عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي» [حديث صحيح]، يعد الله تعالى المتحابين فيه بالوعيد الأكبر والنجاة يوم القيامة من الحر الشديد، حيث يظلهم بعفوه ورحمته يوم لا ظل إلا ظله، تكريمًا لهم وتعظيمًا لفعلهم.
المحبة في الله سبب لحب الله للعبد:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم: «أن رجلًا زار أخًا له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكًا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: قل لك من نعمة تربها؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله عز وجل قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه». [أخرجه مسلم]
عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يحكي عن ربه عز وجل يقول: «حقت محبتي للمتحابين في وحقت محبتي للمتباذلين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، والمتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله» [حديث صحيح].
لماذا كرم الله المتحابون فيه ؟
وذلك لأن القلوب اجتمعت على محبته وحب من أحبه فالحب هنا في اعلى درجات النقاء، لا تشوبه شائبة لذلك أعد الله له ذلك الجزاء العظيم، والوعد الكريم وهو الظل يوم لا ظل إلا ظله يعني يوم القيامة، والحب في الله يجلب محبة الله للمتحابين فيه فلا توجد بينهم منفعة أو طلب أو حاجة فقط الحب في الله هو ما جعلهم متحابين ومتقاربين، وكم من الأحاديث التي ذكرت منزلة المتحابين في الله ووضحتها للحث عليها لما فيه من صلاح الأمة وعلو شأنها.
فتخيل معي عزيزي القارئ لو أصبح أهل الدنيا، جميع أهل الدنيا متحابين في الله، على مختلف ألوانهم وأشكالهم ولهجاتهم لا يجمعهم سوى الحب في الله، هل تصبح دنيا أم جنة على الأرض؟، فالهدف الحقيقي من انتشار هذه الصفة وهي الحب في الله، هو حب الله لعباده الذي يرى الخير في حبهم له بدون أي منفعة أو طلب شخصي، حتى يسود الود والحب بين عباده، فحب المنفعة يزول وأي حب آخر يزول إلا الحب في الله، والذي يندرج تحته الكثير من أنواع الحب فحب رسول الله هو حب في الله، وحب الإسلام هو حب في الله وحب الملائكة هو حب في الله، ولكن النوع الذي نتكلم عنه هو المتحابين في الله الذي يغفرون الزلات، ويذللون الصعاب، ويتغاضون عن الإساءة، ويتوادون، ويتراحمون لا لمنفعة أو غاية أو هدف فقط الحب في الله، وابتغاء مرضات الله وهي من اسمى الأهداف التي يحيا من أجلها الإنسان.
إني أحبك في الله:
وهذه إحدى القصص الجميلة عن الحب في الله؛ يقول أبو مسلم الخولاني: أتيت مسجد أهل دمشق فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب النبي صل الله عليه وسلم، وإذا شاب فيهم أكحل العين براق الثنايا، كلما اختلفوا في شيء ردوه إلى الفتى، قال: قلت لجليس لي: من هذا قال هذا معاذ بن جبل، قال: فجئت من العشى فلم يحضروا، قال: فغدوت من الغد فم يجيئوا، فرحت فإذا أنا بالشاب يصلي إلى سارية فركعت ثم تحولت إليه، قال: فسلم فدنوت منه فقلت: إني لأحبك في الله، قال: فدنى إليه قال: كيف قلت؟ قلت: إني لأحبك في الله، قال: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يحكي عن ربه يقول: «المتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله».