«بكر» خلّد ذكرى شهداء قريته من خياله.. وبألوان الفحم

بكر الرسام

بكر الرسام


تصوير :
المصري اليوم

شاب فى مقتبل العشرينيات يتقدم لأداء الخدمة العسكرية عام 1960، فى مركز التجنيد التابع لمحافظة الدقهلية لكن إصابته فى عينه اليمنى تمنعه من الالتحاق بالقوات المسلحة، لحظات وصفها الرسام بكر بأنها الأصعب فى حياته التى تجاوزت حاليا السبعين عاماً.

شعر وقتها بأن حلمه لم يتحقق بالالتحاق بالجيش، فبدأ يجسد أحلامه فى رسوماته التى رافقته منذ ميلاده، ليبدأ فى رسم حلم جديد له ويخلد أصدقاءه الشهداء أبطال الحروب.

لم تكن رسوماته وسيلته للرزق فحياته كما يصفها هى (حروب ضد عناء الفقر) لذلك كان الرسم بالنسبة له هو الهروب من الواقع الأليم. ويقول أبوبكر إبراهيم الشهير بـ«بكر الرسام» والذى يعمل حاليا حارساً لأحد العقارات: «والدى كان يقطع مسافات كبيرة لإحضار ألوان الرسم حيث كان يترك قريتنا المقاطعة ويذهب كيلومترات إلى المنصورة، وكانت أيضاً والدتى – من أصول سودانية- تشجعنى على رسم تصميمات الملابس.. فمن هنا بدأت الرحلة».

سافر بكر إلى القاهرة فى الستينيات للبحث عن الرزق، فتنقل ما بين مناطق حلوان والمطرية والجيزة، فمن منطقة إلى الأخرى ومن عمل إلى الآخر، هكذا كانت حياته فى العاصمة والتى جعلته يتوقف بشكل مؤقت عن ملاذه الوحيد «الرسم».

فى عام 1974 أرادت قرية المقاطعة أن تكرم أبناءها شهداء حروب أكتوبر، والاستنزاف، والنكسة، لذلك استدعت الرسام بكر ليمكث فى غرفة الفنون بالمركز الثقافى فى المركز لمدة 9 شهور ليرسم 9 لوحات لشهداء القرية.

ويواصل: «أتذكر أننى رسمتهم بدموعى وذكرياتى معهم فالصور لم تكن واضحة المعالم، فهناك صور كانت تالفة، لذلك كان الخيال هو من قادنى لرسمهم بأقلام الفحم النباتى»، شعر أبوبكر وقتها بأن نضاله هو تخليد ذكرى الشهداء، فانعزل عن العالم وتعايش مع عالمه الخاص.

يسافر بكر بالسنوات ليصل إلى عام فارق فى حياته وهو عام 2011 متذكراً خلوته الثانية، التى امتدت إلى 9 شهور، مع ألوانه فترك وقتها أسرته وأجر غرفة بسطح أحد العقارات القديمة ليجسد مسيرته. ويذكر بكر: «رسمت وقتها 13 لوحة تجسد مراحل حياتى المختلفة فعشت لحظات الفقر ومتعة الحب الأول مروراً بزواجى وتنقلى بحثاً عن لقمة العيش، تركت الفن فى لحظات كثيرة لكن عشقه لم ولن يفارقنى حتى اليوم الأخير».

Leave a Reply