في خطوة تعكس مدى التخبط الذي تعاني منه الإدارة الأمريكية والازدواجية التي تبدو في أقوال المسؤولين ومواقفهم تجاه القضايا المختلفة، قامت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، بـ«تغيير التعليقات التي قدمتها أمام الكونجرس هذا الصيف» بشأن تمويل قطر لحركة «حماس»، وقالت إن «دولة قطر الغنية بالطاقة لا تمول حماس».
ويأتي هذا في إطار جهود وزير الخارجية ريكس تيلرسون، لتوحيد الفصائل المتنافسة في إدارة ترامب وراء سياسة مشتركة في أزمة الخليج «عالية المخاطر».
ومنذ المقاطعة التي أجرتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر بسبب دعمها للإرهاب، اتخذ كبار مسؤولي ترامب وجهات نظر مختلفة في النزاع.
واعتبر الرئيس دونالد ترامب والمساعدون الرئيسيون، بمن فيهم «هالي» والمستشار الاستراتيجي آنذاك ستيفن بانون، النزاع في البداية «فرصة» للضغط على قطر لدعمها للجماعات الإسلامية مثل «حماس» و«الإخوان المسلمين».
وفى الوقت نفسه، اعتبر تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس، أن «المقاطعة» تشكل تهديدا للاستقرار في المنطقة وللقاعدة الجوية الأمريكية في قطر التي تعد أكبر تجمعًا للجنود الأمريكيين في الشرق الأوسط.
وفي 28 يونيو، كررت هالي ما قالته بشأن أن «قطر تمول حماس» خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، مما أثار أسئلة مكتوبة للمتابعة من أعضاء الكونجرس تسأل عما إذا كانت الولايات المتحدة على علم بمدفوعات الحكومة القطرية لـ«حماس». وردت عليهم في ورقة مكتوبة هذا الشهر، قائلة: «إن الولايات المتحدة ليست كذلك».
وقال «هالي» في مذکرة نواب مجلس النواب إن «الحکومة القطریة لا تمول حماس، إلا أنها تسمح للممثلین السیاسیین لحماس بأن یکونوا مقیمین في قطر، وهو ما تعتقد قطر أنه یحد من نفوذ إيران ويضغط علی حماس».
وزعمت أن «قطر ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد تمويل الإرهاب، بما في ذلك إغلاق حسابات بنك حماس».
وقال المحللون إن «التصريحات المنقحة تبرز الانفصال بين سياسة وزارة الخارجية وخطاب البيت الأبيض فيما يتعلق بالنزاع الدبلوماسي».
وقال إيلان جولدنبرج الخبير في الشرق الأوسط في مركز أمن أمريكا الجديد والمسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية إنه «في اللحظة التي تحاول فيها (هالي) والرئيس ترامب الضغط على قطر وانتقادها، فإن تيلرسون وماتيس يعملان في اللحظة التالية على إنهاء الخلاف الخليجي».
وأضاف أن «هذه الإجابات كتبت بالتأكيد من قبل موظفي وزارة الخارجية، فقد وصلت هالي إلى هناك وانتقدت قطر علنا، ثم اتبعت الدولة بعد ذلك توجيهات تيلرسون العامة بشأن اتباع نهج تصالحي».
ونفى مسؤول أمريكي طلب عدم الكشف عن هويته أن تكون «هالي» و«تيلرسون» غير متزامنين على الإطلاق، وقال إن «قائمة المسؤولين في إدارة ترامب تعمل بشكل متزامن».
وأضاف المسؤول أن «الحكومة الأمريكية كلها متحدة حول هذه القضية، ونحن نعمل جاهدين لدعم وحدة دول مجلس التعاون الخليجى التي تعتبر حاسمة لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وفى نفس الوقت نشجع الدول على اتخاذ المزيد من الخطوات نحو مكافحة الارهاب».
وقال ديفيد أوتواي، الخبير في مركز وودرو ويلسون في واشنطن: إن «ردود هالي أوضحت تراجعًا يظهر عكس موقفها بالنسبة لي ربما ألقت التهم السابقة دون معرفة ما كانت تتحدث عنه، أو ربما كانت هذه التهم سائدة من قبل الدولة لتغير موقفها بما يتماشى مع جهود تيلرسون لكي لا يكون أكثر عدم انحيازا حتى يكون أكثر فعالية في التوسط في النزاع».
وفى يوم قبل الماضي، لم يتمكن تيلرسون من إحراز أي تقدم في حل الأزمة التي استمرت حوالى 5 أشهر عقب رحلته إلى السعودية وقطر.
وفى مقابلة جرت الخميس الماضي، اتهم الدبلوماسى الأمريكى الكبير دول المقاطعة الرباعي العربي بالمسؤولية عن عدم تحقيق تقدم في المفاوضات.
وقد كافح تيلرسون لممارسة الضغط على الرياض والإمارات العربية المتحدة في جميع أنحاء الحكومة الأمريكية.
وكان ترامب قال في البداية إن المقاطعة العربية لقطر «صعبة ولكن ضرورية».
كما أن «هالي» قالت في وقت سابق، إن «المقاطعة فرصة جيدة لإقناع قطر بوقف دعم حماس».
وقال بروس ريدل، الباحث في معهد بروكينجز، والضابط السابق بوكالة المخابرات المركزية: «إن إجابات هالي تؤكد الخلافات حول هذه المسألة بين وزير الخارجية الذي يريد التوفيق بين السعودية وقطر والبيت الأبيض الذي يدعم المقاطعة 100٪»
وأضاف «هالي تقع بين مركزين متنافسين للقوة حيث يتمتع البيت الأبيض بجميع المزايا».