.smsBoxContainer-v1{
display: block;
text-align: center;
}
#NewsStory .news_SMSBox {
display: inline-block;
height: 50px;
padding: 0 15px;
text-align: center;
overflow: hidden;
border: 1px solid #c5c5c5;
width: auto !important;
margin: 10px auto 0;
background-color: #efefef;
}
.article .news_SMSBox {
margin-top: 45px;
padding: 0 10px;
overflow: hidden;
}
.news_SMSBox > p {
color: #cb0000;
margin-left: 5px;
max-width: 290px;
min-width: 50px;
font-size: 70% !important;
overflow: hidden;
margin: 0;
height: 50px;
line-height: 50px !important;
display: inline-block;
float:right;
}
.news_SMSBox > iframe {
float: none;
width: 275px;
display: inline-block;
height: 49px;
}
اشترك لتصلك أهم الأخبار
فى عام 1955 أنشئ كيان بحثى مصرى عُرف آنذاك بـ«معهد البحوث الجنائية»، وأصبح نواة عمل منهجى خاص، يستهدف البحث والتنقيب بالغ الدقة والحساسية فى المشكلات الاجتماعية المصرية، ومن ثم تحليلها تحليلا علميا سليما ونشرها لتُصبح متاحة للجمهور ولصانع القرار وأجهزة الدولة فى آن واحد، فتقوم بتغذية المعرفة العامة عن الشخصية المصرية ومتاعب مجتمعها، وتضيف للمخزون البحثى المحلى بأيادٍ وعقول مصرية هى الأقرب للجموع الحاشدة المستهدفة بالبحث. وفى عام 1959 استقرت شخصية الهيئة نهائيًا وباتت تُعرف باسم «المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية»، وضمت جدرانها معملا كبيرا يستطيع رصد وتشخيص الظواهر الطارئة على المجتمع المصرى وتحليل ما يجتاحه من موجات تغير وتبدل بالثقافة والقيم وحتى السلوكيات اليومية.
بمجرد عبور بوابات «المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية» لا يمكن تجاهل لافتة كبيرة بالمدخل تُقرأ «العلم والعدالة» وهى العبارة التى تعد شعارا للمركز وملخصًا لدوره القومى، لكن المركز لا يعمل داخل نطاق أبحاث العدالة الجنائية والجرائم فقط، إنما يضم فى الأصل 4 شعب رئيسية؛ أولاها شعبة بحوث مؤسسات وقوى التنمية الاجتماعية، وثانيها شعبة بحوث المجتمعات والفئات الاجتماعية وثالثها شعبة بحوث الجريمة والسياسة الجنائية وآخرها شعبة البحوث الكيميائية والبيولوجية.
تقسم الشعب بالداخل إلى تخصصات، تتيح ما يتطلبه البحث العلمى من دقة شديدة فى الموضوعات المطروحة، فعلى سبيل المثال تقسم شعبة بحوث الجريمة والسياسة الجنائية إلى قسمين؛ قسم بحوث الجريمة وقسم المعاملة الجنائية، فيما تتنوع التخصصات داخل كل قسم حسب زاوية التناول البحثية، فهناك زوايا قانونية أو متعلقة بعلم النفس الجنائى أو الاقتصاد أو علم الاجتماع، إضافة إلى تخصصات الإحصاء والتى تدعم دراسة الظواهر كيفيًا وكميًا كذلك.
يحدد رئيس شعبة بحوث الجريمة والسياسة الجنائية د.محمد البسطامى، عدد من الشروط التى تصبغ سلوك أو جريمة ما بصفة «الظاهرة» ومن ثم يتعين على المركز تتبعها بالبحث والدراسة، فيقول: «نطلق على فعل أو جريمة إنها ظاهرة.. حين يكون الفعل منتشر ومتكرر ومستمر ويتزايد»، يؤكد البسطامى أن المقياس سالف الذكر لا ينطبق بالضرورة على كافة القضايا أو الجرائم المطروحة إعلاميًا مسببة ضجة كبيرة، إذ إنها تنبع، على حد وصفه، من حالة أو حالتين، مما يعنى أن النمط المذكور من الجرائم لا ينتشر بالضرورة فى المجتمع المصرى، إلا أنه قد يكون مفيدا للبحث العلمى: «القضايا دى ممكن تدينا مؤشر ما، تخلينا نبدأ ندرس ونشوف المسألة، لكنها لا تعنى أن المجتمع منتشرة فيه الجريمة بشكل كبير».
فى العادة تعرض المشروعات البحثية الجديدة للمركز وشعبة الجريمة من خلال البرنامج العلمى للمركز على مجلس إدارته، والذى يقر موافقة أخيرة على المشروعات بعد مناقشة دقيقة للمشروع البحثى وإضافة تطويرات من الجهات الممثلة فى مجلس الإدارة، كأكاديمية البحث العلمى ووزارات البحث العلمى والعدل والداخلية تحت رئاسة وزارة التضامن الاجتماعى، وتأتى المشروعات البحثية كتكليفات من الجهات الحكومية المختلفة، فيما يمكن للمشروعات البحثية أن تنبعث بالأصل من جولات البحث الميدانى كما يؤكد «البسطامى»، قائلًا: «إحنا عندنا باحثين اجتماعيين شغالين فى الميدان، وقد يرى الباحث من خلال خبرته أن فى موضوع له أهمية كبرى ويجب دراسته بسبب نقص المعلومات حوله».
أما لإلقاء نظرة على أنماط الجريمة السائدة فى المناطق المختلفة، خاصة غير المبلغ عنها، فيقوم المركز بما يعرف بمسوح الجريمة، وتتناول بالبحث الضحايا الذين تعرضوا للاعتداء ولآثار جريمة غير مبلغ عنها بشكل رسمى، وبالتالى لا تظهر فى تقارير الأمن العام السنوية، وكان عام 2008 محددًا لآخر مسح تم القيام به بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة، فيما يبحث المركز حسب «البسطامى» القيام بدراسة تتبعية للمسح، بواسطة عينة من المحافظات المختلفة لإلقاء الضوء على أنماط الجرائم السائدة وأسباب العزوف عن التبليغ عنها، والإجابة عما إذا كانت معدلات الجريمة قد زادت أم تراجعت فى الآونة الأخيرة.
تختلف العملية سالفة الذكر عن أنماط توثيق الجرائم الاعتيادية، والتى غالبًا ما ينتهجها الصحفيون ووسائل الإعلام إذ ينقلون للجمهور تقارير الأمن العام مباشرة دون فحص أو تحليل ومتابعة، الأمر الذى قد يعطى مؤشرات غير دقيقة عن انتشار الجريمة فيقول «البسطامى»: «المسألة تحتاج تدقيقا، مثلًا تقارير الأمن العام تحتوى على بلاغات، أى منها يحفظ وأى منها يحال إلى النيابة ثم إلى القضاء، هذا مجرد بلاغ ممكن صحيح وممكن كيدى»، لذا يهتم المركز القومى بالجهود الميدانية من بين آليات البحث والتدقيق، على يد باحثين ميدانيين متميزين حسبما يصفهم «البسطامى»، فيقول: «نحن أقدر على جمع المعلومات بالشكل الذى لا يجرح المواطن، لأن فى الآخر إحنا غرضنا علمى ومش بنتاجر بالمعلومات اللى بناخدها من المواطن بأى شكل»، يدلل على حفاظ المركز على خصوصية المبحوثين بعبارة دائمة التواجد باستمارات البحث وتؤكد أن «بيانات هذه الاستمارة سرية بحكم القانون ولا تستخدم إلا فى أغراض البحث العلمى».
لا تعمل شعبة الجريمة والسياسة الجنائية بمعزل عما يضطرب به المجتمع من مخاوف وتساؤلات، إذ إن هناك دراسات كانت مطروحة فى طور العمل للعام الماضى، تتناول قضايا كانت قد أثارت ذعر المجتمع لفترات من بينها دراسة حول جرائم خطف الأطفال، وكذلك دراسة أخرى حول الجرائم الأسرية التى أثارت الجدل فى الآونة الأخيرة، إلا أن الفرق البحثية ما زالت تستعد وتنظم أدواتها للعمل على تلك الدراسات، فيما قد أوشكت أخرى على الدخول إلى حيز النشر تتناول بالدراسة مفهوم «السلام الاجتماعى» وكذلك مهدداته، متناولة فترة صعود جماعة الإخوان المسلمين وما تضمنته الفترة من أمارات الاضطراب والتخبط.
لا تقدم جهود المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية للباحثين والعاملين فى مجالات العلوم الاجتماعية فقط، إنما تُعتبر نافذة يطل من خلالها صناع القرار لرؤية واختبار أدق التفاصيل المجتمعية فى البلاد ومن ثم الاهتداء إلى قرارات رشدية، يطرح «البسطامى» بذلك عدة أمثلة على دراسات كُلفت بها شعبة الجريمة، وساهمت من خلالها فى تكوين وجهة النظر الرسمية عن بعض الظواهر أو حتى فى وضع القوانين المنظمة لبعضها، كظاهرة الهجرة غير الشرعية وقضية الاتجار بالبشر، وكذلك أطفال الشوارع فيقول، إنه فى عام 2014 طلبت اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية دراسة من المركز وبالفعل صدرت دراستان حسب رئيس شعبة الجريمة، وتناولت إحدى الدراسات هجرة الشباب والأخرى هجرة الأطفال غير المصحوبين فيقول: «بناء على دراستنا، تم وضع استراتيجية وطنية للتعامل مع ظواهرالهجرة غير الشرعية وحاليًا بتعمل اللجنة من خلال الوزارات المختلفة الممثلة فيها وإضافة لذلك عندنا برضو».
يكمل «البسطامى» حديثه قائلًا: «جهودنا حلقة الوصل بين صانع القرار والمواطنين، ممكن توضح لصانع القرار رؤية غائبة عن المواطنين وممكن تعطى المواطن شعورا بأن الدولة مهتمة بيه»، مؤكدا أن أبحاث ودراسات المركز تعمل بمثابة «حوار مجتمعى» تُوضح من خلاله الرؤى للمواطنين كما تتكشف التفاصيل والمعلومات أمام الجهات صانعة القرار بالدولة ومؤسساتها.