الهجوم المباغت لقائد الجيش الثامن البريطانى، برنارد مونتجمرى، على قوات المحور فى 23 أكتوبر 1942، كان نقطة تحول معركة العلمين لصالح الحلفاء، ولشق طريقه خلال حقول الألغام الواسعة، وتقليل الخسائر. كان القائد البريطانى عازماً على خداع الألمان فى تاريخ ونقطة انطلاق الهجوم. وباستخدام مئات الدبابات والمدفعية القابلة للنفخ (بالونات)، وتوظيف أحدث تكنولوجيا الصوت، وتظاهر ضباط بالسُّكْر من أجل نشر معلومات خاطئة، ينسب إلى «جيش الأشباح» الفضل فى مساعدة الحلفاء فى الانتصار فى معركة العلمين وإنقاذ آلاف من البريطانيين والأمريكيين.
عملية الخداع، التى أطلق عليها اسم «بيرترام»، اعتمدت عشية المعركة على نقل سيارات الدبابات والمدرعات الحقيقية للتجمع فى شمال الجبهة، وفى الوقت نفسه نقل المركبات والدبابات الهيكلية فى الجنوب. كما تم إخفاء خطوط إمداد الوقود للجيش الرئيسى فى الشمال فى خنادق قديمة، بينما تم بناء مخازن وهمية من الوقود والذخيرة والمواد الغذائية فى الجنوب، كذلك تم مد خط أنابيب مياه وهمى يمتد إلى الجنوب من علب الوقود الفارغة.
طائرات الاستطلاع الألمانية التى تدرس تقدم خط الأنابيب فى الشمال خلصت إلى أنه لا يمكن أن تكون تلك نقطة الهجوم حتى نوفمبر لكن فى الحقيقة كانت هذه هى النقطة التى انطلقت منها المدرعات المخبَّأة.
ووفقاً للخدعة كانت قوات الحلفاء فى الجبهة الشمالية تضم مزيجاً من 4 آلاف شاحنة حقيقية و722 شاحنة وهمية، وكانت المدفعية متخفية فى شكل شاحنات، وأطلق على طريقة الإخفاء اسم «أكل الذات»، إذ إن الشاحنات الدمية كانت تبتلع البنادق الحقيقية لإخفائها. وصُمِّمت هذه المخططات المترابطة لخداع الألمان لجعلهم يعتقدون أن موعد وقوع الهجوم سيكون فى نوفمبر، وسيتم إطلاقه من الجنوب.
وفى ليلة 18 أكتوبر وفجر 19 أكتوبر، تحرَّكت الدروع البريطانية عمداً دون تمويه جنوباً، بهدف أن يرصد الاستطلاع الجوى الألمانى هذه التحركات. وفى 20 أكتوبر انتقلت التشكيلات المدرعة الحقيقية سراً من الجنوب إلى الشمال، واستبدلت بالدبابات والمدفعية الوهمية.
وبدأ هجوم الحلفاء من الجبهة الشمالية فى وقت متأخر من ليلة 23 أكتوبر، سبقه قصف مدفعى ضخم، تلاه تقدم لقوات المشاة البريطانية قبل ضوء القمر فى حقول ألغام قوات المحور.
وألهمت خطة «مونتجمرى» جيوش الحلفاء بإنشاء وحدة سرية لفنون الخداع، نفذت 5 مهمات تمويهية أخرى خلال الحرب العالمية الثانية دون إطلاق رصاصة واحدة. وتكونت من نحو 1100 من فنانى مكياج، وممثلين، وفنيى صوت، ورسامين، ومصورين، وصحفيين، معظمهم يعملون فى هوليوود.