أولمبياد باريس.. لماذا يبدو ميكالي مناسبا لمنتخب مصر أكثر حتى من جوارديولا ومورينيو؟

إذا كنت مسؤولًا في الاتحاد المصري لكرة القدم مع صلاحيات تسمح لك باستقدام مدرب جديد لمنتخب تحت 23 عامًا، في الوقت ذاته الذي ستحصل فيه على ميزانية مفتوحة، مع افتراض أن موافقة جميع المدربين حول العالم مضمونة، فإنك على الأرجح ستلجأ إلى خيارات مثل الإسباني بيب جوارديولا أو البرتغالي جوزيه مورينيو وربما الألماني يورجن كلوب وغيرهم، لكننا نعتقد أن لا أحد يبدو مناسبا في هذا التوقيت لقيادة منتخب مصر في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية، باريس 2024، أكثر من البرازيلي روجيرو ميكالي.

ميكالي الذي يتولى تدريب منتخب مصر الأولمبي منذ أغسطس 2022، نجح في قطع تذكرة نحو العاصمة الفرنسية باريس، بعد احتلال وصافة كأس أمم أفريقيا تحت 23 عامًا، إثر خسارة المباراة النهائية أمام المغرب، ليكتب فريق المدرب البرازيلي، المشاركة الأولمبية رقم 13.

منافسات كرة القدم في أولمبياد باريس 2024 تستمر حتى موعد المباراة النهائية في 10 أغسطس المقبل، فيما يظهر المنتخب المصري ضمن المجموعة الثالثة، إذ يبدأ بمواجهة الدومينيكان غدًا الأربعاء، ثم أوزبكستان في 27 يوليو، قبل أن يلتقي إسبانيا في 30 من الشهر نفسه.

لماذا يبدو ميكالي مناسبا لمنتخب مصر؟

بدأ ميكالي مسيرته التدريبية في كرة القدم عام 1999 بتدريب فرق الشباب في عدد من الأندية البرازيلية، ثم خاض تجاربًا -يمكن عدها على أصابع اليد الواحدة- مع الفرق الرديفة والأولى، قبل أن يقود منتخب البرازيل تحت 20 عامًا في 2015.

كان ميكالي على علم بالطبع بمدى صعوبة مهمة قيادة منتخب البرازيل تحت 20 عامًا، بسبب ما حدث في 8 يوليو 2014.

في 8 يوليو 2014، خسر البرازيليون على أرضهم أمام ألمانيا بنتيجة (7-1) في مباراة أقيمت ضمن نصف نهائي كأس العالم، هزيمة تسببت في فقدان المشجعين على الفور، بدءًا من اليوم التالي، الثقة في منتخب البرازيل، ومسؤوليه ولاعبيه، وكذلك مدربيه.

بالعودة مجددًا إلى مسيرة ميكالي مع منتخب البرازيل تحت 20 عامًا، انطلق الفريق نحو تحقيق سلسلة انتصارات متتالية بلغت 7 مباريات، ليتأهل إلى نهائي كأس العالم قبل أن يخسر بهدفين لهدف أمام صربيا.

بعد عام تقريبًا من إنجاز الوصول إلى نهائي كأس العالم 2015 تحت 20 عامًا، اتفق أعضاء الاتحاد البرازيلي لكرة القدم على منح ميكالي الثقة في قيادة المنتخب الأولمبي في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، ليبدأ على الفور مهمة تشكيل فريقه الذي سيصبح فيما بعد، تاريخيًا.

خوض منافسات كرة القدم في أولمبياد ريو دي جانيرو، أعاد ذكريات يوم 8 يوليو 2014 المشؤوم إلى أذهان الجماهير البرازيلية، خاصة أنها المسابقة الكبرى الأولى التي يخوضها المنتخب بعد ذلك المونديال، ما وضع مزيدًا من الضغوطات على فريق ميكالي.

كانت الضغوطات الجماهيرية على منتخب البرازيل تحت 23 عامًا ثقيلة من الأساس لأن البلاد لم تحقق أبدًا أي ميدالية ذهبية أولمبية في تاريخها.

واستدعى روجيرو ميكالي 3 لاعبين أكبر سنًا من 23 عامًا إلى قائمة المنتخب البرازيلي في أولمبياد ريو دي جانيرو، هم ويفرتون وريناتو أوجوستو ونيمار، فيما منح شارة القيادة إلى الأخير الذي كان يدافع آنذاك عن ألوان برشلونة في الدوري الإسباني.

واعترف نجوم المنتخب البرازيلي، قبل أولمبياد 2016، بأن الضغوطات الواقعة على عاتقهم ليست سهلة، إذ قال الظهير دوجلاس سانتوس: “نعلم أن الخسارة (7-1) ستظل حديث الشارع في البرازيل لسنوات طويلة، لكن لا يمكننا أن نظل مرعوبين، وعلينا أن نفكر حاليًا في الفوز بالميدالية الذهببية”، فيما ذهب زميله تياجو ميا إلى أن ذلك الوضع يجب أن يستبدله اللاعبون بأنفسهم، بالقتال على الميدالية الذهبية في ريو دي جانيرو.

واستهل منتخب البرازيل منافسات كرة القدم في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 بالتعادل مع جنوب أفريقيا ثم العراق، لتشن الجماهير البرازيلية انتقادات واسعة ضد اللاعبين في مقدمتهم نيمار، الذي كان غاضبًا من ذلك الوضع إلى درجة أنه وعد بالتخلي عن شارة قيادة المنتخب الأول إلى الأبد فور نهاية المنافسات الأولمبية. (تراجع لاحقًا في 2018 في عهد المدرب تيتي).

ولعب ميكالي دورًا كبيرًا في إعادة الثقة لنيمار، إذ خرج في كل المؤتمرات الصحفية أثناء أولمبياد ريو دي جانيرو دفاعًا عن قائد منتخب البرازيل، إذ قال في إحدى المناسبات: “كرة القدم البرازيلية لتم تمت بعد.. لدينا نجم مثل نيمار ويجب أن نكون شاكرين له، إنه شاب، أعلم أنه في بعض الأحيان قد يتصرف بطريقة لا نتفق معها، لكن في سنه، ألم نفعل الأشياء ذاتها؟ إذا لم نحترم أفضل لاعبينا، فقد لا يرغب في البقاء معنا بعد الآن”.

واستفاق منتخب البرازيل تحت قيادة المدرب روجيرو ميكالي، بعد التعادل في أول مباراتين، ليهزم الدنمارك وكولومبيا وهندوراس وألمانيا على الترتيب، ناجحًا في حصد الميدالية الذهبية في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، لكن الأهم من ذلك، أنه أعاد ثقة المشجعين في الكرة البرازيلية.

ولا يبدو الوضع مغايرًا بين البرازيل في 2014 ومصر في 2024، حسنًا لم يخسر منتخبنا على أرضه بـ7 أهداف في مباراة نصف نهائية، لكن ثقة الشارع الرياضي في منتخبات مصر سواءً السنية أو المنتخب الأول انخفضت كثيرًا مقارنة بالأجيال السابقة.

ويأمل منتخب مصر في أولمبياد باريس 2024 أن يؤدي ميكالي الدور نفسه الذي أتقنه بنسبة 100% مع البرازيل قبل 8 سنوات.

Leave a Reply