«المصري اليوم» فى مسرح العمليات مع أبطال معركة «الكيلو 135»

إنفوجراف يوضح موقع عملية طريق الواحات

إنفوجراف يوضح موقع عملية طريق الواحات


تصوير :
المصري اليوم

بعد نحو 24 ساعة من وقوع حادث الواحات الإرهابى، توجهت «المصرى اليوم» إلى مسرح العمليات فى طريق الواحات، تلك الصحراء الشاسعة التى ارتوت بدماء 16 رجلاً من الضباط والمجندين، استشهدوا أثناء دفاعهم عن الوطن ضد الإرهاب الذى يستهدف زعزعة أمنه واستقراره.

صحراء صفراء تمتد على مرمى البصر، استغرق الوصول إليها 3 ساعات، عبر طريق طويل يخلو من الخدمات إلا من نقطة إسعاف عند الكيلو 135، بعدها تجد تمركزاً مكثفاً لقوات الأمن يمتد حتى موقع الحادث.

ترك الحادث الأليم أثراً سيئاً على وجوه المجندين الذين يقفون بطول الطريق، ملامحهم حزينة، وقواهم مجهدة، ونفوسهم تحمل من الحزن والكآبة الكثير، لكن بين الحين والآخر تشتد أعوادهم وتشرئب أعناقهم وهم يرفعون أياديهم لرد تحية أصحاب السيارات الذين يبطئون سرعتهم أثناء المرور من أمامهم لتحيتهم، وهم يرددون «إنتو أبطال.. ربنا معاكم».

الحزن يخيم على أهالى شهداء حادث الواحات

اقتربت «المصرى اليوم» من مجموعة من المجندين المشاركين فى الحملة الأمنية، وتحدثت مع بعضهم، ورصدت الظروف الصعبة التى يعيشونها منذ أيام أى قبل وقوع الحادث، وأكد أحدهم- طلب عدم ذكر اسمه- أنهم يتحركون بناء على تعليمات محددة من قبل قياداتهم، وكشفوا أنهم لا يعرفون المنطقة التى يقفون فيها، ولا ماهية المهمة التى سيشاركون فيها، وقال: «إحنا عندنا تعليمات ما نتكلمش مع الإعلام، إحنا لليوم التانى على التوالى فى المكان ده، لا أكل ولا شرب، ملناش نفس ناكل حاجة بعد زملاءنا اللى استشهدوا هنا».

شعور شديد بالجوع والعطش يداهم المجندين أثناء خدمتهم الممتدة إلى أجل غير مسمى، أحياناً يفوق قدرتهم على الاحتمال لكنهم يصمدون، وحسب قول أحد المجندين: «منقدرش نتكلم مع القائد فى أكل أو شرب، الكل حزين على الشهداء والقادة نفسهم محدش أكل حاجة طوال الـ24 ساعة اللى فاتت». أحياناً يقف أصحاب سيارات النقل العابرة أمام تلك النقطة الأمنية فى اتجاهها إلى الواحات للحظات أمام المجندين، يلقون عليهم أكياسا تحتوى على سندوتشات ومياه معدنية وعبوات عصير وسجائر، ويتبادل الطرفان التحية والسلام قبل أن تنطلق السيارات ويتجمع المجندون حول الوجبات التى جاءتهم من السماء.

14 ساعة قضتها «المصرى اليوم» فى موقع الحادث، ورصدت تمركز 14 مدرعة شرطة فى نقطة الكيلو 135 و18 أخرى فى موقع الاشتباكات على بعد 20 كيلو من المنطقة الأولى يربط بينهما مدق رملى «واعر» و35 سيارة إسعاف تنتشر على الطريق بالقرب من مكان الحادث وعدد كبير من قيادات وزارة الداخلية وضباط ومجندين من «الجيزة، والفيوم، وبنى سويف، والمنيا» ينتشرون فى المنطقة.

وقال أحد قيادات فرقة شمال الصعيد إن القوات تشارك فى حملة تطهير الواحات، منذ الثلاثاء الماضى، وأضاف: «إحنا كنا على بعد 6 كيلو من موقع اشتباك قوات أمن الجيزة مع العناصر الإرهابية، وشاركنا فى المواجهات مع العناصر الإرهابية، بعد أن طالبت وزارة الداخلية قطاع الأمن المركزى بمحافظات شمال الصعيد التى تضم بنى سويف والفيوم المنيا بالمشاركة مع قوات أمن الجيزة فى تمشيط منطقة الواحات البحرية التى تمتد بطول 400 كيلو».

وحسب ضابط قوات شمال الصعيد فإنهم تحركوا إلى مكان الاشتباكات فور اندلاعها وتم مطاردة العناصر الإرهابية خلف «التبات»، وقال «نحن نواجه صعوبات كثيرة فى مطاردة العناصر الإرهابية فى تلك الصحراء الواسعة بدون غطاء جوى، بعض القوات فى الصحراء لليوم السادس على التوالى للبحث عن تلك العناصر التى تأكد أنها تتبع تنظيم داعش الإرهابى وأنها تلقت تدريبات فى تلك المنطقة على استخدام الأسلحة الثقية ضد الأجهزة الأمنية». بين أفراد الحملة الأمنية تردد اسم «هشام العشماوى»، وهو ضابط مفصول ثبت تورطه فى هذه العملية الإرهابية، ومد عناصرها بالسلاح والتدريبات لقتال الأجهزة الأمنية، وتابع: «قوات الأمن تمكنت خلال الفترة الماضية من ضبط عدد كبير منهم خلال تلك الحملات، ولكن فى تلك المرة احنا ذهبنا ليهم فى أماكنهم الوعرة فى قلب الصحراء وللأسف كانوا لنا بالمرصاد». وأضاف أن التحرك فى تلك المناطق يحتاج لغطاء جوى لأن العناصر الإرهابية كانت أسرع فى الضرب والهروب، والقوات تحركت فى حدود إمكانياتها.

على جانبى الطريق وتحديداً عند النقطة 135 انتشرت 30 سيارة إسعاف اصطفت إلى جوار بعضها، بعد أن قامت بنقل المصابين إلى المستشفيات الواقعة بمدينة 6 أكتوبر التى تقع على بعد 200 كيلو من مكان الحادث، وقال أحمد عبدالله، أحد رجال الإسعاف المتواجدين فى مكان الحادث، إن تواجدهم فى المكان بناء على تعليمات من قيادات وزارة الصحة، رغم أنه تم نقل جميع الشهداء والمصابين بطائرات هليكوبتر من موقع الحادث، مؤكداً أن هناك صعوبات فى مرور سيارات الإسعاف إلى مكان الاشتباك بسبب صعوبة الطريق فهو يحتاج إلى سيارات خاصة لا تتوافر معنا. وفى الساعة الـ7 صباح السبت نقلت طائر الهليكوبتر الشهداء الـ16 من مكان المعركة، وانتقل اللواء هشام عبدالبارى، مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزى، إلى مكان الحادث، وترك سيارته بصحبة قوات الأمن عند الكيلو 135، واستقل سيارة مدرعة مع عدد كبير من الضباط والمجندين إلى مكان المعركة للوقوف على الأسباب التى أدت إلى وقوع تلك الخسائر.

13 ساعة قضاها مساعد وزير الداخلية فى موقع المعركة بصحبة قيادات بالأمن الوطنى والأدلة الجنائية لرفع أشلاء وبقايا الحادث، وتم الاسعانة بخبراء مفرقعات لتمشيط المنطقة وقت التعامل مع بقايا الحادث، وتم رفع مدرعتين مخترقتين بطلقات مدفعية من مكان الحادث على ونشين استعانت بهما الوزارة لنقلهما من مكان الحادث.

محرر «المصرى اليوم» أمام وحدة إسعاف الكيلو ١٣٥

خبراء المفرقعات بوزارة الداخلية انتشروا فى المكان الحادث وقاموا بتمشيط كل منطقة يتحرك فيها قوات الأمن باستخدام الأجهزة الحديثة وذلك للتأكد من عدم وجود عبوات ناسفة زرعتها تلك العناصر فى تلك المنطقة التى اتخذتها مخبأ لها للتدريب لتنفيذ عمليات إرهابية ضد قوات الأمن.

وقال أحد ضباط المفرقعات: «نشارك فى كل المأموريات التى تخرج من وزارة الداخلية لمقاتلة العناصر الإرهابية، ولكن فى المأمورية الأخيرة لم نبلغ بالمشاركة، ولا نعرف السبب، مضيفا أنه تم الاستعانة بهم بعد ساعات من وقوع الحادث. وتابع: «فى نفس المكان خرجنا منذ 10 أيام بصحبة الأمن الوطنى وقمنا بتمشيط المنطقة بالكامل بحثا عن تلك العناصر، ولم نعثر على أحد منهم».

Leave a Reply