أكد المشاركون في مؤتمر «نتائج مشروع التنمية الزراعية المستدامة بالساحل الشمالي الغربي»، والتي نظمها المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة «اكساد» التابع لجامعة الدول العربية بالتعاون مع مركز بحوث الصحراء، الأربعاء، أن التغيرات المناخية تهدد الموارد المائية العربية خلال السنوات القادمة، وتؤثر على خطط الدول في التوسع الأفقي، موضحين أهمية تنفيذ برامج عاجلة لحصاد الأمطار ورفع كفاءة الري وتقليل الفاقد منها خلال مراحل الإنتاج الزراعي.
وقال الدكتور رفيق صالح، مدير عام الـ«اكساد»، في تصريحات صحفية على هامش المؤتمر، إن إجمالي الموارد المائية العربية تصل إلى 248 مليار م3 من المياه، تفقد المنطقة 40% من هذه المياه نتيجة عدم كفاءة الري، أو عدم التوسع في خطط حصاد الأمطار، ما يشكل تحديا للموارد المائية في تلبية احتياجات المنطقة لتحقيق الأمن الغذائي العربي، مشيرا إلى أن المنطقة تعاني من الشح المائي ولا يجب إهدار موارده المائية.
وتوقع صالح ارتفاع معدلات الفقر المائي في المنطقة العربية بسبب زيادة معدلات الاستهلاك المائي، وارتفاع معدلات السكان في هذه الدول، فضلا عن انخفاض معدلات الهطول المطري في مناطق الشرق العربي مقارنة بمناطق المغرب العربي بسبب الآثار السلبية للتغيرات المناخية، مشددا على أهمية التوسع في برامج ترشيد استهلاك المياه ورفع كفاءة الاستخدام من خلال تطوير نظم الري بدلا من النظم التقليدية، فضلا عن استنباط أصناف جديدة من المحاصيل تتحمل ارتفاع درجات الحرارة، والملوحة العالية، وتكون أقل استهلاكا للمياه.
وكشف صالح عن إطلاق عدد من المشروعات التي سيتم تنفيذها في مصر تشمل مجالات تطوير بحوث الثروة الحيوانية، جنبا إلى جنب مع تطوير برامج المراعي الطبيعية، بالإضافة إلى تطوير بحوث القمح والشعير، للتوسع في زراعتها لتحقيق الأمن الغذائي للمواطن المصري وتوفير مستلزمات صناعة الأعلاف للإنتاج الحيواني، وتحسين أوضاع الفئات الاجتماعية من البدو بمناطق المشروع.
ولفت إلى أنه سيتم إطلاق مشروعات لحصاد الأمطار في الساحل الشمالي الغربي لمصر بمطروح، والاستفادة من المخلفات الزراعية لإنتاج أسمدة وأعلاف غير تقليدية، مشيرا إلى أنه يتم حاليا دراسة تنفيذ مشروع حول الآثار السلبية للتغيرات المناخية على القطاع الزراعي.
من جانبه، قال الدكتور نعيم مصيلحي، رئيس مركز بحوث الصحراء، إن مصر تعاني من نقص المياه ومظاهر التصحر والتعدي على الأراضي الزراعية، ومخاطر الجفاف وانجراف التربة والعواصف الرملية، مشيرا إلى أن سوء توزيع السكان يؤثر سلبيا على خطط الدولة في التنمية المستدامة، وهو ما دفع الدولة لإعادة ترسيم الخريطة السكانية للتخفف من تركيز السكان في الدلتا ووادي النيل.
وأضاف مصيلحي أن محدودية مصادر المياه هي التحدي الأكبر لتنمية منطقة الساحل الشمالي الغربي، خاصة في قطاعه الأوسط والغربي الذي يعتمد كليا على مياه الأمطار وعلى كميات محدودة من المياه الجوفية، مشيرا إلى أن المنطقة تعتمد على الاستفادة القصوى من مياه الأمطار، ويتم تعظيم الاستفادة منها من خلال التوسع في حصاد مياه الأمطار والتقليل من هدر المياه سواء بالبخر أو بتدفقها إلى البحر، والاستفادة من المياه في التنمية الزراعية والرعوية لتحسين مستوى المعيشة وتقليل حدة الفقر.
وأوضح أن التعاون المشترك مع «اكساد»، يستهدف تقديم نموذج تنموي رائد لمكافحة التصحر والحد من تدهور الأراضي، ومكافحة الجفاف للمناطق التي تعتمد على مياه الأمطار في التنمية الزراعية، وهي مناطق تشغل مساحات شاسعة سواء في مصر أو في المنطقة العربية.
وشدد مصيلحي على أن هذا النموذج يعتمد على تكامل الأنشطة وزيادة كفاءة استخدام الموارد الطبيعية والحالة البيئية، اعتمادا على مبادئ أهمها المشاركة المجتمعية وعدالة الاستفادة من الأمطار والمحافظة على البيئة.
من جانبه، قال الدكتور سيد خليفة، رئيس قطاع الإرشاد الزراعي ومدير مكتب «اكساد» بالقاهرة، إنه تم الانتهاء من التنفيذ والإشراف الفني على إحداث وإعادة تأهيل خزانات مياه الأمطار، بالساحل الشمالي الغربي في مطروح، من خلال حفر خزانات جديدة، وإعادة تأهيل خزانات قديمة محلية ورومانية، وتحديث قاعدة البيانات للآبار الموجودة في المنطقة، مشيرا إلى أنه تم تنفيذ حملات توعية وإرشاد بخصوص الاستعمال المنزلي للمياه للحفاظ على الموارد المائية المحدودة بالمنطقة.
وأوضح خليفة أن مشروع التنمية الزراعية المستدامة في الساحل الشمالى يستهدف إنشاء 24 بئرا جديدا وصيانة وإعادة تأهيل 366 بئرا قديمة (محلية ورومانية)، وتحسين الأحوال المعيشية للمجتمعات البدوية في مطروح، مع تركيز خاص على الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، والمساهمة في رفع مخزون المياه لدى الأسر البدوية، مشيرا إلى أننا نستهدف بعد إمداد مدة المشروع إعادة تأهيل 674 خزانا مائيا (بئر) .
وأشار إلى أهمية دور المشروع في المساهمة لتحسين سهولة الوصول للمياه لاستخدامها في أغراض الزراعة وتربية الحيوان على مستوى الأسر البدوية، والتي من شأنها زيادة دخل المربي أو المزارع، من خلال زيادة التوعية الصحية الخاصة بمياه الشرب من خلال حملات توعية صحية، والتي تهدف إلى تحسين ظروف الصحة العامة لدى المجتمع البدوي وخاصة الأطفال.