تكبد منتخب مصر الأولمبي خسارة فادحة لينهي مشاركته في منافسات كرة القدم بفضيحة حولت حلم الحصول على الميدالية البرونزية إلى كابوس، في أولمبياد باريس 2024.
منتخب مصر الأولمبي خسر أمام نظيره المغرب الأولمبي بنتيجة قاسية (0-6)، ليقدم واحدة من أسوأ مبارياته على الإطلاق في أولمبياد باريس، وتحت قيادة روجيرو ميكالي، وأمام منافسه الشمال أفريقي.
سقوط كبير هز الشارع الكروي المصري، بعدما كانت الأمنيات تتجه نحو ميدالية أولمبية تاريخية، حلم طال انتظاره 60 عامًا، وكنت على بعد خطوة واحدة منه، لكنه ضاع وبطريقة مخزية أصابت الرأي العام بالصدمة والحسرة.
شاهد أهداف المباراة الكارثية أمام المغرب
كي نكون واقعيين، البعض تكهن بالخسارة قبل موقعة الميدالية البرونزية أمام منتخب المغرب الأولمبي، لعدة عوامل وأسباب كانت تنذر بذلك، إلا أن الخسارة بسداسية كان مؤلمًا لم يتخيله أحد، ربما المغاربة أنفسهم لم يتوقعوا إسقاط منتخبنا الأولمبي بهذه النتيجة العريضة.
روجيرو ميكالي الذي حول هذا الجيل لمنتخب مصر الأولمبي إلى وجه مغاير، بدى أقوى وأكثر تماسكًا، بعدما تدرج بالمستوى في مرحلة المجموعات وخطف انتصارًا أمام إسبانيا بأداء جريء، بينجح في تصدر المجموعة للمرة الأولى في تاريخ مصر، وقف عاجزًا خارج الخطوط في النصف الثاني أمام فرنسا، وضد المغرب.
حلم البرونزية تحول إلى كابوس
سيرًا مع تدرج مشوار المنتخب الأولمبي وإنهاء مرحلة المجموعات في الصدارة، يمكننا أن نضع أيدينا على 3 أسباب ساهمت بشكل مباشر في هذه النهاية المخزية للمنتخب الأولمبي والفشل في الحصول على الميدالية البرونزية مرة أخرى، وسنقولها فيما يلي:
الإجهاد البدني
سوء حظ كبير واجه منتخب مصر الأولمبي بعد المشوار المميز في دور المجموعات، بالوقوع أمام منتخب باراجواي العنيد، والوصول إلى أشواط إضافية وركلات جزاء ترجيحية، بالفعل نجح منتخبنا في خطف الانتصار، لكن هذه المواجهة نالت من المخزون البدني للاعبين، وهو ما ظهر بوضوح أمام فرنسا.
منتخب مصر الأولمبي قدم شوطًا مثاليَا أمام فرنسا، وتمكن محمود صابر من تكليل هذه المجهودات وتسجيل هدفًا، هو ما أثار غضب الديوك الذين هاجموا بكل خطوطهم مع إجهاد بدني نال من التركيز الذهني، ليبدأ اللاعبون في ارتكاب الأخطاء الفردية في التمركز والتي مهدت الطريق لتعادل فرنسي.
التعادل تلاه طرد عمر فايد بالإنذار الثاني، لكن ميكالي آبى ألا يكون شريكًا في توسيع الفجوة أمام فرنسا، فقام باستبدال إبراهيم عادل أنشط لاعبي منتخب مصر الأولمبي في باريس منذ انطلاق المنافسات، وبعدها أصبحت مباراة من طرف واحد فقط (هجوم فرنسي أمام دفاع مصري).
الفوارق الفردية
لاعبون مجهدون بدنيًا وذهنيًا يلعبون أمام آخرين في مستوى عالٍ، أنت حتى تجاري لاعبين في مستوى مختلف من طراز أعلى يجب أن تكون أولًا في قمة تركيزك وقوتك البدنية، لكن اللعب 120 دقيقة أمام باراجواي بدأت أثاره في الظهور منذ الشوط الثاني ضد فرنسا.
فرنسا في الأشواط الإضافية كانت تلعب مباراة من طرف واحد، لأن تبديلات ميكالي التي لم يوفق في جزء منها، هي في الأساس جعلت المستويات تندحر في المستطيل الأخضر، فأصبحت مصر أقل على مستوى الفني والبدني والفوارق الفردية بين اللاعبين مقارنة بالخصم.
تغييرًا واحدًا كان كافيًا للعبث بالخط الخلفي لمصر، دخول محمد طارق البعيد تمامًا عن مستواه بدلًا من عمر فايد “المطرود”، ليجد مايكل أوليز نفسه فجأة في وضعية سانحة للتسجيل بعد خطأ في التمرير من المدافع البديل، اللاعب المنتقل حديثًا لبايرن ميونيخ ظل يحاول 108 دقيقة دون جدوى، تلقى هدية لا تُرفض قتل بها آمال مصر، ومن قبله فهو كان سببًا في الهدف الثاني بعدما ارتقى لاعب فرنسا أعلى منه وأرسل تمريرة حاسمة لماتيتيا الخال من الرقابة. شاهد هدف أوليز بعد الخطأ الفادح
محمد طارق “البديل” لم يكفيه الخسارة أمام فرنسا والتسبب في هدفين، لأنه بدأ أساسيًا أمام المغرب في مباراة البرونزية، وتسبب في 3 أهداف بمفرده، سواء بالتأخر في فرض الرقابة أو ترك مكانه ومنح المساحة الفارغة للاعبي المغرب، ولم يكن الوحيد البعيد في مواجهة الميدالية البرونزية، فالفوارق الفردية والفنية بدت كبيرة للغاية أمام المغرب، ولم نستطع مجاراة المنافس، ويُحسب على ميكالي سوء إدارته لهذه المواجهة مع الزيادة في النتيجة والتشتيت الذهني الكبير للاعبين.
غياب البدائل
واقع الأمر، إن منتخب مصر الأولمبي دفع فاتورة “الظروف”، بعدم قدرته على ضم لاعبين فوق السن لسد احتياجاته، حيث إنه ظهر الجميع الحاجة الماسة لتواجد لاعب صاحب خبرات في خط الدفاع، مع جناح آخر، وربما ظهير أو لاعب بالوسط.
قبل إرسال القائمة النهائية، كانت المناقشات حول محمد صلاح ومصطفى محمد وإمام عاشور، لرغبة ميكالي في ضم نجم ليفربول ومهاجم نانت لقدراتهم الفنية الكبيرة بالإضافة إلى لاعب وسط الأهلي الذي يقدم موسمًا استثنائيًا، إلا أن ليفربول رفض ومصطفى محمد كان مصابًا، فأصبحت الخيارات إمام مع محمد عبدالمنعم وأحمد زيزو، لكن الأهلي رفض وقتها لاحتدام المنافسة على مسابقة الدوري وبالتزامن رفض بيراميدز أيضًا التفريط في خدمات مصطفى فتحي، بينما لم يمانع الزمالك انضمام زيزو.
ورطة كبرى أن يعاني المنتخب الأولمبي الذي سيذهب إلى أولمبياد باريس 2024 لتمثيل مصر، مقيدًا بهذا الشكل لا يستطيع ضم العناصر التي يحتاجها لتعزيز قوته، مقارنة بمنتخب المغرب الذي ضم أشرف حكيمي من باريس سان جيرمان وسفيان رحيمي لاعب العين الإماراتي، حتى أن فرنسا صاحبة الأرض والضيافة عززت صفوفها بجون ماتيتيا مهاجم كريستال بالاس بالإضافة لخبرات لاكازيت قائد فريق ليون.
في مثل هذه المواقف، خاصة وأن مشاركة مصر في أولمبياد باريس هي مهمة قومية، كان يحب أن يكون التدخل فوري بإيقاف منافسات الدوري الممتاز خلال هذه الفترة، فالمنتخب الذي لعب الأولمبياد، كان في حاجة لخدمات محمد عبدالمنعم بقلب الدفاع، مع تواجد للاعب بقدرات إمام عاشور في خط الوسط، وربما ظهير أيسر مثل أحمد فتوح، بعدما رأينا ميكالي يقوم بالتغيير مرارًا في هذا المركز.
في النهاية، ما حدث في أولمبياد باريس 2024، هو نتاج تراكمي يدل على التخطيط الغير الجيد والنظرة البعيدة في إطار التحضير للمشاركة في أولمبياد باريس، إذا كان هناك هدفًا من الأساس بالذهاب إلى باريس لحصد ميدالية، وإنما ما حدث كان محض صدفة واجتهادات لميكالي ولاعبيه، وبعد الوصول لمستوى عالٍ والتنافس مع لاعبين من خامة مختلفة، ظهرت الفوارق الشاسعة وتبين أن الوصول إلى نصف النهائي كان هو أقصى إنجاز يمكن أن نحققه في باريس.
طالع أيضًا:
لمطالعة جدول الميداليات اضغط هنا