نشرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوى المعنى بالحريات الدينية لعام 2016، والذى يقدم إلى الكونجرس الأمريكى نظرة عامة مفصلة عن حالة الحريات الدينية فيما يقرب من 200 دولة وإقليم حول العالم، ورأى التقرير أن الأقليات الدينية بمصر لاتزال تواجه تهديدات كبيرة من خلال الهجمات الإرهابية والعنف الطائفى.
وأشار إلى أن الدستور المصرى نص على حماية حرية العقيدة، لكنه لا يوفر سوى لأتباع الإسلام والمسيحية واليهودية، الحق فى ممارسة دينهم بحرية، وبناء دور العبادة، فى الوقت الذى تواصل فيه الحكومة عدم الاعتراف بعدد من الطوائف الدينية، بما فى ذلك شهود يهوه، وطائفة المورمون، والبهائيون، حيث قيدت أنشطتهم.
وتضمن التقرير شهادات العاملين فى مجال حقوق الإنسان حول بطء الحكومة فى الاستجابة للعنف الطائفى، خاصة خارج المدن الكبرى.
وانتقد جلسات «المصالحة العرفية» لمعالجة حوادث العنف الطائفى، وتشجيع المسؤولين الحكوميين على المشاركة فيها، ووصفها بأنها «تشكل تعديا على النظام القضائى، وعلى مبادئ عدم التمييز والمواطنة، وتؤدى بانتظام إلى نتائج غير منصفة للأقليات»، وأشار إلى أن قانون بناء الكنائس الجديد يسهل الموافقة على بناء الكنائس وترخيصها، ولفت إلى إعادة بناء 78 كنيسة ومنشأة مسيحية تضررت أو دمرت خلال موجة العنف الطائفى التى وقعت بعد الإطاحة بحكومة الإخوان المسلمين.
وأبرز التقرير مساعى الرئيس عبدالفتاح السيسى لدعوة العلماء المسلمين إلى تجديد الخطاب الدينى ومواجهة الفكر المتطرف، ولفت إلى أن جهود تنقيح ومراجعة المناهج تأتى ردا على دعوة السيسى، ورأى التقرير أن قضية «إسلام بحيرى»، الذى تم الإفراج عنه بعفو رئاسى، قوضت دعوات الرئيس لمحاربة التطرف، موضحاً أن السيسى إبان توليه وزارة الدفاع وجه لإعادة بناء وترميم الكنائس سريعاً.
وأوضح التقرير أن تهمة «ازدراء الأديان» أدت إلى صدور إدانات وأحكام بالسجن خلال الفترة الأخيرة، ورأى أن الحكومة فشلت فى تجريم الخطاب المعادى للسامية، ورصد انخفاض الخطاب التحريضى ضد الأقليات الدينية الأخرى، مقارنة بتقرير عام 2015. وسرد العديد من الحوادث الطائفية التى استهدفت المسحيين فى مصر، بما فى ذلك تفجير «أحد السعف» والمواجهات الطائفية فى إلمنيا.
وأشار إلى لقاء مسؤولين أمريكيين رفيعى المستوى مع مسؤولين حكوميين من وزارتى «الداخلية والخارجية» للتأكيد على أهمية الحرية الدينية، وتوفير الحماية المتساوية لجميع المواطنين أمام القانون، والتزام الولايات المتحدة بقضايا الحريات الدينية، وتمت إثارة عدد من الحالات، بما فى ذلك الاعتداء على المسيحيين، والاعتراف بالبهائيين وشهود يهوه، وحقوق الشيعة فى أداء طقوسهم الدينية علنا، وتطرق التقرير لدعوة المستشار الأمريكى الخاص للأقليات الدينية فى الشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا، للقاهرة فى سبتمبر الماضى، إلى المساواة فى الحقوق بين جميع المواطنين المصريين.
ولفت إلى عمل موظفى السفارة الأمريكية فى القاهرة المنتظم مع المدافعين عن حقوق الإنسان والزعماء الدينيين وأفراد المجتمع المحلى، بشأن مسائل الحرية الدينية، بما فى ذلك حقوق جميع المواطنين فى اختيار دينهم، وبناء دور العبادة، وممارسة شعائرهم الدينية، فضلا عن مسؤولية الحكومة فى مقاضاة مرتكبى الهجمات الطائفية. وأشار التقرير إلى أنه يوثق الانتهاكات والتجاوزات التى ترتكبها الحكومات والجماعات الإرهابية والأفراد.
وقال الدكتور عماد جاد، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إن الولايات المتحدة تثير الأزمات الدينية بمصر عندما نختلف معها، لافتاً إلى أن تقرير الحريات الدينية الأخير نسخة بالكربون من التقارير القديمة ويحتوى على نقاط صحيحة وأخرى غير صحيحة. وتساءل «جاد»، فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»: من يعطى الحق لجهة خارجية لإصدار تقرير عن شأن داخلى؟ فالولايات المتحدة نفسها لديها مشكلات داخلية، ونحن لدينا مشكلات داخلية، وما قالوه من مشكلات صحيح ولكننا نتطلع لحلها داخليا وعلى ارضية وطنية. وأوضح أن ما يحدث فى مصر من مشكلات ينتقدها التقرير أمور طبيعية فى مجتمع يسعى للتطور، والمعركة مستمرة مع الميراث الثقافى الثقيل الذى يتبناه دعاة التطرف، وهناك تشدد داخل المؤسسات البيروقراطية نفسها منذ حكم الرئيس الراحل أنور السادات، فهناك معركة تطور داخلى دائرة.
وقال «جاد»: «وجه لى أحد أعضاء لجنة الحريات بالكونجرس الأمريكى دعوة للسفر إلى الولايات المتحدة منذ فترة قريبة ورفضت لأن مشكلاتنا نعرفها جيدا ونسعى لحلها ولكنهم يلجأون إلى إثارة تلك القضايا عندما نختلف معهم سياسيا، وأكبر دليل على أنهم ليسوا على دراية بمشكلاتنا أن قانون بناء الكنائس الذى أشاد به التقرير لم يقدم جديدا.