المتهم واحد، والضحية فتاتين، الأولى مأساة إنسانية بطلتها طفلة لم يتجاوز عمرها 8 سنوات، ففي 17 أكتوبر الجاري، خرجت «جنة» حارس مطر، كما تعودت كل صباح تتدلي منها ضفائرها متوجهة لمدرستها المسماة حجاجة الابتدائية بمركز فارسكور بمحافظة دمياط.
أنهت «جنة» يومها الدراسي بالصف الثاني الابتدائي، متوجهة لطريق عودتها لمنزلها البسيط تنتظرها والدتها ووالدها المدرس، فجأة تقفز الأم على صوت صراخ، لتجد ابنتها ملقاة على الأرض بعد أن سقطت على السلم، ولا توجد بها إصابات أو جروح، لكن جسمها كان يرتعش بقوة.
أسرع والديها باصطحابها لمستشفي الطوارئ بكفرسعد لإسعافها، استقبلتها طبيبة الاستقبال وأجرت لها الأشعة المطلوبة لتكتشف إصابتها بنزيف خطير في المخ، كسر في الجمجمة، وتحتاج لإجراء عملية جراحية لإنقاذها.
يحكي شقيقها لطفي المأساة لـ«المصري اليوم»، قائلًا: «توجهنا بسرعة لمكتب مدير المستشفي الذي صرخ في وجهنا: «مفيش دكاترة، أجيبلكو دكاترة مخ وأعصاب دلوقتي منين ؟، عاوزني أروح أجيبهم من عياداتهم؟ وأضاف: البنت مش جايه في إسعاف، ومش هعرف أعملها حاجه، خدوها من هنا، معنديش أماكن، هو كل واحد يبجي ببلوه ويرميها عليا ؟.. خدوها المستشفى التخصصي بسرعة، ورفضت الطبيبة خروجها أو مرافقتها لخارج المستشفي لخطورة حالتها، وقالت للمدير: «البنت بتموت، ورفضت تحرير خطاب تحويل لمستشفى دمياط التخصصي، ما دعا مدير المستشفى لتحرير الخطاب بنفسه، واستدعي سيارة إسعاف، فرفض مسؤول الإسعاف استلام الحالة دون مرافق، فقاموا بإرسالها بصحبة طبيب عظام إلى مستشفى دمياط التخصصي بعد 3 ساعات».
وأضاف: «بعد ساعتين ونصف تقريبا داخل مستشفى دمياط التخصصي دخلت (جنة) غرفة العمليات لإجراء عملية جراحية لها، وبعد ما طلبوا مننا نشتري كل مستلزمات العملية من برة المستشفى تقترب بحوالي ألف جنيه، ووفرنا 4 أكياس دم، قامت بعدها المستشفي بإخراجها فور انتهاء العملية لنقلها لمستشفى دمياط العام بحجة عدم وجود غرفة عناية للأطفال، حيث رقدت داخل غرفة بالعناية المركزة بمستشفى دمياط العام لمدة أسبوع، حيث فارقت الحياة بعدها»، حسب قوله.
وواصل شقيق الطفلة: «إزاي مستشفي طوارئ مفيهاش دكاترة مستعدين لأي حالة.. اسمها طوارئ إزاي ؟، وإزاي بنت عندها نزيف في المخ تعمل عملية بعد 6 ساعات، وتتنقل بين 3 مستشفيات في يوم واحد، مين يجيب حق جنة ؟، الدكاترة بيقولوا أنها كان لازم تعمل عملية بسرعة وتأخر ذلك سبب تدهور حالتها مما أدى لوفاتها».
في نفس يوم وفاة «جنة»، تسقط الضحية الثانية، داليا صبحي، 17 عامًا، من مدينة السرو بمركز الزرقا بالمحافظة مصابة بانفصال تام بقدمها، بعد أن صدمها سائق (توك توك) مسرع ليتم نقلها بسيارة الإسعاف لمستشفى الطوارئ بكفر سعد، بعد أن «فقدت كمية كبيرة من دمائها، وأمام عدم وجود طبيب تخدير بالمستشفى في هذا الوقت، وفشل المستشفي في الاتصال لاستدعاء أكثر من طبيب، تم نقلها لمستشفي دمياط العام، التي رفضت استقبالها، ليتم نقلها على الفور لمستشفي دمياط التخصصي، بعد أن دخلت المصابة مرحلة الخطر، ولم تتحرك المستشفي لإسعافها ليضطر أهلها لنقلها لأحد المستشفيات الخاصة بمدينة دمياط الجديدة، حيث لفظت أنفاسها الأخيرة بها».
من جانبه، أكد الدكتور رمضان الخطيب، وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، الإثنين، أنه قرر عزل مدير المستشفى الدكتور السيد صيام، وتعيين الدكتور طارق رخا، مديرًا لمستشفى الطوارئ، مشددًا على أنه لا يقبل التهاون في حق أي مريض، ويحقق أي شكوى بشرط ثبوت صحتها.