«سليم الأول» يضم مصر إلى الإمبراطورية العثمانية وينهى سلطة المماليك

الحكم العثماني في مصر

الحكم العثماني في مصر


تصوير :
المصري اليوم

ظلت الحرب سجالا بين السلطان المملوكى طومان باى والسلطان العثمانى سليم الأول الذى سعى لضم مصر كولاية إلى الإمبراطورية العثمانية، حتى انتهت بهزيمة طومان باى الذى فر متجها إلى الشمال نحو «تروجه بالبحيرة» فى ضيعة تسمى «البوطة» ليحتمى عند الشيخ «حسن بن مرعى»، وبعد أن أقسم له على أن يحميه وألا يغدر به، قام بتسليمه إلى السلطان سليم الأول فى عام 1517.

وتناول الكثير من كتب التاريخ سيرة طومان باى ومواجهاته مع السلطان العثمانى سليم الأول حتى لحظة شنقه، وأوردت وصفا تفصيليا لهذا اليوم الفاصل والمشهود فى تاريخ مصر، حيث تحرك موكب السلطان الأسير (طومان باى) من معسكر سليم العثمانى فى إمبابة عابرا إلى بولاق مخترقا القاهرة إلى باب زويلة وكان يسلم على الناس على جانبى الطريق، حتى وصل إلى باب زويلة وقبل شنقه قال للناس: «اقرأوا الفاتحة ثلاث مرات» وقرأ الناس معه، ثم قال للمشاعلى (الجلاد): «اعمل شغلك»، وتم شنقه على باب زويلة فى 13 إبريل 1517، وسط صراخ الناس وعويلهم. ومما أورده المؤرخ ابن زنبل الرمال بكتابه «آخرة المماليك» فى وصفه لتفاصيل واقعة شنق طومان باى: «كان ذلك اليوم على أهل المملكة أشأم الأيام وبكت عليه الأرامل والأيتام»، أما المؤرخ ابن إياس فقال: «فلما شنق وطلعت روحه صرخت عليه الناس صرخة عظيمة وكثر عليه الحزن والأسف».

ولعل ما دفع سليم الأول إلى إعدام طومان باى هو عدم تصديق المصريين القبض عليه، لأنهم تعلقوا به كرمز لمقاومة العثمانيين، وكان ذلك أيضا سببا فى إبقاء «سليم الأول» جثته معلقة على باب زويلة لمدة ثلاثة أيام، وفى اليوم الثالث أنزلوه وأحضروا له تابوتا، وتوجهوا به إلى مدرسة السلطان الغورى، حيث غسل وكفن وصلى عليه، ثم دفن فى حوش خلف قبة الغورى، وغسله وكفنه وصلى عليه القاضى «أصيل الطويل» حسب وصية «طومان باى».

والمثير فى دراما إعدام طومان باى أن الكفن كان من ثياب أرسلها له قاتله السلطان «سليم الأول»، وكان إعدام طومان باى هو المرة الأولى والأخيرة التى يعدم فيها سلطان البلاد ويعلق على باب زويلة، ليسدل الستارعلى دولة المماليك وتبدأ حقبة الحكم العثمانى لمصر الذى استمر لأكثر من 300 سنة، وفى عامنا هذا يكون قد مر خمسة قرون على بدايته.

أما عن مكانة طومان باى لدى المصريين فقد احتل مكانة كبيرة فى وجدانهم لأجيال عدة بعد شنقه على باب زويلة، وظل الناس يقرأون الفاتحة عند مرورهم تحت باب زويلة فى الموقع الذى شنق فيه طومان باى حتى سنوات قليلة مضت ترحمًا عليه، وكانوا يشيرون إلى بقايا حبل فى الخطاف الموجود بسقف الممر الذى يتوسط الباب باعتباره الحبل الذى شنق به طومان باى، وذلك لأنه كان حسب المصادر التاريخية التى كتبت فى عهده أميرًا وسلطانًا «لين الجانب قليل الأذى كثير الخير غير متكبر ولا متجبر، كما كان دينًا صالحًا خيرًا فاضلًا زائد الأدب والسكون والخشوع والخضوع..».

وأكدت المصادر التاريخية أنه كان زاهدًا فى جمع المال بخلاف غيره من أمراء العصر وسلاطينه، وأن دعته وهدوءه لم يمنعاه من أن يكون محاربًا شجاعًا مقدامًا خبيرًا بالحرب، وقد بدت مهارته الحربية فى معاركه التى تصدى فيها لسليم الأول بدءًا من الريدانية وانتهاء بمعركة الجيزة عبر ما يقارب الثلاثة أشهر، وقد أدهشت شجاعته وقدراته الحربية معاصريه حتى الأعداء منهم. وسجل طومان باى بنفسه ـ وفقا لرواية ابن زنبل الرمال ـ ملحمته وحربه مع سليم الأول بعد هزيمته الأخيرة فى موقعة الجيزة من خلال قصيدة طويلة أنشدها أمام الأهرام لأحد أمراء جيشه الذين صمدوا معه حتى النهاية وهو الأمير قيت الرجبى، وعلقها على الهرم مثلما كانت المعلقات تعلق على أستار الكعبة.

Leave a Reply