مرت الثورة العرابية بمنعطفات وتحولات كثيرة على مدار عامى ١٨٧٩ و١٨٨٢، وكانت أولى مقدماتها في فبراير ١٨٨١ إثر سجن أحمد عرابى وصحبه بسبب مطالبتهم بإصلاحات في الجيش وعلى رأسها عزل وزير الحربية عثمان رفقى.
وارتفع شأن «عرابى» كزعيم وطنى يتحدث باسم الشعب مطالبا بالحرية وقد اندلعت الثورة في ٩ سبتمبر ١٨٨١ وقادها الجيش ودعمها الشعب، وأعلن «عرابى» مطالب الشعب والجيش للخديوي توفيق، منها تشكيل مجلس شورى النواب على النسق الأوروبى وعزل وزارة رياض باشا رئيس الوزراء، الذي أساء معاملة المصريين فقال الخديوي: «هذه الطلبات لا حق لكم فيها وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائى وأجدادى، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا»، فرد «عرابى» قائلا: «لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقارا ولن نورث أو نستعبدبعد اليوم».
واستجاب الخديوي لمطالب الأمة وعزل رياض باشا،وكلف شريف باشا بالوزارة، وجاء محمود سامى البارودى وزيرا للحربية وسعى لوضع دستور للبلاد ونجح في الانتهاء منه وعرضه على مجلس النواب، ثم تتابعت الأحداث سريعا وتكرر تدخل بريطانيا في الشأن المصري واستقال «شريف» ثم أعلن الدستور في ٧ فبراير ١٨٨٢ ثم وقعت مذبحة الإسكندرية ومن بعدها معركة كفر الدوار ثم مذبحة القصاصين إلى أن كانت النهاية بهزيمة عرابى المنكرة في التل الكبير في ١٣ سبتمبر ١٨٨٢.
ودخل الإنجليز القاهرة في ١٤سبتمبر ١٨٨٢ فكانت بداية الاحتلال الذي دام ٧٤ سنة، و«زي النهارده» في ٣ ديسمبر١٨٨٢ حوكم «عرابى» وصحبه وتم الحكم عليهم بالنفى لجزيرة (سرنديب) سريلانكا حاليا.
وفي شهادة للدكتور عبدالمنعم الجميعي أستاذ التاريخ المعاصر والحديث، يقول إنه رغم اختلاف بعض الروايات عن تفاصيل الثورة العرابية وبالأخص المواجهة التي وقعت بين الخديوي توفيق وعرابي واللوحة التي تجسدها فإن هناك أمور لا يتعين علينا إغفالها فقد مثلت الثورة العرابية خطوة للإمام في سياق المطالب الوطنية المصرية، ومنها إقامة مجلس نيابي وعزل الوزارة المستبدة وتصحيح أوضاع المصريين في الجيش المصري آنذاك وهي ثورة قادها الجيش وكان النديم في هذه الثورة قد جمع التوقيعات على التوكيلات لعرابي ليعلن مطالب الشعب على الخديوي غير أن هزيمة عرابي وإخفاق الثورة التي انتهت بالاحتلال كان سببها الانشقاق الذي دب في صفوف الثوار فكان هناك من انضموا لصفوف الخديوي ومنهم من انضم لعرابي فضلا عن هزيمة التل الكبير، كما أن عرابي لم يقدر له أن يشارك في معارك كبيرة تكسبه خبرة كافية لمواجهة جيش الاحتلال المجهز والمدرب.