بعد الإغراء والأقمار الصناعية أضافت روسيا على ما يبدو أداة جديدة إلى ترسانتها المعهودة في عالم التجسس وباتت عينها تراقب حتى من داخل أجهزة الكمبيوتر الأمريكية عبر نظام مكافحة الفيروسات الشائع كاسبرسكي.
وكسائر منظومات مكافحة الفيروسات تجري برمجية شركة المعلوماتية الروسية «كاسبرسكي لابز» التي تحمي حوالى 400 مليون كمبيوتر حول العالم، مسحا لجميع الملفات في الجهاز لرصد البرامج الخبيثة ثم عزلها سعيا لإتلافها.
وأفادت وسائل الإعلام الأمريكية أن الاستخبارات الروسية عدلت هذه البرمجية كي تبحث عن وثائق معينة بفضل كلمات مفتاحية على غرار «سري جدا» أو رموز خاصة ببرامج التجسس الاميركية.
من جهتها أكدت الشركة الروسية التي تحقق 85% من مبيعاتها في الخارج انعدام أي اثبات على تواطؤ محتمل مع أجهزة الاستخبارات الروسية، مؤكدة أنها عالقة «في صلب نزاع جيوسياسي» بين واشنطن وموسكو. لكن مسؤولين أميركيين أفادوا صحيفة وال ستريت جورنال أن تعديل البرمجية لا يمكن ان يتم بغير علم الشركة.
إذ كتب مؤسس الشركة اوجين كاسبرسكي في مدونته «لنفترض نجاح شخص أو اثنين بطريقة أو بأخرى في اختراق الشركة، فهناك عشرات الأنظمة الداخلية على مستوى التكنولوجيا والتنظيم الهادفة إلى تقليص الخطر»، ما يؤدي حتما إلى كشف احد الموظفين عن هؤلاء بحسبه.
ونال اوجين كاسبرسكي على شهادته في ظل الاتحاد السوفياتي من الكلية الفنية في المعهد العالي للكا جي بي قبل توظيفه في وزارة الدفاع السوفياتية.
أفادت صحيفة نيويورك تايمز عن اختراق الاستخبارات الاسرائيلية لشبكة كاسبرسكي في مطلع 2014 لمراقبة المفاوضات بين ايران والدول الكبرى بشأن ملفها النووي، فرصدت تسلل الروس إلى أنظمة معلوماتية بفضل برمجية مكافحة الفيروسات. وأبلغت الأجهزة الاسرائيلية نظيرتها الاميركية بالاختراق ما أدى بإدارة ترامب إلى إصدار أوامر في سبتمبر الفائت بإزالة برامج كاسبرسكي كافة من جميع اجهزة الكمبيوتر الحكومية.
آنذاك أعرب الجهاز التنفيذي الأميركي عن «القلق ازاء العلاقات المحتملة بين عدد من مسؤولي كاسبرسكي» وأجهزة الاستخبارات الروسية.
وتدور الشكوك حول استخدام قراصنة معلوماتية روسيين هذه البرمجية لمكافحة الفيروسات بمثابة حصان طروادة لوضع اليد على وثائق تابعة لوكالة الأمن القومي الأميركية، التي سبق أن كانت ضحية لسرقة ادوارد سنودن وثائق كثيرة في 2013. كما وردت معلومات عن سرقة الروس في 2015 وثائق سرية من موظف في شركة متعاقدة مع وكالة الامن القومي، كان يحفظها في حاسوبه الخاص.
وأوضح مسؤول اميركي رفض الكشف عن اسمه لصحيفة وال ستريت جورنال ان الولايات المتحدة بدأت انذاك بجمع عناصر إثبات ضد البرمجية، فدست على سبيل المثال وثائق مزيفة تحمل وسم «سري» في كمبيوتر خاضع للتجسس.
أما «كاسبرسكي لابز» ومقرها في موسكو، فأكدت انها «ليست مطلعة ولا ضالعة» في هذه السرقة المفترضة، مضيفة انها «لم تساعد في أي وقت، ولن تساعد، أي حكومة في العالم في جهودها للتجسس المعلوماتي». وأضافت ان «البلد الذي يضم المقر العام لشركة كاسبرسكي لابز لا يغير رسالتنا إطلاقا»، وهي الحماية من التهديدات المعلوماتية.
وتشهد العلاقات الدبلوماسية الأميركية الروسية توترا حادا منذ أشهر.
ويحقق الكونغرس والقضاء الاميركيان في احتمال تدخل الروس في الانتخابات الرئاسية الاميركية التي أحرزها دونالد ترامب في العام الفائت. ويسعى البرلمانيون الاميركيون خصوصا إلى التحقق من امكانية استخدام شبكات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث كمنصات للتلاعب السياسي.
وتسعى التحقيقات إلى تحديد روابط روسية محتملة في الولايات المتحدة بما في ذلك ضمن فريق حملة ترامب. ونفى الكرملين مرارا محاولة التدخل في هذه العملية الانتخابية.
من جهة أخرى طلبت واشنطن من موسكو إغلاق قنصليتها في سان فرنسيسكو وبعثاتها التجارية في واشنطن ونيويورك، في رد على طرد الروس بأوامر من الرئيس فلاديمير بوتين في اخر تموز/يوليو 755 دبلوماسيا وموظفا من الروس أو الاميركيين في البعثات الاميركية في روسيا.
واتخذ الاجراء الروسي بدوره ردا على فرض واشنطن عقوبات اقتصادية اضافية على روسيا على خلفية النزاع الاوكراني.