أبرزها الصناعة والعقارات: 4 قطاعات تقود النمو.. و«رؤية الحكومة» بحاجة لآليات تنفيذ- شبكة سبح الاخبارية

عودة عمال عزل المحلة للعمل بمصانع النسيج، 21 أغسطس 2017. - صورة أرشيفية

عودة عمال عزل المحلة للعمل بمصانع النسيج، 21 أغسطس 2017. – صورة أرشيفية


تصوير :
محمد السعيد

أعد الملف – أحمد ماجد وتمام نور الدين و عبدالرحمن فرحات وفاطمة نشأت

الدول المتقدمة اتجهت إلى سيناريو من اثنين لتحقيق صعودها الاقتصادى، الأول أن تركز على قطاع إنتاجى معين أو أكثر تتميز فيه نسبياً، وتتخذه محرك أساسى للاقتصاد ككل، ومدخل للتصدير للسوق العالمى، ومورد رئيسى للعملة الصعبة، وهذا البديل يطلق عليه سياسة التنمية المركزة، أما البديل الثانى فيتعلق بإحداث تنمية متوازنة فى كافة القطاعات بحيث تركز الحكومة على جميع قطاعات الاقتصاد، وتقوده لتحسين مؤشرات العمل والإنتاج بها فى نفس التوقيت، وهذا البديل يطلق عليه سياسة التنمية المتوازنة.

وتحتاج الحكومة المصرية بعد تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادى على مدار الفترة الماضية، أن تضع لنفسها نهجاً تنموياً محدداً، توضع على أساسه خطة عمل الحكومة بأجهزتها المختلفة، حتى يمكننا إنجاز شيئاً على أرض الواقع فى المستقبل القريب، ورسم رؤية حقيقية لصعود الاقتصاد على المدى البعيد.

ويبدو أن الحكومة فطنت لهذه السياسة، واختارت سياسة التنمية المتوازنة، التى تركز على جميع القطاعات الإنتاجية، فأعدت حالياً مناخاً مهيئاً لنمو صناعة النفط، والطاقة، وأعادت ترتيب بيت «الصناعة» من جديد، فضلاً عن تهيئتها لنمو الأنشطة العقارية سواء عن طريق استثمارات مباشرة من هيئة المجتمعات العمرانية، أو مشروعات يقودها القطاع الخاص، الأمر الذى انعكس أيضاً على صناعة مواد البناء وصناعة التشييد، كما ركزت الحكومة خلال الفترة الماضية على تهيئة صناعة الكيماويات، وإدخال المكون النفطى بها، من أجل اتخاذها كمورد رئيسى لمدخلات الإنتاج التى كان يتم استيرادها فى السابق، من أجل تعميق التصنيع المحلى وزيادة القيمة المضافة.

ويجرى «المصرى اليوم الاقتصادى» تحليلا شاملاً لقياس سرعة النمو المتوقعة للقطاعات المختلفة، وتحديد القطاعات الإنتاجية التى من المتوقع أن تكون الأسرع نمواً تأثراً بسياسات الدولة التى تم تطبيقها مؤخراً.

بنوك الاستثمار: «التضخم» غير العادات الاستهلاكية للمواطن و«الغذاء» و«الكيماويات» أسرع الصناعات نموا

محمد رضا، رئيس بنك سوليد للاستثمار

من جانبه قال أبو بكر إمام رئيس قسم البحوث بشركة برايم القابضة للاستثمار، إن الاقتصاد المحلى واجه فى الفترة الأخيرة حالة من الركود الشامل فى جميع القطاعات بسبب ما شهده السوق من انخفاض كبير فى القوة الشرائية للمواطن مع ارتفاع أسعار الفائدة مما حول وجهة المستهلك من السلع العادية إلى السلع الاستراتيجية لذلك يتوقع أن يشهد قطاع الصناعات الغذائية كأهم قطاع إنتاجى للسلع الاستراتيجية قفزة هائلة فى الفترة القادمة بعد أن تم تعديل سلوك المستهلكين مع مرور الوقت.

وأشار محمد رضا رئيس بنك سوليد للاستثمار، أن الفترة المقبلة بداية من 2018 ستشهد نموًا كبيرًا فى العديد من القطاعات وذلك بسبب تحسن المناخ الاستثمارى التى تسعى الدولة لتهيئته بشكل أفضل الفترة الحالية، وتوقع انخفاض أسعار الفائدة مما يؤدى إلى ارتفاع نسب السيولة المالية فى السوق، وأن تمثل قطاعات الصناعات الغذائية، والأسمدة والكيماويات، والتشييد والبناء 40% كمساهمة فى الناتج المحلى الإجمالى بنهاية 2020.

وأوضحت عليا ممدوح محللة الاقتصاد الكلى ببلتون القابضة للاستثمار، أنه لا بد من وضع حل للمعوقات التى تواجه المستثمر فى الفترة الحالية وأهمها عملية تخصيص الأراضى حيث يجب على الدولة توفير ما لا يقل عن 60 مليون متر مربع أراضى صناعية بإجمالى استثمارات ترفيق لا تقل عن 8 مليار جنيه كما هو مستهدف فى خطة التنمية الصناعية.

إجراءات مطلوبة

وطالبت بضرورة مواجهة مشكلة الوقت الزمنى الطويل الذى يستغرقه المستثمر فى إنهاء الإجراءات المطلوبة لبدء عملية الاستثمار بتَوجهه لـ17 جهة مختلفة من أجل تخصيص أرض استثمارية والحصول على التراخيص اللازمة، موضحة أن هذه المشكلة يمكن التغلب عليها، من خلال تفعيل نظام الشباك الواحد وإحداث تكامل مع التشريعات الخاصة بالسياسة التجارية والضريبية وقوانين العمل والسياسات المالية والنقدية وتشريعات الاستثمار.

وأضافت أن الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة فرضت العديد من التحديات على السوق المحلى مما أثر بشكل مباشر على القوة الشرائية للمواطن نتيجة الصدمة التى شهدتها العملة بانخفاض قيمتها بشكل حاد حيث فقدت أكثر من 100% من قيمتها قبل التعويم، وهو ما نتج عنه قفزات متتالية لمعدلات التضخم تعدت حاجز 34%، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج مما أحدث ركودًا تضخمياً فى السوق، إلا أنه خلال الأشهر القليلة المقبلة سيشهد السوق المحلى حالة من التعافى بسبب توقعات انخفاض معدلات الفائدة وارتفاع السيولة فى السوق المالى.

الصناعات الغذائية: طفرة إنتاجية متوقعة.. وتحالفات مع شركات أجنبية بالسوق الإفريقية

المهندس أشرف الجزايرلى، رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات

قال المهندس أشرف الجزايرلى رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات إن قطاع الصناعات الغذائية مع بداية العام الجارى كان يعانى من كثير من الأزمات خاصة بعد قرار تحرير سعر الصرف، حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير مما أدى إلى انخفاض الطلب بنسبة تصل إلى 35%، وبذلك تعرضت كثير من الشركات الغذائية إلى تخفيض طاقتها الإنتاجية بنسبة 40%، وكانت هذه الفترة عقب صدور قرار التعويم مباشرةً إلا أننا بعد مرور عدة أشهر لاحظنا تعافى القطاع تدريجياً. وأضاف أن هذا التحسن يرجع إلى تكيف المواطن مع المستويات الجديدة للأسعار، وانتظام الطلب الاستهلاكى مرة أخرى، بالإضافة إلى تحول الاستهلاك المحلى نحو السلع الاستراتيجية من السلع العادية أو السلع الترفيهية، نتيجة انخفاض القوة الشرائية، وباعتبار الغذاء أحد السلع الاستراتيجية فإنه لم يتأثر كثيراً بموجة ارتفاع الأسعار وتراجع الطلب الكلى.

وذكر الجزايرلى أن القطاع فى الفترة القادمة يعد من أكثر القطاعات جذباً للاستثمارات خلال السنوات المقبلة، فقد وصلت حجم استثمارات القطاع 500 مليار جنيه، وعدد العاملين به وصل إلى مليون عامل، مضيفاً أن شركات الأغذية والمشروبات عالمياً تستهدف غزو السوق الإفريقى باعتباره سوق كبير جاذب للاستثمارات وخاصة السوق المصرى باعتباره السوق الأكبر فى المنطقة، الأمر الذى يمكن مصر من جذب حجم استثمارات أجنبية أكبر فيما يخص القطاع الغذائى خلال الفترة المقبلة من ناحية، وإمكانية دخول الشركات المصرية فى تحالفات استثمارية مع شركات أجنبية بالسوق الأفريقى من ناحية أخرى.

مبادرة المركزى

وأشار إلى أن غرفة الصناعات الغذائية تدعو بصفة دائمة الشركات الصغيرة والمتوسطة بالقطاع إلى الاستفادة من مبادرة البنك المركزى لتمويلها بفائدة 5% و7% بما يضمن لهذه الشركات الحصول على تمويل بتكلفة منخفضة، واكتساب ميزة تنافسية فى تكلفة الإنتاج أيضاً، متوقعاً أن تلعب هذه الفئة من المشروعات دوراً هاما فى نمو القطاع خلال الفترة المقبلة. وحقق مؤشر قطاع الأغذية والمشروبات نموًا بأسواق المال والبورصة بنسبة 38% منذ بداية 2017 وحتى نهاية الربع الثالث، حيث أغلق المؤشر على مستوى 1370.35 نقطة وحجم تداول 5426721 مقارنةً بمستوى إغلاقه فى بداية العام على 992.8 نقطة. وتعد «دومتي» و»عبور لاند» و»جهينه» أبرز الشركات المؤثرة فى القطاع، حيث تفوق سهم عبور لاند وتضاعفت قيمته خلال عام واحد من الطرح؛ وأظهر المؤشر العديد من التقلبات فى القطاع خلال النصف الأول من العام الجارى وتعد أبرزها وصول المؤشر لأدنى مستوى له خلال الربع الأول من العام فى يوم الخميس 19/1/2017 ليغلق على مستوى 943.79 نقطة، ووصوله لأعلى مستوى له خلال الربع الثانى من العام فى يوم الأحد 28/5/2017 ليصل إلى 1505.14 نقطة فى الإغلاق.

ويرجع ضعف مؤشر القطاع خلال الربع الأول من العام إلى انخفاض مبيعات الشركات بسبب زيادة الأسعار بعد تحرير سعر الصرف وتحرك المؤشر بالزيادة خلال الربع الثانى من العام نتيجة للعوامل الموسمية المتمثلة فى زيادة الطلب على منتجات الألبان والعصائر مع دخول شهر رمضان والموسم الصيفى.

تعافٍ متوقع

وتوقعت أمنية حمامى المحللة الاقتصادية بشركة برايم القابضة، أن تتعافى مؤشرات القطاع من مشكلة الانكماش خلال الربع الأول من 2018، فى ظل إتمام أغلب الشركات عملية رفع أسعار منتجاتها، منوهة أن مؤشرات القطاع وصلت لأدنى مستوياتها فى الربع الأول من 2017 بسبب ضعف القوة الشرائية الناجم عن مستويات التضخم المرتفعة. وأوضحت أن التصدير يُعد سبيل بعض الشركات حالياً لتعويض ضعف الإقبال على منتجاتها محلياً، خاصة الشركات التى تمتلك منافد بيع ووكلاء خارجيين.

وعن أهم المشكلات التى تواجه القطاع، ذكر الخبراء أنها تتمثل فى عشوائية صناعة الغذاء، ودخول الكثير من العلامات المضللة إلى السوق، الأمر الذى يضر بالتنافسية بين الشركات الرسمية والشركات غير الرسمية التى لا تتحمل ضرائب أو رسوم حكومية، بالإضافة إلى تأثير ذلك السلبى على صحة المواطن، حيث أثبتت بعض الدراسات الرسمية، أن الشركات المنظمة تتحمل تكلفة إنتاج أعلى بحوالى 20% من الشركات غير الرسمية، الأمر الذى يؤثر فى النهاية على التنافس السعرى، وهوامش الربح المحققة لدى كل منهما. وفى إطار ذلك قال خالد صلاح رئيس هيئة سلامة الأغذية أن نسبة كبيرة من الصناعات الغذائية المتواجدة بالسوق المحلى هى صناعات غير رسمية مجهولة المصدر وذلك يتطلب وجود هيئة رقابية فعالة تقوم بمتابعة السوق ومنتجاته. وأضاف أنه على الرغم من كل هذه المخاطر التى يعانى منها الغذاء فى مصر إلا أن هناك مجهودات ملحوظة للحكومة بوضع معايير لصناعة الأغذية فى مصر وتحفيز القطاع من أجل بلوغ المستهدفات المطلوبة فى إطار خطة التنمية الاقتصادية. وأنشأت الحكومة هيئة الرقابة على سلامة الغذاء لضبط المتورطين فى الصناعات الغذائية غير المصرحة، وتعمل الهيئة على رقابة كافة المراحل الإنتاجية للغذاء.

كما وضعت الدولة فى خطتها إصدار عدة قوانين تدعم انتعاش قطاع الأغذية خلال السنوات المقبلة منها قانون إنشاء الاتحاد المصرى لمنتجى الألبان، وقانون الصيد وتربية الأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية، وغيرها من القوانين والإجراءات الداعمة للقطاع، وأطلقت عدة مبادرات لدعم وتنشيط الصناعت الغذائية وذلك ما تم ظهوره فى شكل انخفاض الواردات خلال أول 9 أشهر من العام المالى الماضى، حيث وصلت إلى 3.9 مليار دولار، بعدما كانت 4.3 مليار خلال نفس الفترة من العام المالى السابق عليه، بتراجع 9.3%.

Leave a Reply