أكد خبراء أسواق مال وبنوك أن العملات الافتراضية، ومنها «بيتكوين» و«إيثيريوم» وغيرهما غير صادرة عن جهة رسمية، ولا تخضع لإشراف جهات رقابية مسؤولة عن النقد أو الأسواق المالية، وحذروا من مخاطر استخدامها فى عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتجارة المخدرات.
وقالوا إن السلطات النقدية والمالية لن تسمح بالتعامل بهذه العملات بالقنوات الرسمية- البنوك- مضيفين أن البنك المركزى نفى فى السابق أى اتجاه للعمل بأى عملات غير صادره عنه- البنكنوت- أو العملات المعدنية المساعدة- وزارة المالية ممثلة فى مصلحة سك العملة.
وقال شريف سامى، خبير الاستثمار، الرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، إن العملات الافتراضية تعتمد على عدة منصات إلكترونية مختلفة لتداولها، ولا توجد جهات للإِشراف عليها، ولا توجد أى وسيلة للتحقق من سلامة حساب قيمتها أو مرجعية سعرية لها أو تنظيم لعدم التلاعب فى تداولها أو اتخاذ التدابير لحماية من يحوزها من فقدها أو تعرضه لعمليات نصب مرتبطة بها.
وأضاف سامى أن هيئة الرقابة المالية استبقت حمى الاهتمام بالبيتكوين، وأصدرت مطلع أغسطس الماضى أول تحذير للجمهور من أن التعامل بتلك العملات يُعرّض مصالح المتداولين فيها لمخاطر كبيرة، نظراً لغياب أى حماية قانونية لهم، وانتفاء أى إمكان لاستعادة أموالهم فى حال خسارتها، وأن الهيئة أعادت نفس التحذير فى البيان الصادرعنها أمس الأول.
ونوه إلى أن العملات الافتراضية لا تمثل أصولا لها قيمة يمكن قياسها أو تعبر عن اقتصاد دولة مثل العملات الرسمية التى يتم التعامل بها فى كافة الدول، وبالتالى فإن أى تقدير لقيمتها يكون بناء على المضاربة البحتة. وهنا أهم مكامن الخطر.
وأكد أن التعامل بالبيتكوين أو غيره من العملات الافتراضية لا يعد فى حد ذاته عمل غير قانونى أما قيام منشآت فى مصر بتسويق خدماتها للجمهور لاستقطاب أموالهم لتوظيفها لهم فى الاستثمار فى تلك العملات أو إدارة محافظ لهم فى العملات الافتراضية، فهو نشاط غير مرخص وفقاً لقوانين سوق المال.
وعالمياً، أعرب عدد من البنوك المركزية عن قلقها لما يتعرض له المتعاملون بالعملات الافتراضية من مخاطر، كما أن أكبر المؤسسات المالية حذرت من فقاعة أسعار.
يذكر أن بعض الدول، مثل أستراليا ضمنت البيتكوين وغيرها من العملات الافتراضية فى تشريعاتها، ليس بغرض تقنين تداولها وإنما بغرض التأكيد على عدم استخدامها فى عمليات غسل أموال، وكذا خضوع أرباح التعامل عليها للضريبة، مثل التعامل على أى أصل.
من جانب آخر، بدأت منذ أيام بعض بورصات العقود الآجلة فى الولايات المتحدة فى إطلاق التعامل على عقود مستقبلية على البيتكوين، ليس باعتبارها عملة، لكن باعتبارها أداة لها قيمة مالية من وجهة نظر المتعاملين بها، ومازالت التجربة فى بداياتها لإمكان الحكم عليها.
وأوضح شريف سامى أنه بعيداً عن المضاربات غير الموضوعية على البيتكوين وغيرها من العملات الافتراضية، فإن التكنولوجيا التى تقوم عليها لتأكيد المعاملات والتى تعرف بالسجلات الرقمية الموزعة (أو بلوكشين blockchain) تدعو للاهتمام، فقد أثبتت فعاليتها فى التعامل بين أطراف مختلفة بسرعة وسرية وكفاءة، مما يفتح المجال لتطبيقها فى مختلف الخدمات المالية، مثل التأمين والتأجير التمويلى، بل تسوية تعاملات فى الأوراق المالية التقليدية، مثل السندات والمشتقات المالية والأسهم غير المقيدة بالبورصات.
وأشار إلى أهمية التفرقة بين العملات الافتراضية التى نبتت، مثل الأعشاب الشيطانية وبين العملات الرقمية (Digital Currencies) التى بدأت بعض البنوك المركزية، فى إصدارها أو تدرس إصدارها قريباً، فتلك العملات الرقمية الخاضعة لإشراف جهات التنظيم النقدى والمالى بالدول ما هى إلا صورة لا ورقية للعملات الرسمية، غرضها تيسير التعاملات وتحقيق السرعة فى تسويتها. وأكد على أن الاتجاه العالمى هو تطوير نظم المدفوعات وتخفيض الاعتماد على النقد (الكاش) فى سداد المعاملات، وهو التوجه الذى يسعى لتحقيقه المجلس القومى للمدفوعات الذى أنشئ فى شهر فبراير الماضى، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى.
من جانبه، استبعد حسين رفاعى، رئيس بنك قناة السويس، أن يسمح البنك المركزى بالتعامل أو تداول البنوك المحلية للعملات الافتراضية، نظرا لارتفاع مخاطرها والمضاربات عليها، وغموض أبعادها والرقابة عليها، وأرجع ارتفاع أسعارها عالميا، عبر الإنترنت إلى قبول شركات أمريكية كبرى التعامل بها، وإدراجها فى بورصة شيكاغو قبل أيام.
وقال رفاعى فى «تصريحات خاصة» إن الأصل فى أى عمل هو حماية المتعاملين والرقابة من جانب الحكومات والبنوك المركزية، وهو ما لا يتوافر فى العملات الافتراضية.
وقال إيهاب سعيد، عضو مجلس إدارة البورصة، إن التعامل على البيتكوين تحول إلى المضاربات، ولا سيما أن سعرها ارتفع بشكل قياسى حيث صعدت من 1000 إلى 20 ألف دولار، خلال الفترة الأخيرة من 2017، بينما كانت مجهولة الهوية ويقل سعرها عن سنت فى السابق.
وأضاف سعيد، فى تصريحات خاصة، أن هناك نحو 50 عملة افتراضية ظهرت خلال 2017، حيث يجرى تداولها عبر الإنترنت، مؤكدا أنها تحولت إلى مضاربات، وأصبحت هناك مؤسسات كاملة قائمة على العمل بالبتكوين، بينما لا يوجد بنك مركزى يحمى ويراقب التعامل بها عالميا.
وحذر عضو مجلس إدارة البورصة من مخاطر التعامل بهذه العملات فى تمويل الإرهاب وغسل الأموال وتهريبها والاتجار فى المخدرات والبشر، ودعا الى الابتعاد عن التعامل بها، مرجعا ما يشاع عنها إلى زيادة المضاربات وتذبذب أسعارها بشكل غير طبيعى، وقال إن صعودها الصاروخى، خلال الآونة الأخيرة، غير مبرر.