.smsBoxContainer-v1{
display: block;
text-align: center;
}
#NewsStory .news_SMSBox {
display: inline-block;
height: 50px;
padding: 0 15px;
text-align: center;
overflow: hidden;
border: 1px solid #c5c5c5;
width: auto !important;
margin: 10px auto 0;
background-color: #efefef;
}
.article .news_SMSBox {
margin-top: 45px;
padding: 0 10px;
overflow: hidden;
}
.news_SMSBox > p {
color: #cb0000;
margin-left: 5px;
max-width: 290px;
min-width: 50px;
font-size: 70% !important;
overflow: hidden;
margin: 0;
height: 50px;
line-height: 50px !important;
display: inline-block;
float:right;
}
.news_SMSBox > iframe {
float: none;
width: 275px;
display: inline-block;
height: 49px;
}
اشترك لتصلك أهم الأخبار
قبل أذان المغرب بنحو الساعة، بدأ وقع أقدام غريبة يهل على قرية الفخارين بالفسطاط فى مصر القديمة، رغم إنهاك طول ساعات الصوم، حاولت الأعين أن تحتفظ قدر الإمكان بمشاهد قبيل الإفطار غير المعتادة التى ترصدها فى شارع قصر الشمع «صُناع فواخير مُرهَقون يصفّون إنتاج نهارهم على مهل فى انتظار المدفع»، وطست نحاسى زاخر بعشرات الأكياس من مشروب رمضانى عتيق يوزعه أحد السكان على الجيران بجوار المقهى.
وعلى تعدد المشاهد الرمضانية الآسرة فى بساطتها، لا تفقد الأعين تركيزها بحثًا عن مقصدها، «جرينيش» التى تستضيف إفطارًا يستهدف إنتاج الحد الأدنى من المخلفات على اختلافها بنهايته، لتدلهم عليه شارة خضراء أعلى سطح المبانى المكوّنة من طابقين فحسب، وبمجرد أن تطأ قدمك مقر المؤسسة المُضيفة للإفطار صديق البيئة، يبدأ مصطلح «إفطار بلا مخلفات» يشرح نفسه شيئًا فشيئًا، واشيًا بهويتها التى يهتم القائمون عليها بإعادة تدوير المخلفات الإلكترونية عن طريق لوحة فنية شديدة الإتقان مصنوعة من بقايا حواسيب وهواتف محمولة أصبحت عديمة الفائدة.
وخلاف الصورة النمطية لفعاليات الإفطار التشاركية، نبّه القائمون على الـ«إيفنت» بضرورة أن يجلب المشاركون معهم أدوات المائدة التى تخص كل فرد منهم لاستعمالها فى تناول الطعام، ومن المقرر بعد انتهاء صيام يوم رمضانى شاق، البدء فى سيناريو ما بعد الإفطار، إذ تقبع تحت حوض المطبخ سلال قمامة متعددة، لفصلها من المنبع إلى ما هو قابل لإعادة التدوير، وغير القابل لذلك، والمخلفات العضوية التى تجد طريقها لإطعام الحيوانات الأليفة، أو صُنع سماد منزلى طبيعى.
وتحكى مريم عمر، إحدى الأعضاء المسؤولين فى «جرينيش»، فكرة الإفطار والغرض منه، قائلة إن الأمر بدأ عندما اعتاد القائمون على المؤسسة أن يكون تقديم الطعام فى الفعاليات التى يتم تنظيمها «Zero Waste»، وحينها سأل المشاركون عن مفهوم ذلك، وهو ما أرادت المؤسسة أن تجيب عنه بشكل عملى «إفطار بلا مُخلفات»، للعام الثانى على التوالى، مؤكدًة أن الإفطار بالتأكيد سينتج بعض المخلفات فى النهاية، وبعض المشاركين بحكم العادة استخدموا لتحضيره بعض البلاستيك، وإن كان قابلًا للاستخدام أكثر من مرة، لكن الهدف الأسمى والأهم هنا أن يركز المشاركون على كل سلوك يقومون به، «هل ده قابل لإعادة التدوير وأقل ضررًا للبيئة ولا لأ؟!».
مكسب آخر من مكاسب الإفطار تستطيع «مريم» أن تلاحظه عبر أحاديث ودودة صغيرة على هامش تناول الطعام أو بعده: «واحد مثلًا السنة اللى فاتت شارك رغبته فى شراء مناديل قماش صديقة للبيئة زى بتاعة زمان، فواحد تانى قال له إنه بيصنّعها، أو يسأل مثلًا إزاى يقنع الناس عنده فى الشغل يستغنوا عن البلاستيك»، فيما تؤكد أن أمارات عديدة للإفطار التشاركى لا تنطبق على إفطار «جرينيش»: «مفيش فطار الناس بتقول فيه هاتوا أطباقكم وشوككم معاكم»، أما فيما يخص التعامل مع بواقى الطعام، فقد استحدثوا مبدأ جديدًا من العام السابق، ففضلًا عن التبرع ببواقى الطعام لثلاجات الخير، يشجع القائمون على الإفطار إعادة توزيع البواقى بين المشاركين: «بنقول كده: لو عاجبك أى صنف، خده وانت مروّح».
وتتعدد الشرائح العمرية والطبقية للمشاركين فى الإفطار على سطح مقر «جرينيش»، فتجد الستينى والثلاثينى والعشرينى، وحتى الأطفال القادمين بصحبة ذويهم، والذين ربما تكون هذه المرة الأولى التى يلتقون فيها مع المهتمين بالبيئة مثلهم، فـ«نورهان»، فتاة عشرينية، تخرجت فى كلية الآداب قسم الاجتماع، تحكى فيما تتناول إفطارها الرمضانى المتنوع فى طبق خزفى جلبته خصيصًا من منزلها لأجل إفطار «زيرو ويست»، عن رغبتها فى أن تعيش نمط حياة بلا مخلفات، لكنها لا تستطيع أن تقوم بذلك بشكل كامل: «أنا عايشة مع أهلى، طول الوقت فى اضطراب بسبب موضوع المخلفات مع والدتى، لكن أبويا من زمان وهو بيقول نقلل البلاستيك، دلوقتى بقيت أنا وهو حزب واحد».
على مائدة الإفطار هذه، تنعدم مخلفات «نورهان» البلاستيكية لأقل مستوياتها: «مفيش مخلفات غير إزازة المية البلاستيك، عشان نسيت إزازتى فى الأتوبيس».
بدوره، يستطيع كريم الدمياطى، أحد مؤسِّسى مبادرة «جرينيش»، أن يرصد تغيرًا فى سلوك المشاركين من العام السابق لإفطار هذا العام، مستدركًا: «لما قلنا السنة اللى فاتت، تسببنا فى بعض المخلفات، السنة دى وعى الناس أكبر، وماواجهناش أى صعوبات فى شرح المبدأ، وإفطار هذا العام جاء أقرب إلى النباتى.. 7 أطباق سلطات، مقابل 5 أطباق رئيسية، ومفيش لحوم كتير، شكل المائدة نفسه انتصار لهدف الإفطار صديق البيئة، ومش معنى إنه zero waste، إنه مايبقاش صديق البيئة، لكن اللقاء السنة دى راعى أضرار اللحوم البيئية والصحية»، مشيرًا إلى أنه لا مكان فى الإفطار لمحاضرة صريحة عن نمط الحياة الخالى من المخلفات أكثر من كونه تجمعًا تشوبه روح حميمية وفرصة لتكوين صداقات جديدة مع أفراد يتشاركون القلق نفسه بخصوص البيئة: «إحنا بندِّى محاضرات وورش عمل طول السنة عن الحياة بلا مخلفات، وممكن نخرج بمكسب النهارده إن الناس وهى بتحضر فطارها، تقف وتفكر هتعبّى الفطار وتغلفه فى إيه مش بلاستيك».
وخلال التجمعات، يختلف حديث ما بعد الإفطار عن غيره فى «Zero Waste»، فعبر فقرة «أوبن مايك»، تَشارَك الحاضرون دردشات بيئية من الدرجة الأولى، حيث قرر مؤسِّس المبادرة أن يهدى ضيوف إفطاره آلية بسيطة لفصل المخلفات من المنبع لأجل ظروف صحية وبيئية أفضل للنباشين وجامعى القمامة: «المخلفات وهى على بعضها ملهاش قيمة، لكن ممكن نفصلها لمخلفات قابلة لإعادة التدوير، ومخلفات عضوية غير قابلة لإعادة التدوير، ومخلفات عضوية، ودى تُعتبر من أسهل طرق الفصل»، فيما شاركت هدى حسين رحلتها التى امتدت على مدار شهرين لاختيار عبوات صديقة للبيئة لتوزيع وجبات إفطار على المحتاجين: «كُنا بنستخدم البلاستيك نحو 240 شنطة يوميًا، و200 علبة بلاستيك، قلت معقولة نكون بنعمل خير، وبسببنا يحصل كل الضرر ده للطبيعة؟!، فى النهاية اخترنا الفويل لأنه قابل لإعادة التدوير، وحطِّيناه بدل الشنط البلاستيك فى كراتين ورق مستخدمة».