غزوة أحد
غزة أحد كانت رداً من المشركين على خسارتهم في معركة بدر، حيث قاموا بتجميع قرابة الثلاثة آلاف مقاتل، وعندما سمع المسلمون بمكيدة المشركين قاموا بتجهيز أنفسهم ولمّ عدتهم وعتادهم، وخرجوا لملاقاتهم، فالتقوا بوادٍ بين جبل صغير وجبل أحد، وذلك في 15 من شوال من السنة الهجرية الثالثة. وكانت بداية المعركة تصب في مصلحة المسلمين، حيث استطاع الرماة المسلمين الذين يعتلون جبل أحد من إصابة رماة قريش وقتلهم، وعندما رأى المشركون ما حدث ولّوْا هاربين بقيادة خالد بن الوليد، وما كان من أغلب الرماة إلا أن نزلوا من أعلى جبل أحد، لأخذ وجمع الذخيرة والغنائم من المشركين، غير آبهين بنصائح وأوامر الرسول -عليه السلام-، وعندما لاحظ ابن الوليد ما فعله المسلمون قام بالالتفاف بجيشه إلى الجهة الخلفية من جبل أحد ثم اعتلاه، وقام بقتل بقية الرماة المسلمين، وبهذا تغيرت مجريات الغزوة لصالح المشركين.
غزوة خيبر
وقعت هذه الغزوة كردة فعل من الرسول والمسلمين، على نقض يهود خيبر العهد الذي أبرم بينهم وبين الرسول، ومساعيهم لعمل ائتلاف بين قبال المشركين كافة لمقاتلة المسلمين، وكذلك كردة فعل على محاولتهم قتل الرسول بإضافة السمّ له في الطعام. ففي بداية ربيع الأول من السنة السابعة للهجرة، جمع الرسول 1600 مقاتل، وذهب لملاقاة المشركين في منطقة تسمى برجيع، وهذه المنطقة تتوسط غطفان وخيبر، فوصل المسلمون هذه المنطقة في ساعات المساء حيث كان الظلام يعم المكان، وقام المسلمون بمحاصرة جميع حصون خيبر، وتوزعوا بين أشجار النخيل، ومع بزوغ الصباح بدأت المعركة، وكانت حصون خيبر تسقط بصورة متتالية، وآخر حصن سقط على يد القائد علي بن أبي طالب وجيشه. وبعد الخسارة الفادحة التي حلت ببني خيبر، طالب أهلها الرسول برم صلح جديد معهم، وينص الصلح على بقائهم في ديارهم مقابل تقديمهم نصف محصولهم السنوي للمسلمين، فوافق الرسول على اتفاقية الصلح.
أشهر سرايا الرسول
سرية قتل كعب بن الأشرف
عُرف عن كعب بن الأشرف أنّه كان شديد الأذى للنبي – صلّى الله عليه وسلّم – حيث كان يهوديّاً وأمّه من بني النّضير، وكان يذكر نساء الصّحابة في أشعاره، وفي وقت موقعة بدر ذهب إلى مكّة، وكان يؤلّب الكفّار على النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – وعلى المؤمنين، ثمّ عاد إلى المدينة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” من لكعب بن الأشرف، فإنّه قد آذى الله ورسوله “، فانتدب له محمد بن مسلمة، وعبّاد بن بشر، وأبو نائلة، واسمه سلكان بن سلامة، وهو أخو كعب من الرّضاع، والحارث بن أوس، وأبو عيسى بن جبر، وقد أذن لهم رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – أن يقولوا ما شاؤوا من كلام يخدعونه به. فذهبوا إليه وكانت ليلةً مقمرةً، وقد شيّعهم رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – إلى بقيع الفرقد، فلما انتهوا إليه، قدّموا سلكان بن سلامة إليه؛ وأخبرهم بموافقته على الإنحراف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وشكا إليه ضيق الحال، ثمّ أراد أن يبيعه وأصحابه طعاماً، ويعطوه سلاحهم رهناً مقابل ذلك، فوافقهم إلى ذلك. ثمّ رجع سلكان إلى أصحابه، فأخبرهم بما حصل معه، فأتوه، ثمّ خرج إليهم من حصنه، وتمشّوا، ثمّ وضعوا سيوفهم عليه، ووضع محمد بن مسلمة مغولاً كان معه في ثنّته فقتله، وصاح كعب بن الأشرف صيحةً شديدةً، قامت بإفزاع من حوله، ثمّ أوقدوا النّيران، وعاد الوفد حتّى رجعوا إلى رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – من آخر الليل، وقد كان قائماً يصلي، وكان الحارث ابن أوس قد جرح ببعض سيوف أصحابه، فتفل عليه النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – فبرىء، ثمّ أذن رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – في قتل من وجد من اليهود، زذلك لنقضهم عهده، ومحاربتهم لله ولرسوله.
سرية أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي
بعث النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – سريّة أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي إلى قطن، وهذا جبل يقع بناحية فايد، وفيه مياه لبني أسد بن خزيمة، وكان ذلك في سنة خمسة وثلاثين شهراً من الهجرة. وكان سبب هذه السّرية أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – بلغه أنّ طليحة وسلمة ابني خويلد قد صارا في قومهما، وأنّ من أطاعهما فإنّهما يدعوانه إلى حرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقام رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – بدعوة أبي سلمة، ثمّ عقد له لواءً، وأرسل معه مائةً وخمسين رجلاً من المهاجرين والأنصار، ثمّ قال:” سر حتى تنزل أرض بني أسد، فأغر عليهم قبل أن تلاقي عليك جموعهم “، فخرج أبو سلمة وأسرع، وسبق الأخبار، ثمّ وصل إلى أدنى قطن، فأغار على صرح لهم فضمّوه، وأخذوا ثلاثة رعاء لهم مماليك، ثمّ أفلت سائرهم، فرجعوا إلى قومهم ليحذّروهم، فتفرّقوا في كلّ جهة، وفرّق أبو سلمة أصحابه في ثلاث فرق، يطلبون النّعم والشّياه، فرجعوا سالمين، وقد أصابوا إبلاً وشياهً، ولم يلقوا أحداً في طريقهم، فرجع أبو سلمة بكلّ ذلك إلى المدينة.
سرية عبد الله بن أنيس
بعث النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – سرية عبد الله بن أنيس إلى سفيان بن خالد بن نبيح الهزلي بعرنة، وقد خرجت هذه السّرية من المدينة في يوم الإثنين، الموافق لخمس ليال مضت من شهر المحرّم، في بداية سنة خمسة وثلاثين شهراً من الهجرة.
وقد كان سبب هذا السّرية أنّه قد بلغ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – أنّ سفيان بن خالد الهزلي قد جمع النّأس لقتال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأرسل إليه النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – عبد الله بن أنيس ليقتله، فقال عبد الله للنبي صلّى الله عليه وسلّم:” صفه لي يا رسول الله، قال: إذا رأيته هبته، وفرقت منه وذكرت الشّيطان. قال: وكنت لا أهاب الرّجال، واستأذنت رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – أن أقول، فأذن لي، فأخذت سيفي وخرجت أعتزي لخزاعة، حتّى إذا كنت ببطن عرنة لقيته يمشي ووراءه الأحابيش، ومن انضوى إليه، فعرفته بنعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهبته، فرأيتني أقطر، فقلت صدق الله ورسوله، فقال: من الرّجل؟ فقلت: رجل من خزاعة، سمعت بجمعك لمحمّد فجئت لأكون معك قال: أجل إنّي لأجمع له، فمشيت معه، وحدّثته، واستحلى حديثي، حتّى انتهى إلى خبائه وتفرّق عنه أصحابه، حتّى إذا هدأ النّاس وناموا، اغتررته فقتلته، وأخذت رأسه، ثمّ دخلت غاراً في الجبل، وضربت العنكبوت عليّ، وجاء الطلب فلم يجدوا شيئاً، فانصرفوا راجعين.
ثمّ خرجت فكنت أسير الليل، وأتوارى بالنّهار حتى قدمت المدينة، فوجدت رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – في المسجد، فلمّا رآني قال: أفلح الوجه، قلت: أفلح وجهك يا رسول الله، فوضعت رأسه بين يديه، وأخبرته خبري، فدفع إليّ عصا، وقال: تحضر بهذه في الجنّة، فكانت عنده، فلما حضرته الوفاة أوصى أهله أن يدرجوها في كفنه ففعلوا “، وقد غاب عبد الله ثماني عشرة ليلةً.