«الفساد العثمانى» يحكم على مصر بـ«300 سنة تدهوراً»

الحكم العثماني في مصر

الحكم العثماني في مصر


تصوير :
المصري اليوم

تعرضت أحوال مصر فى ظل الحكم العثمانى لموجة من التدهور على أكثر من مستوى، حيث تردت الأوضاع الاقتصادية وزادت الضرائب وتراجعت الزراعة والتصنيع والحرف اليدوية.

وأرجع بعض المؤرخين أسباب تدهور الأوضاع إلى نظام الحكم، حيث كان الولاة العثمانيون على مصر محدودى المدة، ما جعلهم يصبّون اهتمامهم على جمع المال عن طريق الضرائب التى فرضوها على المصريين والحصول على أكبر قدر من المنافع، ولم يشغلوا أنفسهم بما يمكن وصفه بتحقيق تنمية وتطوير حقيقى.

وعلى صعيد الزراعة، فقد صارت الأرض الزراعية ملكًا للسلطان العثمانى الذى ترك للفلاح حق الانتفاع بها نظير دفع الخراج، ولم يشغل باله بتطوير الزراعة أو زيادة الرقعة المزروعة من الأراضى أو دعم الفلاح للحصول على منتج زراعى، ومن ثم تحقيق نهضة زراعية أو زيادة فى المحاصيل، مما أدى إلى قلة المساحة المزروعة وقلة الإنتاج الزراعى.

وشهدت الصناعة تدهورا نتيجة قيام السلطان سليم الأول بنقل الصناع والحرفيين المهرة من مصر إلى القسطنطينية، وكان من الطبيعى أن يؤثر هذا الأمر على التجارة وحركتها، كما لم يهتم العثمانيون بتحسين الجسور وطرق المواصلات البرية والنهرية، فلم يهتموا بشق ترع أو إقامة جسور أو قناطر، بل إن الترع الموجودة أُهملت وغمرها الطمى بسبب عدم تطهيرها، وحين تعرضت مصر للحملة الفرنسية لم يختلف الأمر، خاصة بعدما أصدر نابليون فى 16 أكتوبر 1798 أمرًا بالإبقاء على الضرائب العقارية التى كانت سائدة قبل الحملة، وإعداد سجل لكل مقاطعة يُدون فيه ما يتم تحصيله كل يوم، كما أنه أضاف ضرائب أخرى، كرسوم البيع، ورسوم على التجارة، وضرائب إضافية عندما تخلو الخزانة.

أما على الصعيد الاجتماعى، فكان العثمانيون يحتكرون ويمتلكون كل شىء، كما حرّم السلطان العثمانى سليم الأول على الأتراك الزواج من المصريات أو من أرامل المماليك، ولكنهم مع بداية القرن 18 ومع ضعف الدولة العثمانية بدأوا فى مخالفة تلك القواعد.

وفى كتاب «القاهرة» لـ«شحاتة عيسى إبراهيم» جاء أن السلطان سليم الأول لم يكن يُعنى برفاهية مصر وتقدمها بقدر اهتمامه بربطها بعجلة الإمبراطورية العثمانية واستنزاف مواردها وابتزاز أموالها.

وينقل عن المؤرخ المصرى ابن إياس الذى عاصر الغزو العثمانى لمصر أن سليم الأول أمر بجمع ألفين من المصريين من رجال الحرف والصناعات وكبار التجار والقضاة والأعيان والأمراء، وأرسل بهم للقسطنطينية، كما عمد العثمانيون مع بداية ولايتهم لنزع ما فى بيوت مصر والقاهرة وأثمن ما فيها من منقول وثابت، حتى الأخشاب والبلاط والرخام والأسقف المنقوشة ومجموعة المصاحف والمخطوطات والمشاكى والكراسى النحاسية والمشربيات والشمعدانات والمنابر، وهناك ما يشبه الإجماع بين المؤرخين على أن مصر دخلت بالفتح العثمانى طور الكمون والسبات العميق لمدة ثلاثة قرون.

كما أجمع المؤرخون على أن حكم الولاة العثمانيين لمصر هو أسوأ حكم شهدته فى تاريخها الإسلامى، وتسبب فى أطول فترة اضمحلال فى العصر الإسلامى على مدى 300 عام، وفقدت مصر مورداً اقتصادياً هائلاً، واقتصرت صلاتها التجارية على حوض البحر المتوسط والسودان وبلاد الحبشة والحجاز واليمن.

وكان العثمانيون ينظرون للمصريين بنظرة تعالٍ واحتقار، وقصروا الوظائف الإدارية على نفس عنصرهم التركى وعنصر المماليك الشركسى، فانحط المستوى الاجتماعى للشعب المصرى، وشاع الاعتقاد فى السحر والخرافات، وراجت أسواق المشعوذين والدجالين، وقلّ ظهور العلماء وانحطت اللغة العربية نتيجة استخدام اللغة التركية كلغة رسمية للبلاد.

ورغم ذلك لم يخل العصر العثمانى من منشآت معمارية كالمساجد والتكايا والأسبلة.

وانعكس التراجع السياسى والاقتصادى على الجوانب الثقافية أيضًا، فعندما فتح سليم الأول مصر نهب آثارها وسرق الكتب من المدارس والمساجد، مثل مؤلفات السخاوى والمقريزى، واقتصر التعليم على الأزهر الشريف.

Leave a Reply