فرض الله عز وجل الصلاة على المسلمين، وجعلها عبادة مقدسة لهم، نورا يمشون فيه إلى يوم أن يلقوه، قال تعالى : ” إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا “، وموقوتا تعني مفروضا، أي أن الصلاة فرض، فكما نعلم أن الأفعال في الإسلام تندرج إما تحت بند السنة أو الفرض، السنة مستحب أن نفعلها، ولكن لا نعاقب على عدم فعلها، أما الفرض فلابد أن نفعله، ونعاقب إذا لم نفعله، أو إذا خالفناه، كالصلاة، والصيام .
صلاة البردين
المراد بصلاة البردين، كما أجمع جمهور علماء الدين، هما صلاتي الفجر والعصر، ومفرد بردين برد، والبرد عكس الحر، أي النسيم العليل البارد .
سبب تسمية صلاة البردين بهذا الاسم
سميت صلاتي الفجر والعصر بالبردين، وقد ذكرنا أن البرد عكس الحر أي البرودة، وقد سميت هاتين الصلاتين بهذا الاسم لأن وقت صلاة الفجر يكون بارد، ووقت صلاة العصر يكون وقت ذهاب الحر ودخول البرد والنسيم، لذا فإن وقت الصلاتين يقع في أكثر وقت برودة في اليوم كله .
تخصيص صلاة البردين بالفضل
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء البخاري، عن أبي موسى الأشعري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من صلى البردين دخل الجنة “، وتكمن أهمية صلاة البردين وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خصها عن باقي الصلوات، في حديث ذكره قال فيه ” إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ” وفي آخر هذا الحديث ” فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا ” .
فقد خص رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة البردين لأنه قال أننا سنرى الله بوضوح، كما نرى القمر، وبالطبع لله المثل الأعلى، فهو ليس كمثله شيء، ويظهر القمر بعد وقت العصر، ويودعنا قبيل الفجر، لذا عرفنا رسول الله أهمية صلاة البردين في وقتهما على أكمل وجه، وأنه يستحب أن يصلوا في جماعة، فقد قال صلى الله عليه وسلم ” من صلى البردين فليأت بهما في جماعة ” .
أهمية صلاة البردين
1- وعد بدخول الجنة، لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ” من صلى البردين دخل الجنة ” .
2- وعد بتحريم دخول النار، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ” .
3- خصها رب العزة سبحانه وتعالى عندما أمرنا بالحفاظ على الصلاة، قال تعالى ” حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى “، والصلاة الوسطى هي صلاة العصر .
4- كما ذكر رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى، عظمة صلاة الفجر خصوصا في جماعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله ” .
5- صلاة البردين ستكون سبب ومكافأة لرؤية الله سبحانه وتعالى، كما ذكرنا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ” .
6- دعم من الملائكة، حيث ستشهد الملائكة لمن يصلي البردين، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح والعصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله وهو أعلم كيف وجدتم عبادي فيقولون، تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون ” .
عواقب ترك صلاة البردين
1- شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك صلاة البردين، كمن ترك ماله وأهله وفقدهم، فقال صلى الله عليه وسلم ” من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله “، وقد حزن الرسول حزنا شديدا يوم غزوة الخندق، عندما فوت المشركون وقت صلاة العصر على المسلمين، فقال ” ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس ” .
2- من يترك صلاة الفجر يكون منافقا ولعياذ بالله، بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما صلى يوما الصبح فقال ” أشاهد فلان ؟، قالو لا ، قال “أشاهد فلان “، قالوا لا، فقال ” إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلموا ما فيهما لأتيتموها ولو حبوا على الركب ” .
3- من فقد صلاة الفجر قد فقد البركة، حيث أن وقت الفجر هو وقت الذهاب للعمل والحصول على الرزق من الله سبحانه وتعالى .