”تُشيرُ هذه الدراسةُ إلى أنَّ تناوُلَ بيضة واحِدة في اليوم، ضمن سِياق نموذجٍ من النظام الغذائيّ الصحِّي، لا يبدو أنَّه يزيد من خطر مرض القلب أو يُؤثِّر في الكولسترول الغذائيّ، ولكن لا يعني هذا أن تكون البيضة مُغمَّسة بالصلصة ومعها بسكويت مصنوع من الزبدة!”.
أشارَت دِراسةٌ حديثةٌ إلى أنَّ الكولسترول الموجود في البيض قد لا يكون ضارَّاً بصحَّة القلب مثلما يعتقد الكثيرُ من النَّاس؛ وقالَ الباحِثون إنَّه، حتى الأشخاص الذين لديهم جينة تُسمَّى APOE4، وهي تُعرَف بأنَّها تزيدُ من الحساسيَّة للكولسترول الغذائيّ، لا يبدو أنَّ هناك ما يخشونه عندما يتعلَّق الأمر بتأثير الكولسترول الموجود في البيض أو الأنواع الأخرى من الطعام في صحَّة القلب.
رصد الباحِثون العادات الغذائيَّة عند أكثر من 1000 رجلٍ في مُنتصف العُمر ولحوالي 20 عاماً، وكانوا جميعاً يتمتَّعون بصحَّة جيِّدة للقلب عند بِداية الدِّراسة، وكان ثلثهم تقريباً يحملون جينة APOE4.
قالَ مُعدُّ الدراسة جيركي فيرتانن، أستاذ علم الأوبئة الغذائيَّة لدى معهد الصحَّة العامة والتغذية السريريَّة في فنلندا: “من المعروف أنَّ مدخولَ الكولسترول الغذائيّ يُؤثِّر بشكلٍ بسيطٍ جدَّاً في مُستويات كولسترول الدَّم، وأنَّ الكولسترول أو المدخول الغذائي في البيض لا يترافقان مع زِيادةٍ في خطر مرض القلب، وفقاً لما بيَّنته مُعظم الدِّراسات”.
”ولكن، يُؤثِّرُ الكولسترول الغذائيّ بشكلٍ أكبر في مُستويات كولسترول الدَّم عند الأشخاص الذين لديهم جينة APOE4، ولهذا السبب افترضَ الأطبَّاء أنَّ مدخولَ الكولسترول قد يُؤثِّرُ بشكلٍ أقوى في خطر مرض القلب عند هذه الشريحة من البشر، ولكن لم تجِد دراستُنا زِيادةً في هذا الخطر عند الأشخاص الذين لديهم جينة APOE4”.
لم تجِد الدِّراسةُ صِلةً بين الكولسترول الغذائيّ والتأثيرات السلبيَّة في صحَّة القلب، ولكن قال الباحِثون إنَّهم لم يجِدوا برهاناً على أنَّ الكولسترول الغذائيّ لا يُؤثِّر بشكلٍ ملحُوظٍ في مرض القلب والأوعِية، وقد يعود هذا إلى بعض نقاط الضعف في الدراسة؛ فمثلاً حصلوا على المعلومات المُتعلِّقة بالتغذية فقط عند بِداية الدِّراسة، وبذلك لا تُوجد طريقة لمعرِفة ما إذا كان النظم الغذائيَّة للمُشاركين قد تغيَّرت مع مرور الوقت.
نوَّه مُعِدُّو الدراسة إلى أنَّ فنلندا تشتمل على عددٍ يتجاوز المُتوسِّط من الأشخاص الذين لديهم جينة APOE4، ولكن لا تُوجد معلوماتٌ كافِية حول ما إذا كان مدخول الكولسترول الغذائيّ قد يُؤثِّرُ في القلب عند من لديهم هذه الجينة.
تراوحت أعمارُ المُشارِكين في الدراسة بين 42 و 60 عاماً، ووصل استهلاكهم للكولسترول الغذائيّ إلى 398 ميليغراماً في المُتوسِّط، ولم يُفِد أيّ منهم عن استِهلاك أكثر من بيضةٍ واحِدةٍ في اليوم (من المعروف أنَّ البيضة ذات الحجم المُتوسِّط تحتوي على 200 ميليغرامٍ من الكولسترول تقريباً).
قالَ الباحِثون إنَّ 230 رجلاً من المُشاركين أُصيبوا بنوبات القلب عند نهاية الدراسة، ولكنَّهم أكَّدوا على أنَّ عادات تناوُل البيض والاستِهلاك الإجمالي للكولسترول لم يُمارسا أي دور في خطر نوبات القلب أو خطر تصلُّب جدران الشرايين.
قال فيرتانن: “لم يكن أيّ من المُشارِكين يُعاني من مرض القلب أو السكَّري عند بِداية الدراسة، وكانت لدينا بيانات من دراسات أخرى تُشير إلى أنَّ مدخولَ البيض أو الكولسترول قد يزيدان من خطر مرض القلب عند الأشخاص الذين يُعانون من السكَّري، ولهذا السبب لا تُشجِّعُ دراستنا على أن يتناولَ الإنسان ما يشاء من الكولسترول أو البيض وبدون الالتزام بكميات محدَّدة”.
”بمعنى آخر، ربما يُؤدِّي المدخولُ المُرتفِع من البيض والكولسترول وفي نقطة معيَّنة إلى زِيادةٍ في خطر مرض القلب، ولكن ليست لدينا بياناتٌ دقيقة حول هذا الأمر، لأنَّ دراستنا لم تشتمل على عدد كافٍ من الأشخاص الذين لديهم مدخول مرتفع جداً من البيض والكولسترول”.
قالت لونا ساندون، اختصاصيَّة التغذية لدى مركز ساوث ويسترن الطبِّي في جامعة تكساس: “خيرُ الأمور الوسط، ويُمكن للإنسان إضافة البيض، حتى مع صفاره، إلى نظامه الغذائيّ وبكل ثقة؛ فالبيضُ ركن مهم من أركان التغذية، خصوصاً صفاره الذي يحتوي على فيتامين دال ودُهون أساسيَّة ومُركَّب كيميائيّ يُسمَّى كولين choline واللوتين أو اليصفُور lutein والزيكسانثين zeaxanthin (مادَّة نباتيَّة صفراء)، ومواد أخرى؛ ناهيك عن بياضه الذي يحتوي على بروتينات عالية الجودة، إضافةًً إلى أنَّه من مصادر فيتامين باء”.
”تُشيرُ هذه الدراسةُ إلى أنَّ تناوُلَ بيضة واحِدة في اليوم، ضمن سِياق نموذجٍ من النظام الغذائيّ الصحِّي، لا يبدو أنَّه يزيد من خطر مرض القلب أو يُؤثِّر في الكولسترول الغذائيّ، ولكن لا يعني هذا أن تكون البيضة مُغمَّسة بالصلصة ومعها بسكويت مصنوع من الزبدة!”.