لاتزال دقائق مواجهة قائد الوحدة العسكرية التى التحق فيها جاد الله نصيف، خلال حرب أكتوبر، مع جنوده من سلاح المهندسين، بمنطقة قناة السويس، وإعلانه لهم أن سبب تواجدهم هو الاستعداد لحرب مع العدو الإسرائيلى، حاضرة فى ذاكرة الرجل، الذى يقترب من عقده السبعينى، فلم يعجز ذهنه عن نسيان كافة تفاصيل وقائع الحرب، لكونها محفورة فيه، ويستعيدها دوماً فى أحاديثه مع أحفاده.
تمثلت مهام جاد الله مع جنوده، المُكلفين بها من جانب قائدهم أحمد حلمى، فى تحطيم الساتر الترابى، بواسطة ماكينات المياه، التى تسحب المياه من القناة وتصل بها لارتفاع أكثر من 20 مترا، بزوايا ميل مُحددة، قبل أن يستخدموها فى تفكيك الساتر، الذى حصن به العدو نفسه.
يقول جاد الله: «تحركنا من الكتيبة الرئيسية بالهرم إلى القناطر الخيرية، وتدربنا هناك على هذه المهام، تحت إشراف القائد (أحمد حلمى)، قائد السرب، قبل أن نصل للسويس بعد ذلك، ونقوم بحفر حفر وخنادق، بعدما أذاعوا أن هذه التدريبات ضمن مشروع حرب، تُشارك فيه الكتيبة».
يستكمل جاد الله، الذى يقطن وأسرته فى منزلهم بقرية جراجوص، بمحافظة قنا، أن مواجهة قادتنا للجنود بأننا لسنا فى مشروع حرب، وأن هذه التدريبات تمهيد للدخول فى حرب، ووقتها أبلغنا القادة أن الجميع ينبغى أن يفطر، ووزعوا علينا علب تعيين قتال سريعة، قبل أن ننزل ميدان المعركة، تناولها الجنود الأقباط، وعدد قليل من الجنود المسلمين، ثم بدأ القادة فى توجيهنا، ببيان نقاط تمركزنا، لإنجاز مهمتنا على أتم وجه».
«متقولش إيه أديتنا مصر.. قول هاندى إيه لمصر».. يستخدم «جاد الله »هذا المقطع من الأغنية الوطنية كواقع لحاله، فهو حارب من أجل نصرة جيشه، دون أى اعتبارات مادية، وخرج مصاباً دون الحديث عن أى معاشات استثنائية، تُعينه على مواجهة مشقات الحياة، واكتفى طيلة هذه السنوات بذكريات ووقائع، يصفها بـ«أنها المكسب الوحيد والخالد لى ولأحفادى من بعدى».
خلال مرور «جاد الله» بإحدى دوريات تأمين نقطة تمركزه، تعرض لإصابة بشظية من ناحية تمركز قوات العدو، اقتحمت صدره، والتى نُقل على أثرها لمستشفى المعادى العسكرى، قبل أن ينتقل لمستشفى حلوان، ويقبع فيه 22 يوما، ليستكمل مرحلة علاجه داخل مركز تجميع المصابين، ويعود بعد ذلك لكتيبته بعد انتهاء الحرب.
لا ينال «جاد الله» معاشاً من القوات المُسلحة، على الرغم من تعرضه لإصابة خلال فترة الحرب، التى شارك فيها ضمن سلاح «المهندسين»، وهو الأمر الذى يُزيد من أعبائه، ويجعله غير قادر على التكفل بمصاريف نفقات علاجه الكبيرة شهرياً، لكونه مُصاباً بمجموعة أمراض كالسُكر والجلطة، فضلاً عن مُعاناته الدائمة من خشونة فى مفاصل قدميه، وعدم قدرته على تحمل أدوية العلاج.