كشف مجدي شاكر، كبير الأثاريين بوزارة الأثار عن أن رحلة العائلة المقدسة في مصر تتضمن حوالي 25 مسارا تمتد لمسافة ٢٠٠٠ كيلومتر من سيناء حتى الصعيد.
وقال «شاكر» في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم»، إن العائلة لم تستقر فى مكان واحد لذا يوجد العديد من الأديرة والكنائس، وذلك موثق من خلال المصادر الدينية والمخطوطات النادرة فى الأديرة والكنائس، مضيفًا: «تراوحت الرحلة من أسبوع أو بضعة أيام في بعض المدن، وفي أخرى استقرت شهرا وأطول مدة فى جبل قسقام وامتدت 185 يوما».
وأضاف: «بعد أن أمر الله العذراء بأن تهرب بوليدها من بطش هيردوس متجهة لمصر، كان هناك 3 طرق تجارية وحربية معروفة يمكن أن يسلكها المسافر فى ذاك الوقت، فتجنبت الطرق المعروفة واختارت طرقا مجهولة، وبدأت الرحلة التى انقسمت لثلاث مراحل».
وأوضع: «الأولى تضمنت العريش والفرما وتل بسطا ومسطرد وبلبيس وسمنود وسخا ووادى النطرون»، مضيفا: «بدأت الرحلة من مدنية رفح ثم العريش ثم الفرما، وكانت محطة العائلة المقدسة الأخيرة فى سيناء، وكانت مكانا هاما للرهبنة، ثم اتجهت للقنطرة وكان يحكم مصر جانيس توانيوس الحاكم الرومانى، ثم وصلت قرب الإسماعيلية حيث تفجر نبع ماء ثم اتجهوا غربا لوادى الطميلات، ووصلوا لمدنية هيرون بوليس قرب أبوصير».
وتابع «شاكر»: «ثم القصاصين ثم لقنتير (بر رمسيس القديمة حيث أمضوا به 3 أيام، وغادروها لصفط الحنا لليلة واحدة فى ضيافة احد المواطنين، ثم اتجهوا إلى تل بسطا، حيث دمرت تماثيلها ونبع بئر ماء بها بعد رفض أهلها أعطاء ماء للعذراء، فرسم المسيح بيده على الأرض فنبع البئر وبنيت كنيسة ثم اتجهوا لبلبيس، حيث استراحوا تحت شجرة جميز ظل الناس يحجون لها حتى عام ١٨٥٠، ثم تم قطعها وبنى مكانها مسجد عثمان بن الأنصارى وزارها نابليون».
وواصل: «ثم اتجهوا لمحافظة الغربية حيث مدينة سمنود واستراحوا بها تحت شجرة جميز بنى مكانها كنيسة للعذراء والشهيد أبانوب فى القرن الرابع الميلادى، وبها بئر ماء بجواره ماجور قيل أن العذراء عجنت فيه الخبز، ثم كنيسة باسم القديس انبوب البهنسى يحج إليها سنويا 31 يوليو احتفالا بمولده،ثم اتجهوا لقرية سخا وبنى مكانها كنيسة ويحج لها سنويا يوم 22مايو،ثم عبروا النيل غربا عند دسوق واتجهوا جنوبا لمحافظة البحيرة،حتى وصلوا طرانة قرب الخطاطبة ثم وادى النطرون فى منطقة برية شيهيت،حيث أقيم به 500دير تبقى منهم أربعة هي القديس أبو مقار والأنبا بيشوى والسريان والبراموس، ثم عبروا النيل جنوبا حتى وصلوا القناطر الخيرية. وأوضح شاكر: المرحلة الثانية تضمنت أون (هليوبوليس) المطرية وعين شمس،وكان يسكنها الفين من اليهود واستراحت العائلة تحت شجرة جميز وهناك شهدت معجزة أن أخذ المسيح العصا التى كان يتوكأ عليها يوسف النجار وكسرها قطعا،وغرسها ووضع يده فى الأرض فنبع الماء وخرج نبات البلسان الذى يستخرج منه زيت البلسم ذو رائحة ذكية، ومازالت بقايا البئر والشجرة هناك داخل متحف مفتوح باسم متحف شجرة مريم، وهناك توجد بقايا الشجرة وعليها أسماء لجنود الحملة الفرنسية الذي سجلوها بعد شفائهم من مرض الرمد الصديدى، عقب غسل وجههم من ماء البئر، وكذلك يوجد المزود الذى غسلت فيه السيد المسيح،ثم اتجهت العائلة حيث باب زويلة وكنيسة العذراء وبها بئر ماء ويحتفل بعيد كبير20يونيو، ثم اتجهوا لأبواب بابليون (مصر القديمة) حيث كنيسة أبى سرجة الأثرية المعروفة باسم الشهيدين سرجيوس وواخيس، ثم ركبت مركب نيلى للمعادى حيث كنيسة العذراء بها».
وقال «شاكر»: «المرحلة الثالثة بدأت عندما ركبوا المركب للوجه القبلى، حيث بدأوا بمدنية منف ثم البهنسا وبها دير الجرنوس وكنسية مريم وبها بئر، ثم إلى جبل الطير وهو من أهم محطات العائلة بعد أبى سرجة والمحرق،حيث أسس دير العذراء بجوار جبل الكف وهى كنيسة نحتت فى الصخر، ويقام هناك أحتفال يحضره الآلاف، وهناك حدثت معجزة منع المسيح صخرة كانت ستسقط منه، ثم الأشمونين واتجهوا لديروط بأسيوط فالقوصية فدير المحرق عند جبل قسقام وهو أهم محطات العائلة، حيث قضوا بها ستة أشهر وعشرة أيام واسسوا أول كنيسة فى مصر والعالم، والآن بها دير العذراء وبقايا الكنيسة الأثرية ثم أنتهت الرحلة فى جبل درنكة وبه مغارة منحوته فى الجبل،وهى آخر المحطات للعائلة، حيث ظهر الملاك ليوسف النجار وأمره بالعودة لفلسطين».
وأضاف: «استمرت الرحلة عامين وستة أشهر وعشرة أيام وعادت العائلة من القوصية للمعادى بالنيل ثم لحصن بابليون حيث كهف أسفل كنيسة ابوسرجة، ثم شمالا لمسطرد ثم لبلبيس ثم القنطرة ثم لفلسطين مرورا بغزة واخيرا استقروا فى الناصرة، وكل الأماكن التى استقروا بها أقيمت عليها فيما بعد أثار سواء أديرة أم كنائس، وتعتبر مناطق جذب سياحي، وهذا المسار تاريخى ويجب أن يضم للتراث العالمى في اليونسكو، خاصة أنه يضم كثيرا من الأديرة والكنائس القديمة وآبار المياة ومخطوطات وايقونات هامة».