ثلاث سنوات كاملة حاول خلالها مسؤولو الأمن بمطار الأقصر الدولى إيجاد تفسير لظاهرة قيام بعض السياح الأوروبيين بأخذ عدد من الزجاجات المملوءة بمياه البحيرة المقدسة بمعبد الكرنك أثناء عودتهم لبلادهم، لكن يبدو أن هذه الحيرة قد آن أوان فك طلاسمها، فقد وجد بالصدفة مواطن مصرى يدعى عمر إبراهيم عبدالجليل من أبناء الأقصر، متزوج من إحدى فتيات مدينة هامبورج الألمانية، جاء للبحيرة وقت الظهيرة وحصل على زجاجة من مياهها المقدسة، خبأها فى ملابسه ليقدمها هدية لزوجته التى ستقوم بزيارة لمسقط رأسها بألمانيا، وبسؤاله قال إن هناك عدداً من الطوائف الأوروبية ذات معتقدات معينة، هذه الطوائف تعتقد أن مياه هذه البحيرة مقدسة، ولها قدرة كبيرة على العلاج الروحانى والنفسى، وطرد الأرواح الشريرة من المنازل والأماكن، وأيضاً تطرد العفاريت والجان من الأجسام البشرية، ووجودها داخل المنازل فيه بركة كبيرة وتجلب السعادة لأصحاب المنزل، لكن الحصول عليها وفقاً لمعتقداتهم يحتاج إلى عدة شروط منها أن يكون فى الأيام الوترية من الشهر، وأثناء تعامد الشمس على المعبد والبحيرة، ولا يجوز للفرد الواحد الحصول على أكثر من 100 مللى، وبعد خروجها من البحيرة يلزم ألا تتعرض لأشعة الشمس مرة ثانية.
وقال: «رغم أن زوجتى لا تؤمن بهذه المعتقدات لكن أمام إلحاح صديقة لها جئت لأحصل على كمية منها». موضحاً أن زعماء هذه الطوائف الذين يتنبأون بالمستقبل ويعالجون الناس بالطب الروحانى، ويستخرجون الجان والعفاريت من أجساد البشر، يستخدمون هذه المياه المقدسة كنوع من العلاج، بل إن الأمر وصل إلى قيام بعض الرياضيين بوضع قطرات من المياه المقدسة على أجسادهم للتبرك بها قبل المواجهات، وكذلك بعض الممثلات وعارضات الأزياء، وأن هذا الأمر بدأ أولاً فى إنجلترا بين أبناء الطبقة المتوسطة، وسرعان ما وصل إلى بعض البلدان الأوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، لكن ازداد هذا الأمر بعد معرفة الصينيين لهذا السر، فانتشر فى الصين وبعض البلدان الآسيوية، ووفقاً لتفسيراتهم هو فإن أفضل المياه قدسية هى التى يتم الحصول عليها خلال الشهر الأخير من السنوات الوترية.
ولكن علماء المصريات يقولون ما إن يدخل السائح إلى قلب الكرنك، حتى يجد البحيرة المقدسة ويقف أمامها مسحورًا مجذوبًا، وكما يعتقدون فى الجعران المقدس، فإن البحيرة تمثل لهم نفس المعتقد، بأن وراءها أسراراً كثيرة فى العلاج، ويصف الأثريون أن البحيرة المقدسة بمعبد الكرنك سر من أسرار الحياة الفرعونية القديمة، والتى حفرها الملك تحتمس الثالث، وكان يحيط بها سور ضخم فى السابق، ولكنه تهدم مع مرور الزمن.
وتؤكد الأثرية، منى فتحى، أن تلك البحيرة التى كان يغتسل فيها الكهنة قبل أداء أى مراسم دينية أو احتفالات قومية تقوم الآلهة بحضورها، وكان يتم تغذيتها عن طريق قناة تصل البحيرة بمياه النيل أنشأها تحتمس الـثالث، مؤكدة أن الإعجاز فى هذه البحيرة يرجع إلى أن المياه فيها ثابتة، ولا يزيد منسوب المياه أو ينقص حتى مع تغير ارتفاع أو نقصان منسوب النيل منذ أكثر من 3 آلاف سنة، ولم تجف البحيرة أبداً، وهذا يعد من البراهين المهمة لإثبات عبقرية المصرى القديم العظيم فى مجال الهندسة والرى.
وتابعت: «البحيرة المقدسة توجد فى معبد الكرنك، بطول 80 مترًا وعرض 40 مترًا وكان يحيط بها سور، ويوجد على جانبيها الشمالى والجنوبى مقياس للنيل، وتؤكد البحيرة عبقرية المصرى الفرعونى فى تلك البحيرة»، قائلة: «منسوب المياه فيها ثابت لا يتغير نهائيًا، لا بالزيادة ولا النقصان، وذلك رغم عوامل النحت والفقد والتسرب والتبخر».
أما نجوى البارون، الباحثة فى الآثار، فقد أكدت أن البحيرة المقدسة ارتبطت بالكثير من القصص، لعل أبرزها أحلام النساء بالحمل والشفاء من العقم، وإن كان هذا الأمر ليس له سند علمى، لكن لاتزال نساء الصعيد الباحثات عن الأمومة يجدن فيها ملاذهن وسبيلهن للأمومة، وذلك بأن يطفن حول البحيرة 7 مرات رغبة فى الإنجاب، والعلاج من العقم. وأضافت أنه فى الحاضر القريب، وخلال السنوات الماضية، أصبحت البحيرة المقدسة بالكرنك مطلباً لكثير من الأهالى بالأقصر، حيث إن بعض السيدات يعتقدن فى بركتها، ويأتون إليها للحصول على البركات عبر طقوس يقمن بها حول البحيرة، إذ يعتقدن أن المياه بالبحيرة تساعد على العلاج من الأمراض المستعصية ومنها العقم والإنجاب.