ضحية أحد ألغام «الحلفاء»: «معرفش شكل عيالى عامل إزاى»

#الواحات #الزمالك_سموحه #سموحه حمدي زكي ابو جبل

خالد بين أطفاله

خالد بين أطفاله


تصوير :
المصري اليوم

يمسك الصغير بيد والده كل صباح، ينزلان سويا درجات سلم منزلهما البسيط داخل قرية أغورمى بواحة سيوة، أبناؤه هم سبيله الوحيد لرؤية العالم من حوله وعصاه التى يتكئ عليها للوصول للمسجد المجاور للسكن، يكاد يكون المكان الوحيد الذى بات يزوره منذ أكثر من 11 عاما، بعدما فقد بصره وبُترت إحدى قدميه واستعاض عنها بطرف صناعى.

تبدلت حياة خالد أحمد مصطفى، 38 عاما، بعد إصابته إثر انفجار لغم أثناء تواجده فى عمله للزراعة بالكيلو 20 بسيوة عام 2005، يقول: «ولعنا نار عشان نعمل شاى، راح اللغم انفجر فينا». الغام عدة خلفتها الحرب العالمية الثانية وكان للعلمين وسيوة النصيب الأكبر منها .

أمل تحلى به «خالد»، بعد سنة ونصف مضت، متنقلا بين المستشفيات فى سيوة ومحافظات القاهرة ومطروح والإسكندرية، لإجراء عمليات بعد الحادث، إذ أنه عقب تأكده من خسارة إحدى ساقيه، وعينه اليسرى، أخبره الأطباء أن اليمنى يمكن عودة النور إليها عند زراعة قرنية، «مكنش ينفع أخد مخدر تانى، وقالولى روح وهنعملك العملية بعدين»، ليتفاجأ «خالد» بعد ذلك بأن تكلفة العملية تصل إلى 12 ألف جنيه، «وزمان ده كان مبلغ كبير وأنا معنديش مقدرة».

يعيش والد «قمر»، و«أميرة»، و«أحمد»، و«محمد» منتظرا علاجا لعينه اليمنى حتى يتمكن من رؤية أولاده، فهو لم ير سوى «قمر» الكبرى وقت أن كان عمرها 9 أشهر، «معرفش شكل عيالى عامل إزاي».

فقد «خالد» وظيفته ولم يجد سبيلا للمعيشة سوى الكشك الصغير الذى وفرته له وزارة التعاون الدولى، لم تتعد مساحة الكشك حيز المتر فى المتر إلا ربع، تعلوها لافتة مكتوب عليها «من الشعب الأمريكى»، يقول خالد: «صغير أوى معرفش حتى أقف فيه ولا أحط فيه بضاعة».

يضاف لهذا الكشك مبلغ شهرى يقدر بـ450 جنيها يتقاضاه «خالد» كمعاش من الشؤون الاجتماعية، «يعمل إيه المبلغ ده، وإحنا أسرة من 6 أفراد، وأنا عاجز مقدرش اشتغل».

بحسب إحصائية الأمانة التنفيذية لإزالة الألغام وتنمية الساحل الشمالى الغربى، تم رصد وتسجيل 756 مصابا من ضحايا الألغام، فى حين تقدر حالات الوفاة بأكثر من 200 ضحية، فى ظل عدم وجود إحصائية دقيقة تؤكد العدد الحقيقى للضحايا. وما زال يعانى أهالى الواحة والعلمين من عدم وجود لوحات استرشادية تجنبهم أماكن الألغام، ويقول «خالد»: «لسه ناس بتسرح بالغنم وتنصاب هناك، لازم يشيلوا الألغام أو يحطوا لوحات عشان عيالنا ميرحوش مننا». انتهت حرب العلمين منذ عقود، وأصبحت الدول التى حاربت بعضها البعض أحباء يحيون ذكراها سويا، وحدهم المصريون هم الذين مازالوا يعانون الأمرين بسبب الألغام، الإرث الثقيل الذى تركه لنا الضيوف.

Leave a Reply