نظام الحكم فى دولة الأتراك: «فرِّق.. تسد»

الحكم العثماني في مصر

الحكم العثماني في مصر


تصوير :
المصري اليوم

بعد تحول مصر من دولة مملوكية إلى ولاية تتبع الإمبراطورية العثمانية بدءا من 1517 تبدلت أوضاع الحكم التى اعتادها المصريون، حيث كان العثمانيون يغيرون الولاة بصفة مستمرة، ويجعلون ولاية القائمين عليها قصيرة، مما أثر بالسلب على أدائهم فى رعاية مصالح البلاد والرعية، وأثقلوا المصريين بالضرائب وعمدوا إلى جمع المال بكل وسيلة لإرضاء الباب العالى ليبقيهم ولاة على مصر فضلا عن تأمين مستقبلهم بجمعهم المال لينفعهم بعد عزلهم.

وجاء خضوع مصر للحكم العثمانى متزامنا مع فتح بلاد الشام، بسبب خضوع مصر والشام للدولة المملوكية وانتهى الأمر لسيطرة الدولة العثمانية على مصر والشام.

ووضع الأتراك نظام حكم هدفه الأساسى ضمان بقاء تبعية مصر للدولة العثمانية يقضى بتوزيع السلطة على ثلاث قوى يكون لها من التشاحن والتنافس ما يضمن ضعف هذه الهيئات والتجاءها الدائم إلى الباب العالى بالأستانة، وهى الوالى والجيش والمماليك. وكانت السلطة الرئيسية فى يد الوالى يعينه السلطان لفترة قصيرة تتراوح ما بين سنة وثلاث سنوات، ويستثنى من ذلك سليمان باشا وداوود باشا اللذان ظلا فى الحكم لمدة 11 و12 عامًا على التوالى، وفى البداية اتبع سليم الأول نفس النهج الذى كانت تتبعه الدولة العثمانية فى الاستعانة بالحكام المحليين الموالين للدولة فقام بتعيين المملوكى خاير بك كنائب له فى مصر وبعد وفاة خاير، أصبح الوالى عثمانيا يأتى من الأستانة، ووظيفته هى نقل أوامر السلطان والعمل على تنفيذها واختيار حكام الأقاليم وإرسال الخراج للسلطان كل عام والإنابة عنه فى جميع المناسبات الرسمية. ولإبقاء سلطة الوالى تحت السيطرة، دشنت الدولة العثمانية القوة الثانية وهى الديوان الذى يمثل هيئة الرقابة على الوالى، وقام السلطان سليم بتقسيمه إلى الديوان الأكبر المكلف بالأعمال المهمة وله الحق فى إيقاف أوامر الوالى والرجوع إلى ديوان الدولة العثمانية، وكان يرأس جلساته وكيل الوالى ويتشكل من الضباط والعلماء، والديوان الأصغر المكلف بالأعمال المحلية ويتكون من «وكيل الوالى والدفتردار والروزنامجى» وممثل عن كل وجاق، وهو الفرق العسكرية التى كان يتكون منها الجيش.

وشكل سليم الأول جيشًا يتكون من 6 وجاقات عسكرية من الجند الأتراك الانكشارية «4 فرق من الفرسان و2 مشاة» مهمته الأساسية حماية البلاد ضد الاعتداءات الخارجية وجباية الضرائب، ويتراوح عدد جنود الوجاقات بين 12 ألفا و20 ألف جندى ولاحقا أضاف السلطان سليمان وجاقا سابعا من المماليك الجراكسة. وتمثلت القوة الثالثة فى المماليك الذين تولوا السلطة المحلية الإدارية، وكانت مصر مقسمة إلى 12 إقليما تولى إدارتها المماليك من خلال حفظ الأمن والنظام وتقوية الترع والمصارف ووضع تسعيرة للسلع ومراقبتها وجباية الضرائب، وعلى مدار ما يزيد على قرنين، ظلت مقاليد الأمور فى مصر للولاة العثمانيين إلا أن كثرة تغيير الولاة وضعف الحكومة المركزية بالأستانة، مكنا المماليك من استعادة قوتهم مرة أخرtى وعادوا لحكم البلاد طوال فترة شهدت صراعات طويلة بين الشركاء المتنافسين. وفى عام 1768 استغل على بك الكبير انشغال الدولة العثمانية فى حربها مع روسيا، وأصدر أمرًا من الديوان بعزل الوالى وإرساله إلى القسطنطينية وعين نفسه حاكمًا لمصر وأعلن استقلالها عن الدولة العثمانية ووسع حدود دولته من خلال السيطرة على شبه الجزيرة العربية حيث أرسل قائد جيوشه محمد بك أبوالذهب للتوسع فى الشام إلا أن العثمانيين استطاعوا استمالة الأخير، فأوقف معارك جيشه واتجه إلى مصر لمحاربة على بك الذى هرب إلى الشام، فتولى السلطة خلفًا له أبوالذهب وعادت سلطة الباب العالى إلى ما كانت عليه.

وبعد عامين توفى أبوالذهب، فعمت الفوضى البلاد مرة أخرى بسبب تنازع ثلاثة من زعماء المماليك على حكم مصر هم إسماعيل وإبراهيم ومراد، فاتحد الأخيران على الأول، واتفقا على تولى أكبر منصبين بالتناوب فيما بينهما هما شيخ البلد وأمير الحج، وظلا يحكمان مصر حتى مجىء الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت فى مايو 1798 وبعد خروج الفرنسيين من مصر عام 1801 تولى حكم مصر الوالى العثمانى خسرو باشا الذى قام بإرسال محمد على إلى الصعيد لتصفية المماليك إلا أن الأخير تحالف مع زعيمهم عثمان البرديسى وتمكن من عزل الوالى فى 1803، ثم انقلب على البرديسى وحرض جنوده للمطالبة بمتأخرات رواتبهم، ما دفعه لفرض ضرائب كبيرة على سكان القاهرة، الأمر الذى جعل الناس يثورون عليه، فاضطر إلى الهرب عام 1804ولم يبد محمد على رغبة فى الحكم، بل إنه دفع بخورشيد باشا واليًا على مصر لكن خورشيد استقدم جنودًا من المغاربة أساءوا للمصريين ونهبوا ثرواتهم، فازداد كره الشعب له وحاصروه بالقلعة وطلبوا من السلطان تعيين محمد على واليًا للبلاد وكان لهم ما أرادوا.

Leave a Reply