كان كل شيء هادىء في إسرائيل عشية 6 أكتوبر 1973، افتراضات أساسية لدى تل أبيب تؤكد أن الحرب لن تكون في أكتوبر، المصريون لن يعبروا قناة السويس، قبل أن تأتي الصدمة: «عبر الجيش المصري القناة».
شهادات عدة في إسرائيل ومصر عن حرب أكتوبر، لكن هناك روايات أكثر أهمية، من بينها شهادة جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل وقت الحرب.
الهزيمة على يد الجيش المصري من بين الموضوعات التي تخشى «مائير» الحديث فيها: «ليس أشق على نفسي في الكتابة من بين كل الموضوعات التي كتبت وتحدثت عنها قدّر الكتابة عن حرب أكتوبر». الهزيمة في نظرها «كارثة ساحقة. كابوس عاشته بنفسها، وسيظل باقيا معها طوال حياتها».
لم تكن الصدمة في إسرائيل، وفق «مائير» في طريقة الحرب بقدر ما أثبتت أن عدد من الافتراضات الأسياسية ثبت خطؤها، كاحتمال الهجوم في أكتوبر ضئيل، واعتقاد وصول إنذار كافي قبل الهجوم، وعدم قدرة المصريين على عبور قناة السويس.
تقول «مائير»، إنه من بين أسباب الهزيمة، التوقيت، حيث في يوم الغفران، أكثر أيام التقويم اليهودي خشوعاً وقداسة، ويمتنع فيه اليهود عن الطعام والشراب، ويقضون أوقاتهم في المعبد للصلاة والاستغفار عن الخطايا التي ارتكبوها طيلة العام.
في يوم الغفران، الحياة في إسرائيل تتوقف، لا صحافة أو تليفزيون أو إذاعة أو عمل أو مطاعم، بجانب أن معظم جنود الجيش في إجازة يقضون العيد مع عائلاتهم، هذا سبب يكفي للهزيمة في رأي «مائير».
تقرير تلقته رئيسة الوزراء يوم 5 أكتوبر، أثار مخاوفها، حيث عائلات المستشارين الروس في سوريا يحزمون أمتعتهم للرحيل، قبل أن يضرب الطيران المصري مواقع هامة.
اندلعت الحرب بين الجيشين المصري والإسرائيلي، والخسائر فادحة في صفوف الإسرائيليين.
تقول «مائير»: «في أحلك أيام الحرب والخسائر التي وقعت، لم نفقد إيماننا بالجيش».
في اليوم التالي للحرب، طلب وزير الدفاع الإسرائيلي الانسحاب الجذري، لكن «مائير» رفضت وطلبت اجتماع عاجل للحكومة، وحصلت على موافقة بالاستمرار، وشن هجوم مضاد، بالتزامن مع طلب أسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي وصلت يوم 14 أكتوبر.
استمرت الحرب، وعاشت «مائير»، وفق ما تقول في مذكراتها «اعترافات جوالد مائير»، في خوف وفزع، إلى أن انتهت الحرب، وبدأت مفاوضات السلام.