حوار: دينا عبدالفتاح و هشام إبراهيم
كشف خالد نصير رئيس الجمعية المصرية البريطانية للأعمال، عن اعتزام الجمعية تنظيم بعثتها الترويجية لبريطانيا يوم الأربعاء المقبل بمشاركة نحو 40 شركة ومؤسسة مالية لتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة، والترويج للفرص الاستثمارية المتاحة بالسوق المصرية.
وأشار فى حوار خاص، إلى أن هناك 3 قطاعات رئيسية ترتكز عليها خطط الترويج ومناقشات البعثة وهى قطاعات الطاقة والخدمات المالية والبنوك والمشروعات القومية التى تعكف الدولة على تنفيذها خلال الفترة الراهنة مثل محور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة. أضاف نصير أن توقيت إرسال البعثة يعد إيجابياً فى ظل نجاح مصر فى قطع شوط كبير من سياسات الإصلاح الاقتصادى وكذلك قيام بريطانيا بعمل تغييرات كبيرة فى خريطة تعاملاتها الخارجية عقب قرارها بالانفصال عن الاتحاد الأوروبى.
وتابع أن هناك ضرورة حتمية لمواصلة سياسات الإصلاح المالية والاقتصادية من خلال مواجهة مشكلات البيروقراطية التى لاتزال تقيد تدفق رؤوس الأموال الجديدة داخل السوق، وكذلك عمل استقرار نوعى بالمنظومة التشريعية والإجرائية المتعلقة بحركة الاستثمار، مطالباً بإعادة النظر فى قرار البنك المركزى برفع أسعار الفائدة لما له من تأثير سلبى على حركة تدفق الاستثمارات الجديدة نظراً لكون تكلفة التمويل تمثل محفزاً رئيسياً للاستثمار وضخ رؤوس الأموال الجديدة بالسوق.
■ بعد مرور عام على سياسات الإصلاح المالى والاقتصادى التى انتهجتها الدولة.. كيف تقيم تأثير تلك السياسات على مؤشرات الاقتصاد المصرى وحركة الاستثمار؟
– لابد من التأكيد على أن سياسات الإصلاح التى اتبعتها الدولة خلال الفترة الماضية كانت حتمية لعلاج الأمراض التى طالما عانى منها الاقتصاد المصرى طيلة الفترة الماضية، فلم يكن لدينا خيارا آخر سوى اتخاذها، وبالفعل بدأت أثارها الإيجابية تنعكس على مؤشرات السوق، سواء من حيث معدل النمو الذى وصل إلى 4.9% أو معدل البطالة الذى بدأ فى التراجع، وحجم الاحتياطى النقدى الذى تخطى مؤخرا حاجز 36 مليار دولار.
ولكن يجب التأكيد على أهمية مواصلة تلك السياسات بخطوات أخرى حاسمة خلال الفترة المقبلة، وذلك لتحقيق تنمية مستدامة تنعكس على حياة المواطنين بشكل كبير، وكذلك إثبات جدية الدولة فى استقطاب المزيد من رؤوس الأموال الجديدة للسوق المصرية.
إذا فما هى أبرز السياسات الهامة التى يجب أن تسارع الدولة فى تطبيقها لمواصلة عملية الإصلاح من وجهة نظرك ؟
اعتقد أن هناك ضرورة ملحة للتعامل بشكل أكثر حسما لمواجهة البيروقراطية والروتين الذى لا يزال يتفشى فى بعض الأجهزة الإدارية للدولة، خاصة فى ظل حزمة التشريعات التى تم اتخاذها مؤخرا مثل قوانين الاستثمار والتراخيص الصناعية والتى تتطلب توعية وتدريب كافة أطراف المنظومة وحتى صغار الموظفين عليها لضمان نجاح تطبيقها، واقترح أن يتم تبنى حملة لتغيير المفاهيم وبث روح النجاح لدى الجميع لإدراك أهمية تذليل العقبات التى تواجه المستثمرين بما قد ينعكس بشكل إيجابى على حياة كافة المواطنين.
ويعد الخطوة الأخرى التى يجب أن نسارع فى تنفيذها هو عمل استقرار نوعى فى المنظومة التشريعية والضريبية لمدة مؤقتة تصل إلى 5 أعوام، وذلك بهدف بعث رسالة طمأنة للمستثمرين بأننا نملك منظومة اقتصادية واضحة المعالم ولمدى زمنى كبير.
■ ماهى رؤيتك للسياسات النقدية التى يتخذها البنك المركزى لحل إشكاليات التمويل ومواجهة التضخم؟
– لاشك أن السياسات التى اتخذها البنك منذ قرار تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016، تعد فارقة وأكثر إيجابية، وبالفعل أصبحنا نملك سعرا حقيقيا للعملة يعبر عن نظرية العرض والطلب دون أى تدخل للدولة بما ساهم فى تحقيق فوائد عديدة على مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية وعظم من قدرات الصناعة الوطنية والصادرات، إلا أننى أرى ضرورة المسارعة فى إعادة النظر فى سعر الفائدة الحالى والذى يعد غير مشجع للاستثمار الداخلى والذى لا يقل أهمية عن الاستثمار الأجنبي، وذلك فى ظل إدراكنا فى الوقت ذاته لأهمية قرار رفع أسعار الفائدة الذى تم اتخاذه لتحجيم التضخم وخفض الأسعار.
■ على صعيد العلاقات المصرية البريطانية.. كيف تقيم مستقبل تلك العلاقات خلال الفترة المقبلة ؟
– تتسم العلاقات المصرية البريطانية بالعمق والمتانة فى ظل امتدادها لسنوات عديدة، حيث تعد بريطانيا الأكثر استثمارا داخل السوق المصرية، وسجلت قيمة الاستثمارات البريطانية الجديدة بالسوق المصرية بنهاية يونيو الماضى وفقا للبنك المركزى المصرى نحو 693 مليون دولار.
ونستهدف خلال الفترة المقبلة تنظيم بعثة اقتصادية لطرق الأبواب تضم 40 شركة ومؤسسة مالية مختلفة لزيارة بريطانيا يوم 8 نوفمبر المقبل ولمدة 3 أيام، وذلك بهدف الترويج لحزمة المشروعات القومية التى تعكف الدولة على تنفيذها حاليا مثل مشروع تنمية محور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، بجانب تعريف مجتمع الأعمال الإنجليزى بطبيعة أوضاع الاقتصاد المصرى حاليا عقب سياسات الإصلاح التى قطعتها الدولة، من خلال تنظيم لقاءات مع المراكز البحثية المعروفة للمشاركة فى تحسين صورة مصر فى الخارج ونقل ما يجرى داخل مصر على المستوى الاقتصادى بكل شفافية لمواجهة الدعاية المغرضة التى يقوم بها البعض ضد الدولة المصرية.
■ برأيك ما هو مدى أهمية توقيت إطلاق البعثة؟ وماهى أبرز القطاعات التى سترتكز عليها المناقشات خلالها ؟
– دعينى أؤكد بشكل رئيسى أن توقيت إرسال البعثة يعد أكثر إيجابية فى ظل نجاح مصر فى قطع شوطا كبيرا من السياسات المؤهلة لاجتذاب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية وتعزيز علاقاتها التجارية، وكذلك قيام بريطانيا بعمل تغيير كبير فى خريطتها عقب قرارها بالخروج من الاتحاد الأوروبى، والذى يعد فرصة ذهبية للصادرات المصرية للنمو وأن تكون البديل الملائم لاحتياجات السوق الإنجليزى من السلع والمنتجات التى كانت تورد إليها عبر دول الاتحاد.
وترتكز أعمال البعثة على الترويج للفرص الاستثمارية بنحو 3 قطاعات رئيسية هى الطاقة وخاصة مشروعات الطاقة المتجددة والمشروعات القومية مثلما ذكرت، وكذلك البنوك والخدمات المالية، حيث نسعى أيضا عبر الزيارة بشكل عام اجتذاب الشركات المتوسطة فى بريطانيا للتواجد بالسوق المصرية خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن أغلب الشركات والمؤسسات البريطانية الكبيرة تتواجد بالفعل فى السوق المصرية مثل بنك HSBC وشركة فودافون، وشركة يونيليفر، وشركة British Petroleum، وشركة شل للزيوت.
كما أن الشركات المتوسطة تعد الأكثر قدرة على خلق وإتاحة أعداد كبيرة من فرص العمل، فى ظل احتياجنا لتوفير نحو مليون فرصة عمل سنويا داخل السوق المصرية لحل مشكلة البطالة.
ومن المقرر أن تشهد فعاليات البعثة أيضا المشاركة فى المؤتمر البريطانى للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث نجحنا فى تخصيص جلسات للتعريف بآخر تطورات الأوضاع الاقتصادية فى مصر والنجاحات التى حققها الاقتصاد المصرى وعمليات الإصلاح والهيكلة التى تجرى حاليا علاوة على إلقاء الضوء على مزايا وحوافز الاستثمار التى يوفرها القانون الجديد الذى صدرت لائحته التنفيذية مؤخرا، وسوف يتولى توضيح ذلك خبراء ومسئولون معنيون بكل ملف على حدة.
بالإضافة إلى عمل لقاءات بعدد من المدن الصناعية والتجارية خارج لندن، حيث سيتم تنظيم زيارة لمنطقة « أبردين» فى اسكتلندا وهى مشهورة بكونها مركزا للشركات العاملة فى مجال البترول والطاقة بكافة أنواعها، علاوة على تنظيم لقاءات مع شركات متعددة الجنسيات بها، وكذلك تنظيم زيارة لـ «أيرلندا الشمالية» والتى يتواجد بها مشروعات للخدمات المالية وبعض الصناعات الناشئة، فمن المقرر أن يتم توقيع اتفاق توأمة بين الهيئة العامة للاستثمار ونظيرتها الأيرلندية.
■ ما هى طبيعة المشاركة الحكومية بالبعثة ؟
– بالفعل تم الاتفاق مع مسئولى وزارات البترول والاستثمار والكهرباء والإسكان، وكذلك بعض الهيئات المعنية بما فيها هيئة الاستثمار وهيئة قناة السويس لضمان وجود ممثل لها فى البعثة ليتولى شرح وتعريف المستثمرين أثناء الزيارة وفى اللقاءات المختلفة بتفاصيل ومضمون الملف التابع له، كما أن هناك تواصل مستمر مع مسئولى وزارتى الصناعة والمالية للمشاركة بالبعثة.
■ هل يمكن التوجه لتخصيص مساحات محددة من الأراضى الجديدة للمشروعات البريطانية فى مصر على غرار المنطقة الصناعية الروسية ؟
– لم نتطرق من قبل لذلك المقترح، ولكننا سنقوم بدراسته على مستوى أعضاء الجمعية وكذلك مع الجانب البريطانى لتحديد إمكانية دراسة التقدم لإنشاء منطقة صناعية جديدة للشركات البريطانية المختلفة.
■ ما هى رؤيتك لمستقبل العلاقات التجارية بين البلدين عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى؟ وما هو تقييمك للخطوات التى اتخذتها الحكومة للتعامل مع ذلك المتغير؟
– هناك رغبة جادة تتوافر لدى مسئولى البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى المشترك دون التأثر بالمتغير الحالى الذى حدث على صعيد تخارج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، حيث يقوم جيفرى دونالدسون المبعوث التجارى البريطانى لمصر بعمل زيارات مستمرة للقاهرة لتذليل كافة العقبات التى تواجه حركة التجارة والاستثمار المشتركة.
كما قامت الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة التجارة والصناعة بعمل الدراسات اللازمة والتفاوض لصياغة الاتفاقيات اللازمة مع الجانب البريطانى لضمان سير التعاون عقب التخارج، إلا أنه لا يزال هناك حالة من الترقب وعدم الوضوح يسود الجانب البريطانى والذى لم يحدد بعد الآلية التى سيتم بها عملية الانفصال عن الاتحاد الأوروبى.
■ إذا متى تتوقع أن يتم إبرام اتفاق تفصيلى للتجارة بين البلدين ؟ وما هو العائد المتوقع من ذلك التعاون المشترك؟
– يصعب التكهن وتحديد الإطار الزمنى لتوقيع الاتفاقية خاصة وأنها لا تزال قيد الدراسة والتفاوض بين كلا البلدين، كما أن المملكة المتحددة تعانى حاليا من عدم قدرتها على تحديد السيناريو الذى ستتبعه على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية مع الدول الأخرى عقب الانفصال.
ولكنه يجب التأكيد على أهمية ذلك التوجه الجاد من كلا الجانبين لإبرام اتفاقية مشتركة فى مجال التجارة وتفادى أى خسائر أو سلبيات قد تنتج عن مرحلة بعض الانفصال واستغلال ما تتميز به كلا البلدين من إمكانيات لتوفير احتياجات سواء السوق الإنجليزى أو المصرى من السلع والخدمات، وكذلك استغلال الاتفاقيات التجارية التى تمتلكها مصر مع أغلب التكتلات التجارية العالمية لتدعيم الصادرات البريطانية، وهو الأمر نفسه للصادرات المصرية ببريطانيا.
■ ذكرت أنه سيتم عقد لقاءات مع بعض المؤسات المالية الإنجليزية خلال الزيارة..فما هى أبرز تلك المؤسسات ؟ وما الهدف من ذلك ؟
– بالفعل سنقوم بعقد لقاء على هامش الزيارة مع مسئولى البورصة البريطانية، لتعريف الشركات المصرية بطبيعة سوق المال الإنجليزى باعتبارها أحد الأدوات الرئيسية لتوفير التمويل اللازم للشركات، واستعراض بعض السياسات الإصلاحية التى قامت بها مصر خلال تلك الزيارة، كما أن هناك عدد من الشركات المصرية تدرس خلال الفترة الراهنة إمكانية طرح أسهمها أو بعض شهادات الإيداع داخل السوق البريطانية.