مقاتل بـ«الصاعقة» يروي تفاصيل أسر «شارون» وموقف مؤثر لسعد الدين الشاذلي- شبكة سبح الاخبارية

«المصري اليوم» تلتقي عبد الرحمن صادق عبد الغني أحد أبطال حرب اكتوبر 1973

«المصري اليوم» تلتقي عبد الرحمن صادق عبد الغني أحد أبطال حرب اكتوبر 1973


تصوير :
محمد حكيم

«كان يومًا عاديا مثله مثل باقي أيام التدريبات التي اعتدنا عليها منذ 1972، فقد أخبرنا كمقاتلين بالصاعقة يوم 6 أكتوبر 1973 بأننا سنذهب للتدريب على العبور من موقع كتيبتنا في الإسكندرية إلى السويس»، بهذه الكلمات بدأ عبد الرحمن صادق عبد الغنى، أحد مقاتلي سلاح الصاعقة في حرب أكتوبر 1973، حديثه مع «المصري اليوم» والذي كشف فيه عن تفاصيل هامة منها مشاركته في أسر «شارون»، لافتًا إلى أن أسره لم يدم طويلاً بسبب الغارات المكثفة من العدو على المنطقة بالتزامن مع محاولة ترحيله، وتمكن من الفرار مصابًا.

«المصري اليوم» تلتقي عبد الرحمن صادق عبد الغني أحد أبطال حرب اكتوبر 1973

ويحضر عبدالرحمن صادق، روح أكتوبر التي كانت لدي قيادات الجيش قبل الحرب، بموقف مع الفريق سعد الدين الشاذلي، الذي فاجأ موقع تدريبه في الإسكندرية بعدما ضلت مركبة برمائية بما تحمله من مجندين في عرض البحر أثناء التدريب على عبور الموانع المائية، وتم تتبع المركبة بسلاح الطيران وإعادتها، ويقول «عبد الغني»: «ما أدهشنا هبوط أحد قيادات الجيش بطائرة في موقع تدريبنا لنفاجأ بأنه الفريق سعد الدين الشاذلي شخصيا، وكان غاضبا جدا وعنف الضباط، مشدداً على أن سلامة الجنود أول الاعتبارات».

وتابع: «الموقف الثاني عندما وقعت مشادة بين جندي وضابط برتبة ليست صغيرة شكا زملاء الجندي وحضر ضابط برتبة كبيرة للتحقيق وقال للجنود لماذا لم تتظلموا من قبل، فأجابوا: «كنا خائفين»، فقال الضابط الكبير بصوت مرتفع: «مفيش حاجة اسمها خايفين ومفيش حاجة تخيف جندي أمال هاتقابل العدو إزاي .. انسوا كلمة خوف، ثم بحث مظلمتهم».

وأكد «عبدالغني»، أنه وكتيبته 603، وكتيبه 602 بقيادة الشهيد البطل إبراهيم عبدالتواب، أول من سيطروا على خط بارليف كاملا، والعبور للضفة الشرقية، ثم أسر العشرات من قوات الجيش الإسرائيلي فى منطقة كبريت.

وأضاف: «مع ساعة الصفر يوم 6 أكتوبر 73 عبرت كتيبتنا بقيادة البطل الشهيد إبراهيم عبدالتواب، لتقتحم البحيرات المرة الصغرى بنجاح تام وفي فترة زمنية صغيرة للغاية، بفضل التوجيه المميز للقائد، حتى وصلت الكتيبة إلى البر الشرقي للبحيرات وبدأت تنفيذ الشق الثاني من المهمة وهو السيطرة على ممر (متلا)، رغم العقبات التي واجهت الكتيبة وشراسة العدو الذي حاول الدفاع باستماتة للاحتفاظ باستراتيجية المكان، إلا أن إيمان الأبطال ورغبتهم في استعادة كرامة مصر حولتهم إلى أسود مرعبة فرت من أمامها مدرعات العدو ودباباته وكبدوا العدو الإسرائيلي خسائر هائلة في الأرواح والمعدات».

وتابع «عبدالغني»: « ثم جاءت اللحظات الحاسمة عندما صدرت الأوامر بمهاجمة كتيبة 603 و602 النقطة الحصينة شرق (كبريت) والاستيلاء عليها، وأسرعوا بالتحرك نحو نقطة (كبريت) واعتمدت خطة البطل إبراهيم عبد التواب، على استغلال نيران المدفعية والدبابات لاقتحام النقطة الحصينة من اتجاهي الشرق والجنوب بقوة سرية مشاة، في نفس الوقت الذي تقوم باقى وحدات الكتيبة بعملية عزل وحصار من جميع الجهات لمنع تدخل احتياطي العدو الإسرائيلي».

وقال «عبد الغني»، البالغ من العمر 68 عاما، ابن قرية زهرة بمحافظة المنيا، إنهم استقلوا الدبابات البرمائية فور وصولهم السويس، وكانت حوالي الواحدة والثلث ظهراً.

«المصري اليوم» تلتقي عبد الرحمن صادق عبد الغني أحد أبطال حرب اكتوبر 1973

وأضاف: «فوجئنا أنها الحرب، فغطسنا 5 أمتار ثم طفونا ثم عبرنا وسط النيران، فكنا كل عدة أمتار نتجاوز الضربات المتلاحقة ونأسر جنودا إسرائيليين أو نقتلهم».

وتابع «عبد الغني»، الذي التحق بالجيش عام 1970 بعدما أنهى دراسته بالمعلمين وعين معلمًا، أن عبور قوات الصاعقة باتجاه الضفة الشرقية كان عن طريق سيارات برمائية، وكان عبورهم تمهيدا لقوات المشاة.

ويسترجع «عبد الغني» ذكريات حرب التحرير قائلا: «بعد مرور 10 أيام على اندلاع الحرب، انطلقت القوات باتجاه منطقة كبريت، وكانت مهمتنا هي اقتحام البحيرات المرة الصغرى تحت تغطية من نيران المدفعية والقصف الجوى للطائرات المقاتلة ونجحت قواتنا في تطهيرها من جنود الاحتلال الإسرائيلي، وأسر العشرات منهم، ثم تمركزت قوات الصاعقة المصرية بتلك النقطة».

ويكمل: «ظللنا أيامًا نبدأ يومنا مع آخر ضوء ونعود لمقر كتيبتنا مع أول ضوء، كنا نذهب لتدمير أهداف محددة للتصدي لتحركات العدو، وبرفقتنا كاشف عن مناطق الألغام وآخر من سلاح الإشارة».

وقال «عبدالغني»: «كانت تعليمات قائدنا الشهيد البطل إبراهيم عبد التواب، أنه لو طلع علينا ضوء النهار فلا نعود لمقر كتيبتنا حتى لا ينكشف مقر الكتيبة للعدو، وظللنا على هذا الوضع نحقق نجاحات بتدمير دبابات ومناطق للعدو، حتى يوم 20 أكتوبر».

وأضاف: «يوم 20 أكتوبر، ونحن في مقر كتيبتنا بمنطقة كبريت أثناء النهار، حاولت سيارة إسرائيلية الاقتراب من الموقع، فقام أحد أفراد الكتيبة بضربها، فانقلبت وتم أسر 3 جنود إسرائيليين كانوا على متنها، وبالفعل جئنا بهم لقائد كتيبتنا 603 كأسرى، وكان اثنان منهم يبكيان بصراخ كالأطفال عندما أطلقنا النيران فوق رؤوسهم وأسفل أرجلهم، أما الثالث فكان صامداً وصامتاً، فلما اندهشت من موقف الجندي الثالث سألت قائد الكتيبة ما الذي يجعل موقف الجندي الثالث بهذا الصمود بخلاف الآخرين، فكان رده أن هذا الجندي جنرال إسرائيلي، أما الآخرون فهم مرتزقة».

وتابع «عبدالغني»، أنه لم يكن يعرف هذا الأسير الصامت ولكنه بعد عودته من الحرب عرف أنه شارون والذي أصبح رئيس وزراء إسرائيل فيما بعد، ولكن أسره لم يدم طويلاً بسبب الغارات المكثفة من العدو على المنطقة، بالتزامن مع محاولة ترحيله وتمكن من الفرار مصابًا.

ويكمل: «لم ينته اليوم عند ذلك فحسب، ففي مساء نفس اليوم وبالتحديد وقت الغروب، وجدت نزيف دماء مندفعا من رأسي لم أعلم أو أشعر من أين جاء، ولم أشعر إلا وأنا في مقر الكتيبة، وعرفت بعدها أن غارة جوية قصفت فوقنا وبعدها فقدت الوعي، وافقني من الإغماء زميلي المقاتل في نفس الكتيبة مصطفي عبد الفتاح مبارك، ابن عم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك».

ويروي «عبد الغني»، تفاصيل ليلة إصابته، قائلاً: «قضينا ليلة في أحد المدارس بالضفة الغربية في انتظار سيارة إسعاف تنقلنا في الصباح لمستشفى السويس، وكان الألم يعتصر رأسي فقد علمت أنها شظايا استقرت في المخ، وبالفعل في السادسة والنصف صباحا سيارة الإسعاف، وأخذتنا ونحن في طريقنا للمستشفى انهال علينا رصاص العدو وكنا نحاول فداء بعضنا البعض وكان المصاب منا باصابة خفيفة يحمل المصاب باصابة أشد».

ويضيف: «نزحف وسط طلقات نيران العدو ونرجع لاستقلال السيارة، وما أن تسير في طريقها للمستشفى عدة أمتار ونجد وأبلا من الطلقات يصوب نحونا، فنزحف هاربين إلى أن تهدأ الأوضاع ونعاود لاستقلالها مرة أخرى، وهكذا قضينا اليوم بأكمله نهرب من الموت ونحن مصابين وفي حالة إعياء حتى وقت الغروب، وعندها وصلنا لمقر مستشفى السويس».

وتابع «عبد الغني»: «بعد إجراء عملية عاجلة لي في المخ لإخراج الشظايا بمستشفى المعادي، أفقت ووجدت الممثلة الكبيرة عزيزة حلمي هي من تمسك بطبق الطعام وتأكلني كالطفل هي وعدد كبير من الفنانين جاءوا لزيارتنا بالمستشفى، وكانت السيدة جيهان السادات تأتي يوميا في تمام التاسعة صباحاً للمستشفى للاطمئنان علينا».

واختتم حديثه قائلا: «أعيش حاليا لأحفادي لأعلمهم حب مصر وأوجههم خاصا في وسط ما يعانيه بعض أبناء هذا الجيل بعدما أحلت للمعاش مديرا بالتعليم، وأمارس بعض الرياضات لأحافظ على ما تبقي لي من صحة، وأرى أنني نجحت أن أبث في أبنائي وأحفادي بل تلاميذي روح الانتماء والإخلاص لمصرنا الغالية ومازالت أواصل حتي النفس الأخير».

Leave a Reply