في العالم كله تباع السيارات بمرايات جانبية خارج السيارة كانت في الماضي مرآه
واحدة في جهة السائق أما في الوقت الحاضر فقد أصبحت مرآتين، واحدة في كل جهة،
وبالرغم من أن العالم كله يعرف استخداما واحدا قياسيا لهذه المرايات،
إلا أن بلادنا ذات الطابع المتفرد في كل شيء قد اختلفت فيها التعريفات بشدة لوظيفة
هذه الزوائد البلاستيكية ذات السطح المصقول التي تطل في فضول من جانبي السيارة
فبينما نجد أن تعريفها بالنسبة لأصحاب السيارات من كبار السن ومن بدأ القيادة قبل عصر
وجود المرآتين الجانبيتين من الرجال والسيدات هي أنها بروزات لا قيمة لها في السيارة ،
أفضل ما يمكن أداؤه بشأنها هو أن تظل مغلقة حتى لا تصاب بالبرد والأنفلونزا،
أما بالنسبة لمسألة متابعة ما يحدث خلف السيارة فهم يقودون بمنطق
“ما يحدث خلفي لا يخصني ومن تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه”
أما بالنسبة لطبقة جيل الوسط من الموظفين ممن يبذلون جل جهدهم في الحصول على سيارة كورية
أو يابانية وغالبا ما يتم دفع ثمنها بالتقسيط، فأهم وظيفة للمرآة الجانبية
هي أن تنضبط وتنطوي كهربائيا لتحقيق مساحة من التفوق على الزملاء
والأقارب ممن اشتروا سيارة لا تحمل هذه الخاصية وبالتالي يكون
للمرآة المكهربة دور هام في تحقيق الشعور بالرضا لدى مشترى السيارة
بالنسبة للكثير من سائقي الأجرة فإن دور المرآة الجانبية
ينصب في الأساس على متابعة ما يحدث داخل السيارة وليس خارجها ، وخاصة
لو ركب السيارة شاب وشابة متحابين أو مخطوبين، وفى متابعة ما يحدث في الخلفية أيا كان –
سواء مشهد رومانسي أو مشهد مشاجرة أو مناقشة فلسفية بين الركاب- توفيرا لنفقات
الذهاب للسينما وإضافة للخلفية الثقافية للسائق ، والتي سيقوم لاحقا بنقلها كلاميا لزبون آخر
باعتبار أن سائق التاكسي يشارك الحلاق في أداء دور المركز القومي لنقل المعرفة ،
كما أن متابعة ما يحدث في خلفية السيارة يتيح للسائق أحيانا المطالبة
بأجر إضافي مقابل التغاضي عن رؤيته ، ولذلك نجد أن سائق التاكسي
قام بتركيب 42 مراياه جانبية إضافية بالإضافة إلى المرايات الأصلية
أما بالنسبة لسائقي القل الخفيف (البك اب) والباصات الصغيرة،
وخاصة هذا الأخير، فإن المرايه الجانبية تقوم بدور مختلف تماما ،
فهي أذن بارزة من السيارة وظيفتها الأساسية معرفة
مدى اقتراب السيارة من الأخرى التي بجانبها، فإذا صقعت مرآته مرآة السيارة الموجودة
على اليمين أو اليسار يعرف السائق انه قد وصل لأقصى حد في التضييق
على صاحب السيارة المجاورة
بالنسبة لسائق النقل الثقيل وباصات النقل الجماعي والنقل العام
نجد أن المراية الجانبية وظيفتها الأساسية تحديد حجم السيارة
القادمة من الخلف ، فإذا كانت أسدا من طراز الديانا أو حوتا من طراز
التريللا أفسح لها الطريق أما لو كانت حشرة من طراز الخصوصي أو الأجرة
فالطريق مغلق وإلا فالإنفعاص تحت دنجل كفرات النقل هو المصير
بالنسبة للأطفال الذين يسيرون في الطريق فمرايات السيارات
تمثل لهم نوع من أنواع المراجيح التي يحق للطفل التعلق بها ممارسا فصلا
من فصول الألعاب البهلوانية ، ينتهي عادة بالمرآه في يد الطفل منفصلة عن موطنها
الأصلي في باب السيارة، وهنا تكون متعة الطفل في قمتها حيث يقوم بجرها على
الأرض لمسافة لا بأس بها متصورا انه المنتصر حين حصل على هذه القطعة البلاستيكية عديمة القيمة ،
ينما تتلوى خلفه
وتستمر عشرة دقائق من تشريح المرآه على الإسفلت حتى يمل منها الطفل السادى
فيتركها في وسط الطريق لكي تتولى عجلات السيارات المارة باقي مهمة
إعادة تدوير مكونات المرآه في البيئة الطبيعية
أما بالنسبة لطائفة البوابين ومن يكسبون رزقهم من غسيل السيارات
-أو الإدعاء بأنهم غسلوها وهى الحالة الأكثر انتشارا-
فالمرآة تشترك مع المساحات في كونها الدليل المادي على قيام الهندي بعملية الغسيل
-التي هي في الغالب لم تتم- أو أن ما تم بشأنها هو فتح خرطوم المياه
على السيارة لمدة نصف دقيقة وتركها بطينها ليجففها الهواء
– ولذلك مع قيام الرجل برفع المساحات وتركها مرفوعة،
يقوم بفتح المرايات إذا كانت مغلقة وغلقها إذا كانت مفتوحة،
ويا حبذا لو كانت المرايات تطوى كهربائيا، ويحاول فتحها فلا تنفتح،
فيقتنع في قراره نفسه أن مقاومة المرآه للفتح هي حيلة من الشيخ صاحب السيارة
حتى يصعب عليه إيجاد الدليل العملي على انه قد غسل السيارة،
فيصاب بحالة من العناد تنتهي بالمرآه وقد تدلت على جانب السيارة كرأس الجدي المذبوح،
فيتركها الجزار، عفوا اقصد الهندي إلى السيارة التالية لكي يقوم بذبح……….
امممم اعني غسيل السيارة التالية وشعورا بالرضا عن النفس
قد غمره لإجادته في عمله وتفانيه فيه
بالنسبة لتوكيلات السيارات
تمثل هذه الزوائد الخارجة من السيارة ، هي والشمعات، مصدرا هاما من مصادر الرزق ،
فبينما أن أجزاء المحرك تتماثل بين العديد من السيارات ويستوردها التجار من كل بقاع العالم
مما يجعل المنافسة حامية وهامش الربح قليل، تبقى الشمعات والمرايات خواص ذاتية لكل موديل من السيارات
لا يمكن تبديلها بمكونات من موديل آخر إلا فيما ندر ، وحيث أن المرآة المقلدة التي تباع خارج الوكيل
غير جيدة بالمرة، وبناء على ما أسلفناه مما تتعرض له المرايات، فهنا يتعامل الوكيل مع صاحب
المراية المكسورة بنظرية (أنت شاري شاري) وهكذا تسمع أرقاما تبدأ بالمئات وتنتهي بالآلفات
في مرآه لا يتكلف صنعها سوى بضعه عشرات من الريالات على أقصى تقدير
وأخيرا وليس آخرا يبقى لنا استخدام هام جدا لهذا الكم الغير عادى من
المرايات المتوافرة في الطريق كمنحة مجانية لطالبات الثانوي،
حيث تمثل المراة الجانبية للسيارة أهم وسائل المراجعة النهائية قبل الاختبار،
أما المراجعة
فهي لدقة توزيع المساحيق المطلية على الوجه وعدم وجود أيه أخطاء فيما يتعلق بالرموش والحواجب وخلافه،
والاطمئنان على تسريحة الشعر أن كانت غير محجبة أو الاطمئنان على دقة رسمه خصلات الشعر الظاهرة
من تحت الطرحه -كأنها نازلة سهوا او خطأ- أن كانت محجبة،
و أما الامتحان
فهو التقييم الذي تحصل عليه الطالبة من طلبة مدرسة البنين المجاورة المحتشدون
حول أسوار مدرسة البنات للمعاينة والتقييم
أرأيتم مدى أهمية اختراع المراة الجانبية للسيارة-الذي قد يبدو بسيطا لسكان العالم كله-
هو بالنسبة لنا مسالة ثقافية فلسفية غاية في العمق ؟