هكذا كانت مانشيتات الصحف الأمريكية والبريطانية خلال حرب أكتوبر (تقرير)- شبكة سبح الاخبارية

حرب أكتوبر

حرب أكتوبر


تصوير :
المصري اليوم

اتسمت تغطية صحيفتى «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» الأمريكيتين لحرب أكتوبر 1973، بالارتباك في البداية، ثم طغى عليهما التحيز للجانب الإسرائيلى في الأيام التالية، وظهر ذلك في مانشيتات الأخبار التي أعطت الأفضلية للسرد الإسرائيلى عن سير المعارك، والالتزام بتناول صور الحرب من الجانب الإسرائيلى، وتجنب نشر صور الخسائر الإسرائيلية، كما تحولت التغطية بعد إعلان إسرائيل الانسحاب من الضفة الشرقية لقناة السويس من حرب إقليمية إلى صراع أمريكى- سوفيتى حتى إعلان وقف إطلاق النار.

ومع ذكرى انتصار أكتوبر، تقرأ «المصرى اليوم» مانشيتات صحيفتى «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» وتحلل الصورة من العبور حتى الهدنة وبداية المفاوضات بين مصر وإسرائيل.

حرب أكتوبر

جاء المانشيت الرئيسى لصحيفة «نيويورك تايمز»، يوم 7 أكتوبر، «العرب والإسرائيليون يتقاتلان على جبهتين، والمصريون يعبرون قناة السويس، ومعارك جوية مكثفة»، وصاحب هذا المانشيت صورة لأحد جنود الاحتياط الإسرائيليين يحمل بيادته على كتفه بعدما استدعاه الجيش، كما جاء مانشيت صحيفة «واشنطن بوست» في نفس اليوم قريبا من «نيويورك تايمز» «العرب والإسرائيليون يتقاتلان على جبهتين» وعنوان جانبى «المصريون يعبرون القناة»، مصحوبا بصورة لدبابة إسرائيلية تقترب من الحدود السورية، وفى الخلفية تحلق طائرة إسرائيلية من طراز «فانتوم»، فيما غابت صور عبور الجنود المصريين قناة السويس واقتحام خط بارليف.

ونقلت الصحيفتان مناشدات الولايات المتحدة للجانبين المصرى والإسرائيلى بوقف القتال، وذكرت «نيويورك تايمز» أن وزير الخارجية الأمريكى آنذاك، هنرى كيسنجر، أجرى مكالمات هاتفية مع وزيرى الخارجية الإسرائيلى والمصرى، لمنع «تطور المعركة»، مشيرة إلى أن «كيسنجر» أجرى اتصالات روتينية مع الجانبين قبل اندلاع الحرب بيومين «بدون أن يعلم بأن قتالا سيشتعل».

وظهر ارتباك الإعلام الأمريكى في تقدير حجم ما يجرى على الأرض، ومقدار الخسائر الإسرائيلية بعرض تصريح عن وزير الدفاع الإسرائيلى آنذاك، موشى ديان، يصف فيها العملية العسكرية المصرية بـ«حرب شاملة»، ورفض الجيش الإسرائيلى التعليق على حجم الخسائر الإسرائيلية أول أيام الحرب.

وبسبب تضارب التقارير الإسرائيلية مع المصرية، اضطرت «واشنطن بوست» إلى تأكيد أنباء عبور الجيش المصرى من مراقبى الأمم المتحدة، كمصدر ثالث محايد، والذى صدق على الأخبار المصرية بالعبور إلى الضفة الشرقية للقناة من 5 نقاط على طول قناة السويس.

حرب أكتوبر

ونقلت الصحيفتان بيانات متناقضة من الجانبين، ثانى أيام الحرب، بتاريخ 8 أكتوبر، إذ قال مراسل «نيويورك تايمز» في القدس، إن الجيش الإسرائيلى أوقف تقدم القوات المصرية والسورية على جبهات القتال، واختراق الطيران الإسرائيلى للمجالين الجويين المصرى والسورى، وتحليق طائرات «فانتوم» فوق القاهرة بدون اعتراض من سلاح الجو المصرى.

بينما ذكر مراسل الصحيفة في القاهرة استمرار تقدم القوات المصرية على الضفة الشرقية من قناة السويس رغم «المحاولات الإسرائيلية العقيمة» لإيقاف الجيش المصرى.

الأمر نفسه في صحيفة «واشنطن بوست» والتى رأى مراسلها في القاهرة أن «العرب يحاربون للانتصار»، بينما قال مراسل الصحيفة بتل أبيب إن «إسرائيل أضعفت الهجوم العربى».

حرب أكتوبر

وفى محاولة لإضفاء جانب إنسانى على الإسرائيليين، نشرت «واشنطن بوست» على صفحتها الأولى صورة للرئيس الراحل محمد أنور السادات، بالزى العسكرى، والفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس الأركان أثناء متابعة العمليات، بجانب صورة لطفل إسرائيلى داخل ملجأ.

وظهرت «واشنطن بوست» أكثر توازنا بمانشيت عريض «إسرائيل تدعى السيطرة الجوية الكاملة»، وفى عنوان جانبى «مصر تقول إن قواتها تتدفق عبر قناة السويس، وتزايد وتيرة المعارك» مصحوبة بصور مظاهرات العرب، ومؤيدى الدولة العبرية أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك.

ونقلت عن الجانب الإسرائيلى في 9 أكتوبر، «تغير مجرى المعارك» لصالح الدولة العبرية، وبالاستمرار في إبراز الرواية الإسرائيلية، ونشر الرواية المصرية من خلال تقارير المراسلين، فجاء العنوان الرئيسى للصحيفة «إسرائيل تهاجم»، مع صورة من الجبهة المصرية لجنود مصريين جالسين فوق دبابة على الضفة الشرقية، وفى الخلفية جسر العبور، ومكتوب تحت الصورة «الجسور التي يدعى الإسرائيليون تدميرها»، وشمل هذا العدد تقريرا مفاده أن هذه الحرب تكبد إسرائيل الكثير من الخسائر.

حرب أكتوبر

ونشرت في تغطيتها لرابع أيام الحرب، بتاريخ 10 أكتوبر، اعتراف الدولة العبرية بـ«هجر» معظم أماكن تمركزها على خط «بارليف»، بجانب تحذير الحكومة الإسرائيلية لمواطنيها «بحرب طويلة قادمة»، وحتى تلك اللحظة، لم تخرج صور لآثار التدمير والخسائر على الجانب الإسرائيلى، واكتفت الصحيفة بصورة لقوات الدفاع المدنى السورى بدمشق، وفى خلفيتها بيوت مهدمة من آثار القصف الإسرائيلى.

حرب أكتوبر

وبعد الاعتراف الإسرائيلى العلنى بالهزيمة، أعلنت الصحيفتان في اليوم التالى بتاريخ 11 أكتوبر، دخول الصراع «مرحلة جديدة» لتتحول تغطية المعارك في سيناء من حرب إقليمية إلى صراع بين القوتين العظميين آنذاك، بإبراز دور الاتحاد السوفيتى السابق في الحرب بعناوين مثل «الولايات المتحدة تعتقد أن موسكو تقدم دعما جويا للعرب»، بعدما أصبحت الخسائر الإسرائيلية واضحة. وخلال الفترة من 11 إلى 14 أكتوبر، اختفت صور الحرب من على الصفحات الأولى، مقابل إبراز تحذيرات كيسنجر، والساسة الأمريكيين بأن الحرب العربية- الإسرائيلية «ستؤثر بالسلب على الاستقرار الدولى»، بعد تدخل القوى العظمى فيها.

حرب أكتوبر

وسرعان ما عادت حرب سيناء، يوم 15 أكتوبر، تتصدر المشهد مع إعلان نية الولايات المتحدة التدخل لمساعدة إسرائيل، وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى مطالبات سيناتور أمريكى الحكومة بتوفير دعم عسكرى عاجل للجيش الإسرائيلى يشمل مقاتلات «فانتوم» لتحل محل ما دمرته الحرب، مع مانشيت «محاولات مصر لاختراق قناة السويس تستمر» مبرزة المكاسب المصرية على أرض المعركة.

حرب أكتوبر

وإعلان الولايات المتحدة دخول الصراع بشكل رسمى جاء في اليوم التالى، في 16 أكتوبر، متزامنا مع معارك «ثغرة الدفرسوار»، فكان عنوان «نيويورك تايمز» الرئيسى «الولايات المتحدة تقدم الدعم للجيش الإسرائيلى لتوازن الدعم السوفيتى للعرب» مع صورة لجندى مشاة إسرائيلى جالس في محاولة للراحة على الجبهة السورية، وظهر أول خبر عن تهديد السعودية باستخدام سلاح النفط إذا دعمت واشنطن الدولة العبرية.

وأبرزت «نيويورك تايمز» تغطيتها في 20 أكتوبر، زيارة كيسنجر، والتى تمت بشكل مفاجئ إلى موسكو لمناقشة «طرق إنهاء الحرب العربية-الإسرائيلية» بعد يوم واحد من عودة رئيس حكومة الاتحاد السوفيتى من القاهرة، قابل خلالها السادات لمناقشة تسوية للحرب، وبعد هذه الزيارة بثلاث أيام، في 23 أكتوبر 1973، تداولت الصحف الأمريكية أخبار الوصول إلى «هدنة»، فجاء عنوان «واشنطن بوست» الرئيسى «بدء هدنة صعبة في الشرق الأوسط»، وبعنوان فرعى «مصر وإسرائيل يقبلان الهدنة بدون فرحة» مع صورة لكيسنجر يلوح بابتسامة كبيرة لدى صوله تل أبيب، وعلى يساره وزير الخارجية الإسرائيلى حينها، أبا إبان.

وأبرز مانشيت «نيويورك تايمز» استمرار الجبهة السورية في القتال وصورة لكيسنجر المبتسم بجانب وزير الخارجية الإسرائيلى.

وباهتمام لم يقل عن نظيرتها الأمريكية، خصصت الصحف البريطانية تغطية خاصة في طبعاتها لمتابعة أخبار الحرب، للكنها كانت تسلط الضء على الخسائر التي لحقت بالجيش الإسرائيلي على عكس ما كان متوقعا في ذلك الوقت. وفي 7 أكتوبر، ذكرت صحيفة «تليجراف» البريطانية: «لقد غيرت حرب اكتوبر مجرى التاريخ بالنسبة لمصر وبالنسبة للشرق الاوسط بأسره، وذلك عندما عبر الجيش المصري قناة السويس ليقتحم خط بارليف»، وكشفت الصحيفة نفسها في 12 أكتوبر أن هذا الانتصار العربي على إسرائيل «محى شعور الهوان عند العرب الذين جرحوا كرامة إسرائيل».

حرب أكتوبر

وفي 11 أكتوبر، علقت صحيفة «فينانشال تايمز» البريطانية، على الأسطورة الزائفة لقوة إسرائيل، قائلة: «لقد اتضح أن القوات الإسرائيلية ليست مكونة كما كانوا يحسبون من رجال لا يقهرون، إن الثقة الإسرائيليّة بعد عام 1967 قد بلغت الغطرسة الكريهة التي لا تميل إلى الحلول الوسط، وهذه الغطرسة قد تبخرت في حرب أكتوبر، وذلك يتضح من التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الاسرائيليين بمن فيهم موشي ديان نفسه».

حرب أكتوبر

وسارت «ديلي ميل» البريطانية، على نفس نهج «فاينانشيال تايمز»، قائلة في 12 أكتوبر: «إن الاسبوع الماضي كان أسبوع تأديب وتعذيب لاسرائيل، ومن الواضح أن الجيوش العربية تقاتل بقوة وشجاعة وعزم».

وأضافت: «واضح أن العرب يقاتلون ببسالة ليس لها مثيل، ومن المؤكد أن عنف قتالهم له دور كبير في انتصاراتهم، وفي نفس الوقت ينتاب الاسرائيليون إحساس عام بالاكتئاب لدى اكتشافهم الأليم الذي كلفهم كثيراً، إن المصريين والسوريين ليسوا في الحقيقة جنوداً لا حول لهم ولا قوة، خاصة مع الدلائل التي كشفت أن الاسرائيليين كانوا يتقهقرون على طول الخط أمام القوات المصرية والسورية المتقدمة».

Leave a Reply