ظهرت الكثير من النماذج و المواقف ، التي أوضحت كيف أن المسلمين ، كانوا بالفعل كالبنيان المرصوص ، ذلك الذي مكنهم من ريادة العالم لقرون عديدة و القضاء على أعظم الامبراطوريات ، في ذاك الوقت و ذلك الذي كان يظهر جليا ، في الغزوات التي تمكن فيها جيش المسلمين ، ذو العدد القليل من المجاهدين من التصدي لأعظم ، و أكبر الجيوش بل و غلبتهم أيضا .
نماذج من حياة النبي
كان هدف نبي الله الأول توحيد صف المسلمين ، و توحيد كلمتهم على كلمة الحق ، و قد عمل على ذلك في العديد من المواقف بل و هناك العديد من الأحاديث النبوية ، التي وضحت ذاك الأمر ، و منها قال الرسول صلى الله عليه وسلم :المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص ؛ يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه ، وقوله صلى الله عليه وسلم : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد ؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر .
المؤاخاة بين الأنصار و المهاجرين
– حينما تحدث القرآن الكريم عن المؤمنين ، قال إنهم أخوة و كان واجبا على رسول الله ، أن يحثهم على التعامل بهذه الطريقة ، و قد تجلت أسمى معاني الأخوة ، أيام هجرة رسول الله ، فحينما وصل إلى المدينة المنورة ، حث الأنصار و المهاجرين على التآخي بل ، و مقاسمة ثرواتهم و ممتلكاتهم فيما بينهم .
– كان أهل قريش حرفتهم الأساسية هي التجارة ، في حين عمل أهل المدينة بالزراعة و الصناعة ، و هذه هي عوامل أي دولة اقتصادية ، و قد عملوا على اقتسام المهن ، و تعليمها لبعض و اقتسام الأموال و المنازل ، و غيرها و لم يشعر أبدا المهاجرين أنهم ضيوفا عند الأنصار .
– ظهرت أيضا عدد من المواقف فيما بعد و التي كان يستنجد ، فيها المهاجرين بإخوانهم من الأنصار ، و العكس دون النظر لأصل القبيلة أو للعرق و غيرها ، فكانوا فعلا كالبنيان المرصوص .
يوم السقيفة
و هذا اليوم من أعظم الأيام التي مرت على الأمة الإسلامية ، و لولا عناية الله لانتهت هذه الأمة ، فقد حدث هذا اليوم بعد موت رسول الله ، حينما اختلف المسلمين على أميرهم ، و لكن تمكن عمر بن الخطاب من جمع المسلمين ، على كلمة الحق و الإيمان بالله ، و رسوله و بذلك مكنهم من تخطي هذا النزاع ، الذي نشب بين المهاجرين و الأنصار ، و كان ذلك من خلال إشعارهم بأنهم هم أصحاب الرأي ، و أن الأمر شورى كما هو .
عام الجماعة
و كان هذا الموقف أيام الخليفة الحسن بن علي بن أبي طالب ، حينما قاد جيوشه إلى العراق ، و وقف أمام معاوية بن أبي سفيان ، و الذي أراد انتزاع الخلافة الإسلامية حينها فكر سيدنا الحسن ، في أنه بهذا الموقف سوف يتقاتل جانبين ، من المسلمين فأراد أن يلم شمل المسلمين ، و تنازل عن الخلافة لمعاوية ، و كان هدفه بذلك أن يبقى المسلمين على قلب رجل واحد ، و قد ظل على هذا المبدأ حتى بعد وفاته فخوفا من أن يفتتنوا المسلمين ، من بعده طلب دفنه عند النبي صلى الله عليه و سلم ، بعد وفاته و قد تصدى بني أمية لهذه الرغبة ، و لكن نظرا لخوف سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب ، من أن تحتد الفتنة مجددا وافق على ما قالوه بني أمية ، و قد تم دفن سيدنا الحسن بالفعل في مقابر المسلمين ، و لم يدفن بجانب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
كانت هذه العوامل هي السبب الذي يدعم المسلمين ، و الذي مكنهم من الانتصار على الروم و الفرس في الوقت الذي كان المسلمين بأكملهم فيه لا تصل أعدادهم لنصف عدد جيش الفرس و الروم .