{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:27]، يجب على الإنسان أن يكتب على نفسه عددًا محدودًا في كل من الاستغفار وحمد الله، وليس له أن يخص الذكر بذلك بزمن معين، بل يحرص على الذكر بذلك وبغيره مما ثبت من الذكر وبغيره مما ثبت الذكر به بما تيسر من العدد، في أي وقت، وهو ما جاء في مجموعة تفاسير سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
ما هي البدعة المذكورة في الآية ؟
يوضح لنا فضيلة الشيخ: أن المراد من البدع في الآية الكريمة هي الرهبانية والتي تعرف بأنها الانقطاع لعبادة الله واعتزال الناس؛ ابتغاء التقرب إلى الله تعالى وطلبها لرضاه سبحانه بالمبالغة في طاعته، سواء كان هذا الانقطاع بلزوم الجبال، أو الكنائس، أو البيع والصوامع، أو غير ذلك، وهذهالبدعة لم يكتبها الله عليهم، ولم يشرعها لهم، بل هم الذين أحدثوها من عند أنفسهم؛ رجاء رضوان الله في زعمهم، شأنهم في ذلك شأن من سلك سبيلهم من مبتدعة هذه الأمة، فإنهم ابتدعوا في الإسلام بدعًا لم يأذن بها الله، كاجتماعهم لذكر الله صفوفًا، أو حلقات مع الترنح والتمايل يمنةً ويسرة، ومن أعلى لأسفل بأصوات مرتفعة وصياح وعويل ممن يسمونهم “المجاذيب”، وكبدعة الاحتفال بمولد النبي صل الله عليه وسلم، وكذلك موالد الصالحين؛ رجاء الثواب من الله تعالى بتعظيم الأنبياء والصالحين بهذه الاحتفالات، إلى أمثال ذلك من الاحتفالات التي لم يشرعها لعباده.
وما هو حكم رعاية البدعة ؟
هؤلاء الذين ابتدعوا الرهبانية، لم يراعو هذه الرهبانية، أي أنهم قصروا على مدى الأيام في العمل ما ابتدعوا؛ تقربًا إلى الله في زعمهم، فأنكر الله عليهم ابتداعهم في دين الله ما لم يأذن به، وعدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة تقربهم إلى الله عز وجل، ولو كانوا تركوها إنكارًا لها ورجوعًا إلى الحق لأثيبوا على تركها.
ما حكم من كتب على نفسه أن يستغفر الله وأن يحمد الله مائة مرة صباحًا ومساءً ؟
يجيب فضيلة الشيخ عن ذلك: بأن من كتب على نفسه عبادة، لكنها غير مفروضة، وأداها على الكيفية التي شرعت عليها عددًا ووقتً، مطلقة أو مقيدة فقد أحسن، وليس هذا بدعة في الإسلام، لأنه مشروع بأصله ومثاله: التزام عبد الله بن عمرو بن العاص التهجد وصيام يوم وإفطار يوم، ومداومته على ذلك رضي الله عنه، فضعف لذلك، ولما أشير ولما أشير عليه بالتخفيف عن نفسه قال: «ما كنت لأترك شيئًا فعلته زمن النبي صل الله عليه وسلم» فمن وفى بما التزم به مما شرع الله فقد أحسن، ومن ترك شيئًا لضعف فقد أخذ بالرخصة، ولا حرج عليه ومن تركه تهاونًا وكسلًا فقد ارتكب خلاف الأولى.
لذلك يجب على الإنسان أن يكتب على نفسه عددًا محدودًا في كل من الاستغفار وحمد الله، وليس له أن يخص الذكر بذلك بزمن معين، بل يحرص على الذكر بذلك وبغيره مما ثبت من الذكر وبغيره مما ثبت الذكر به بما تيسر من العدد، في أي وقت,
ما حكم من كتب على نفسه أمرًا لم يشرع به الله ؟
أما من كتب على نفسه عملًا لم يشرعه الله أصلًا؛ كالاحتفال بعيد الميلاد، وبأول العام الهجري، وبالموالد ونحو ذلك، أو التزم ما شرع الله أصله لكن فعله على غير الكيفية التي شرعه الله عليها، فالتزامه بدع منكرة؛ وذلك لمخالفته الكيفية التي شرع الله عليها العبادة، مثاله: ما تقدم من الذكر جماعة بصوت واحد مرتفع إلى آخره من جنس هذه الأفعال فإن الله لم يشرعه بهذه الكيفية، ولا ذكره رسول الله بهذه الكيفية، ولا علمها أصحابه، ولو كان فيها خيرًا لشرعها الله ولعمل بها رسوله وأصحابه، ولو فعلوا لنقل إلينا نقلًا ثابتًا فدل ذلك على أنه من البدع المحدثة التي يجب اجتنابها