تعد شركة النصر للغزل والنسيج والتريكو (شوربجى)، التابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس بوزارة قطاع الأعمال العام، من أقدم وأعرق الشركات العاملة فى مجال الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، إذ تأسست عام 1947، لكن تدهورت أوضاع مصنعها فى منطقة إمبابة بالجيزة، وتوقفت معظم خطوط الإنتاج، ولم يعد ينتج حتى نصف ما كان ينتجه فى ستينيات القرن الماضى.
يقول زكريا شرف، رئيس اللجنة النقابية لصناعة الغزل والنسيج بالجيزة، أحد أقدم عمال المصنع، إن الرئيس الأسبق حسنى مبارك، دمر صناعة الغزل والنسيج، لأنه منع قيام هذه الصناعة وفتح باب الاستيراد، وأصدر قانونا يسمح بخروج العمال من الخدمة معاشاً مبكراً، ما قلل من وجود الخبرات والفنيين فى المصانع.
وأضاف: «أنا كنت أعمل فنياً فى المصنع على الماكينة مباشرة، وخرجت على المعاش عند 65 عاماً، وبدأت العمل فى المصنع عندما كان عمرى 11 عاماً، وهو من أعرق المصانع المصرية، ومساحته 6 أفدنة ونصف الفدان، وتم تأميمه عام 1961، وكان المصنع الوحيد فى مصر الذى ينتج الغزل الرفيع والمتوسط، وهى الخيوط التى تنتج أرقى أنواع القماش، وكنا نصنع أفضل (جبردين ووتر بروف، ولينو)، الذى نصنع منه أجود أنواع الكاستور، وكنا ننتج أجود أطقم (اللانجيرى)، أما جوارب (الشوربجى)، فكان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لا يرتدى غيرها، وكل هذه المنتجات توقفت فى الوقت الحالى».
وتابع «زكريا»: «ظل المصنع يعمل بامتياز حتى بداية عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وبعد ثورة التصحيح التى أعقبت حرب 1973، كانت أولى خطوات السقوط، وضع نظام (الدرجات)، وهو نظام تعيين العامل على الدرجة العاشرة ويترقى كل 5 سنوات، ويعين بتسعة جنيهات ونصف الجنيه، وهنا تصبح عين وتركيز العامل على الوظيفة فقط، وكانت مؤشرات السقوط، وبدأت الشركات تخسر وبدأ الانفتاح الاقتصادى، عامل فنى صاحب خبرة يعمل على ماكينة، كيف يأخذ 20 ألف جنيه مكافأة ويجلس فى الشارع بعد إنهاء خدمته».
وقال: «الاتحاد الأوروبى خطط لإعادة هيكلة الشركات، وساهمت فيها القيادات العمالية الكبيرة، عندما ألغوا قانون 48، وسنوا قانون 12 الذى يتيح لصاحب الشركة فصل العامل، والاتحاد دفع أموال المعاش ونفذ خطة إعادة الهيكلة وخروج الشباب من الخدمة، وتحولت الشركات القابضة لشركات الغزل والنسيج إلى مجموعة لصوص، ولا يوجد تقصير من العمال لأنهم مأمورون، وأمام الآلة ينفذون الأوامر».
وأوضح أن الاتحاد الأوروبى يريد تخريب الصناعة فى مصر، وخرب زراعة القطن، والحل لإعادة إحياء هذا القطاع صناعة الموضة: «كل يوم موضة جديدة بقميص جديد يحتاج ابتكارا لجذب المشترى وبالتالى تدور عجلة الإنتاج بعد البيع بكميات كبيرة، فهناك صناعات فى قطاع الغزل والنسيج بدون رئيس قطاع تجارى ولا رئيس قطاع مصانع ترتكز مهمتهما فى التسويق والابتكارات فى الموديلات بناء على طلب السوق».
وأضاف أن هناك ضعف إقبال من العمالة على العمل فى صناعة الغزل والنسيج، بسبب ضعف الراتب: «لدينا 4 صناعات فى مصر استقطبت العمالة (التوك توك، ومن يفرزون النفايات فى الشارع «النباشين»، والأمن، وعمال النظافة فى البيوت)، لكن الصناعات الوطنية لا يوجد بها مقابل مادى جيد، والبائع المتجول ينال دخلاً أفضل من الموظف، فى الوقت نفسه هناك من لا ينتجون داخل هذه الشركات ويحصلون على الأموال من وزارة قطاع الأعمال العام، والوزير أشرف الشرقاوى قال كلاماً مهماً لو نفذه سيعد بداية الإصلاح وهو عدم استمرار أى شخص تخطى الستين فى الخدمة، ما أدى فى النهاية إلى أن مصنعاً عريقاً مثل «الشوربجى» تم بيع ماكينات الإنتاج به، وتبقى به 33 ماكينة يعمل منها 10 فقط والباقى متوقف.
بينما يقول «ش. م»، أحد القيادات العمالية فى مصنع «الشوربجى»، إن المصنع ينتج الغزل والنسيج والتريكو، بالإضافة إلى خط الملابس الجاهزة والمصبغة التى لا تعمل، وما يعمل حالياً 50% من طاقة المصنع، والإدارة تعتمد على تشغيل إنتاج خارجى، بحيث يشترى منتجات من مصانع خارجية يتم وضع لوجو «الشوربجى» عليها وبيعها فى معارض الشركة، لافتاً إلى أن المصنع كان به 203 ماكينات غزل معظمها لا يعمل الآن، فمنذ عام 1997، تاريخ بدء الخصخصة، يعمل بطاقة 50%، وكنا نصدر للسعودية ولبنان وألمانيا، وعندما جاء رئيس مجلس الإدارة الحالى بدأنا العمل «العادم»، ويتم خلط العادم بالقطن الجاهز، ما أوقف التصدير، لأن خلط العادم بالجاهز ينتج منتجاً من الدرجة الثانية، منذ عامين ونحن لا نصدر «فتلة» واحدة منذ أن تولى محمد حسين جمعة، منصب رئيس مجلس الإدارة.
واضاف: «من أكبر الكوارث التى رصدها تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات بيع المنتجات بأقل من التكلفة الفعلية لها، وتتحجج الإدارة بظروف السوق الحالية، ولا يوجد رؤساء لقطاعات التسويق والتجارى والقانونى، يوجد مستشار تجارى بتعاقد وتم الاستعانة به بواسطة رئيس مجلس الإدارة، وتم إبرام عقد مع هذا المستشار بالمخالفة للوائح والتعليمات دون علم رئيس الشركة القابضة ووزير قطاع الأعمال، رغم أن الوزير أصدر تعليمات كتابية بعدم التجديد أو التعاقد لمن تعدوا السن القانونية، والمستشار يحصل على صلاحيات ومكتب وسكرتارية وسيارة رغم أنه متهم فى 4 قضايا فى النيابات المختلفة، كلها إهدار مال عام، ولديه كافة صلاحيات رئيس قطاع التسويق».
وتابع: «الجهاز المركزى للمحاسبات له ملاحظات على البيع بأقل من التكلفة، كما رصد مخالفة استئجار رئيس الشركة شقة وسيارتين، رغم أنه من سكان القاهرة ولا يحق له شقة، وهذا مخالف لقرارات وزير قطاع الأعمال ورئيس الجمهورية التى تنص على أن من هم من سكان المحافظات التى يقع بها العمل لا يحق لهم استراحة سكنية، والجهاز طالب برد قيمة إيجار الشقة، والشركة خسرت حوالى 80 مليون جنيه العام الماضى، ورغم ذلك حصل رئيس الشركة على مكافأة 50 ألف جنيه العام الماضى، وهذا العام لم يتم إعداد الميزانية بعد ولكن الخسارة قد تصل إلى 90 مليون جنيه».