة السياسية والدينية وكذا قرارات حظر النشر، مع الاستمرار فى العمل بقانون «التظاهر»، وتفاقمت أزمة جماعات حقوق الإنسان، والنقابات العمالية المستقلة، وعلى صعيد الحق فى التجمع السلمى، ورغم التعديلات الجزئية التى أدخلها مجلس النواب على قانون التظاهر المثير للجدل بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا، فقد استمر العمل بالقانون على نهجه فى تبنى فلسفة تقوم على المنع والتقييد لا الإباحة.

وحذر التقرير من أن تراجع القيمة الشرائية للعملة الوطنية وانخفاضها فى ظل تزايد أزمة النقد الأجنبى قلل بشكل كبير من الأثر الاجتماعى للجهود التى تبذلها الدولة على هذا الصعيد بصورة حادة، واعتبر التقرير أن مصر تراجعت على سلم مدركات الفساد الدولى الذى تعده منظمة الشفافية الدولية الصادر مطلع العام 2017 عن العام 2016، واحتلت المرتبة 108 من بين 176، لعدم اكتراث الدولة فى التفاعل مع الاتهامات الموجهة إليها، كما استمرت معدلات البطالة، خصوصاً فى الدلتا والصعيد.

Leave a Reply