من طوكيو إلى باريس، رحلة سنأخذكم فيها للتعرف على نتائج اللاعبين المصريين، في نسختي الأولمبياد، لمعرفة الأسباب وراء النتائج السلبية للبعثة المصرية، ورصد ما فعلته الاتحادات الرياضية المختلفة.
تعتبر الجودو أحد الرياضات التي حازت على اهتمام المصريين في الدورات الأولمبية، منذ موقف البطل محمد علي رشوان التاريخي، وحتى برونزية هشام مصباح في لندن 2012، لكن الأمور لم تعد جيدة للفراعنة، بعد مشاركة باهتة في النسخ الأخيرة من الأولمبياد، سواء على صعيد العدد أو النتائج.
تعاقد الاتحاد المصري للجودو برئاسة مرزوق علي، مع المدرب الياباني إيزومي هيروشي، صاحب فضية أثينا 2004 في الأولمبياد، وذهبية بطولة العالم 2005، وذلك في شهر ديسمبر الماضي، كما يتواجد الأسطورة محمد رشوان كرئيس لجهاز المنتخبات القومية.
مصر شاركت في أولمبياد باريس بالثنائي عبدالرحمن عبدالغني ويسري سامي، وكان الأول قد حصد فضية بطولة أفريقيا بالمغرب في سبتمبر 2023، بينما نال الثاني الذهبية، وفي أبريل الماضي حصل يسري على فضية البطولة ذاتها التي اقيمت في مصر، بينما احتل عبدالرحمن المركز الخامس، وحصلت مصر على ذهبية الفرق، إذا فأين هي المشكلة؟.
فلنعد بالزمن قليلًا إلى الخلف، تعاقد اتحاد الجودو مع المدرب الروسي إلكسندر ميخائلين، والذي لم يستمر في منصبه سوى 3 أشهر، قبل أن يعلن الاتحاد رحيله، ويتقدم المدرب بشكوى للاتحاد الدولي ضد الاتحاد المصري بسبب مستحقاته، وفي المقابل تقدم الاتحاد بشكوى ضده أيضًا بدعوى إخلاله ببنود التعاقد بين الطرفين.
لطالما كانت مصر مسيطرة على الجودو الأفريقي في المنافسات القارية، وشارك الفراعنة بـ 4 لاعبين في بكين بينهم هشام مصباح صاحب الميدالية الأخيرة للجودو، ثم 5 لاعبين في أولمبياد لندن، وبعد ذلك 5 لاعبين في ريو دي جانيرو، و3 في طوكيو، قبل أن يتقلص العدد نحو 2 فقط في نسخة باريس.
نتائج مصر لم تكن جيدة في بطولة أفريقيا بالجزائر ثم المغرب قبل أن تتحسن بشكل واضح وتستعيد الصدارة في النسخة الأخيرة، وذلك بعد استضافة البطولة في القاهرة، لكن الصدارة الأفريقية ما هي إلا أمرًا خادع.
بالنظر إلى جدول الميداليات في أولمبياد باريس برياضة الجودو، لن تجد أي لاعب إفريقي قد حصل على ميدالية أولمبية، والأمر ذاته ينطبق على أولمبياد طوكيو، إذًا فأنت تتفوق على لاعبين لا ينافسون على الصعيد العالمي.
انسحب الاتحاد المصري أيضًا من المشاركة في معسكر الاتحاد الأوروبي للجودو خلال شهر يناير 2023 دون ذكر الأسباب، ولم يحقق الفراعنة أي ميدالية في بطولة العالم للكبار منذ برونزية إسلام الشهابي عام 2010.
مصر كانت مهددة بعدم المشاركة في أولمبياد باريس بمنافسات الجودو، بعد النتائج السيئة والوداع المبكر لمعظم اللاعبين في بطولة العالم وكذلك المنافسات الدولية المختلفة، لكن يسري سامي تأهل من خلال التصنيف المباشر بصعوبة، بينما صعد عبدالرحمن عبدالغني من خلال “الكوتة” القارية.
يمتلك عبدالرحمن صاحب الـ 25 عامًا مسيرة جيدة وحصل على عدة ميداليات قارية، كما يعتبر يسري سامي أحد أبرز الوجوه الصاعدة في عالم الجود المصري، حيث نال اللاعب الشاب ذو الـ 21 عامًا، برونزية بطولة العالم للشباب عام 2023، وهي أول ميدالية مصرية في تلك المنافسات منذ 17 عامًا.
الأزمات بدأت تظهر عقب نهاية المشاركة، حيث كشف موقع “The Japan News” عن تصريحات لمدرب منتخبنا الوطني صاحب الـ 42 عامًا، الذي أقام معسكرًا لأبطال مصر في اليابان، قائلًا: “نمنحهم الفرصة للتنافس مع أنواع مختلفة من الخصوم، والتدرب في بيئة تنافسية حقيقية”.
إيزومي تردد كثيرًا حسب الموقع ذاته في قبول عرض اتحاد الجودو، بسبب حاجز اللغة وأيضًا تواجد أسرته في اليابان، زوجته وطفليه الصغيرين، لكن في النهاية بتشجيع من زوجته وافق على تولي المهمة.
كشف الموقع عن أزمة واجهت المدرب، وهي أن المترجم الخاص باللغة العربية لم يكن متاحًا دائمًا أثناء المران، مما يعني أن النقاط التي أراد تعليمها للاعبيه لم تصل لهم، ومع ذلك استمر في تدريب لاعبيه لأنه يرى أن الجودو يعتمد على المهارة والتقنيات بنسبة 30%، بينما 70% من خلال الروح وتركيز اللاعبين.
إيزومي كشف بتصريحاته عن أمرً هام، حيث يمتد عقده لعام 2028، وأكد أنه لا يعتبر “أولمبياد باريس” هدفًا، فهو كان يريد معرفة إلى أي مدى يمكن أن يصبح اللاعبين أفضل وأقوى، قبل نسخة لوس أنجلوس، وأنه يعتبر تلك المشاركة مجرد البداية.
هذا الأمر لم يكشف عنه مرزوق علي رئيس اتحاد الجودو، الذي نال جانبًا من الانتقادات مؤخرًا، عن طريق البطل المصري السابق هشام مصباح، أحد أعضاء مجلس إدارة الاتحاد، والذي أكد أنه لم يجلس على طاولة الاجتماعات سوى 3 مرات في ثلاث سنوات، بسبب استبعاد رئيس الاتحاد له وعدم وضع اسمه ضمن الاجتماعات، للاختلاف في وجهات النظر.
مصر لم تستطع المشاركة بالمنتخب الوطني في الأولمبياد، بسبب عدم حصولنا على 5 مقاعد دولية مؤهلة من خلال التصنيف والبطولات ويشترط أن يكون من بينهم فردي السيدات، بالإضافة لمقعد عن طريق الكوتة القارية الإضافية.
في نسخة طوكيو لم يستطع أي لاعب تحقيق انتصار سوى رمضان درويش، الذي تعرض للإقصاء من دور الـ 16 على يد اللاعب الجورجي المخضرم فارلام، والذي خسر في نصف النهائي، ولم ينجح في حصد البرونزية حتى بعد ذلك.
وفي نسخة باريس 2024، لم يستطع الثنائي الممثل لمصر في رياضة الجودو تحقيق أي انتصار، حيث ودع يسري سامي المنافسات في مباراته الأولى بوزن تحت 60 كجم، على يد المنغولي أريونبولد إنختايفان بنتيجة 10-0، وذلك بالإيبون وهي الضربة القاضية في عالم الجودو.
وفي المقابل خسر زميله عبدالرحمن عبدالغني على يد الفرنسي ألفا عمر ديالو الذي يتفوق عليه في التصنيف العالمي، لكن المواجهة كانت متكافئة للغاية اونتهت بوازاري بنتيجة 1-0، عن طريق “الوزاري” وهي نصف نقطة في عالم الجودو، يتم احتسابها من خلال تثبيت الخصم على الأرض لمدة أقل من 25 ثانية، أو حال حصول اللاعب على ثلاث إنذارات.
نأمل أن يكون الوضع مختلفًا في المستقبل، وأن ينجح “المشروع الياباني” في عودة مصر لمكانة مرتفعة في عالم الجودو، حيث تسيدت اليابان رياضة الجودو لعدة سنوات وهي أكثر الدول تتويجًا بالميداليات الذهبية في باريس، والثانية في عدد الميداليات بشكل عام خلف فرنسا التي استغلت عاملي الأرض والجمهور بنجاح في منافسات الجودو.
نأمل في عودة نجوم الجودو المصريين لمنصات التتويج العالمية، تجهيزًا لنسخة الولمبياد المقبلة، لكن هل سيتغير شيء في لوس أنجلوس 2028؟، سؤال سيظل مطروحًا ونتمنى أن تصبح الإجابة “نعم”.
أقرأ أيضًا
من طوكيو إلى باريس (1).. 11 لاعبًا بين السقوط والأزمات في المصارعة
من طوكيو إلى باريس (2).. خطة متكاملة و36 منافسة ثم نتائج صادمة.. ماذا حدث في التايكوندو؟