.smsBoxContainer-v1{
display: block;
text-align: center;
}
#NewsStory .news_SMSBox {
display: inline-block;
height: 50px;
padding: 0 15px;
text-align: center;
overflow: hidden;
border: 1px solid #c5c5c5;
width: auto !important;
margin: 10px auto 0;
background-color: #efefef;
}
.article .news_SMSBox {
margin-top: 45px;
padding: 0 10px;
overflow: hidden;
}
.news_SMSBox > p {
color: #cb0000;
margin-left: 5px;
max-width: 290px;
min-width: 50px;
font-size: 70% !important;
overflow: hidden;
margin: 0;
height: 50px;
line-height: 50px !important;
display: inline-block;
float:right;
}
.news_SMSBox > iframe {
float: none;
width: 275px;
display: inline-block;
height: 49px;
}
اشترك لتصلك أهم الأخبار
«اتق الله ولاتظلم أحدا».. جملة قالها الشيخ عبدالباسط عبد الصمد، لابنه طارق فور تخرجه من كلية الشرطة، وهى الجملة التى لا يزال صداها يتردد فى أذنيه حتى الآن من فرط إحساسه بمقصد أبيه. المقرئ الشيخ طارق عبدالباسط عبدالصمد، أو اللواء طارق، الابن الأوسط للقارئ الراحل كشف فى حواره لـ«المصرى اليوم» عن جوانب شخصية الأب، مؤكدًا أنه حافظ على جمال صوته بقلة الكلام ومشروب عصير القصب، وقال إنه كان متواضعا محبا للحياة عاشقا لآل البيت والمصحف الشريف، وأن السيدة زينب كانت «وش السعد عليه».. فى بدايته مع التلاوة، معتبرا أن حادث المنصة كان أصعب لحظات حياته، حيث كان برفقة السادات وشهد لحظة اغتياله ما أصابه بانزعاج من الاحتفالات، مشيرا إلى علاقاته مع الملوك والرؤساء التى امتدت لمحاولات منحه الجنسية للعيش خارج مصر، والتى رفضها مرارا، مؤكدًا أن أكثر من أحبوه الشيخ زايد بن سلطان، رئيس دولة الامارات ومحمد السادس ملك المغرب.. وإلى نص الحوار..
■ حدثنا عن نشأة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد؟
– ولد فى 1 يناير 1927 بمدينة أرمنت، وكانت تابعة لمحافظة قنا، وتوفى فى 30 نوفمبر 1988 وكان كتاب الشيخ سعدى بالقرية خير معلم ومحفظ للقرآن، فاعتاد الذهاب مع أشقائه الأكبر منه سنا، وزاد تمسك الأب بتعليم الطفل بعدما أخبره الشيخ السعدى بأن نجله صاحب صوت قوى ومتميز، وأوصاه أن يرعاه فدب الأمل فى الوالد وبات يدعو لابنه بمستقبل ناجح، وقرر أن يهبه للقرآن الكريم، وقال «مش هيتعلم غير قرآن»، وكان الأب موظفا بهيئة السكة الحديد، والأم ربة منزل، وتعلق قلب الصغير بالقرآن واعتاد الذهاب إلى سرايا عبود باشا بقريته للاستماع إلى المقرئين مساءً، ليردد ما سمعه منهم حتى أطلقوا عليه لقب الشيخ عبدالباسط، ونصحوا والده بأن يرسل ابنه إلى معهد طنطا الدينى لتعليمه الأحكام والتجويد على يد العالم محمد سليم المنشاوى، ولم يكن بلغ الثامنة من عمره، ليعيش فى غربة وحيدا دون رعاية، ولكن القدر أراد به خيرا فانتشر خبر بأن المنشاوى قادم إلى قرية المطاعنة للاستقرار بها من أجل تعليم أبناء المنطقة أحكام القرآن الكريم فى جمعية المحافظة على القرآن، وبالفعل جاء المنشاوى وتلقى الفتى على يديه دروس التجويد والقراءات، فأتم حفظ القرآن فى العاشرة وأتم القراءات السبع والأحكام بعدها بعامين، وذاع صيته فى القرى المجاورة لبلدته وأصبح مطلوبا لإحياء الحفلات والمناسبات، وبدأ يدر دخلا على أسرته وأهله، لكنه كان مرهقا من العمل، فكان كثيرا ما يذهب إلى المكان سيرا على الإقدام لعدم وجود مواصلات، لكنه داوم على تلبية رغبات المحبين فذاع صيته فى كل منطقة الصعيد.
■ ومتى قرر الانتقال للإقامة الدائمة بالقاهرة؟
– ذات مرة سافر مع أصدقائه لحضور الحفل الختامى لمولد السيدة زينب سنة 1950، وكانت أول مرة له بالقاهرة، وعمره 23 سنة، تقريبا وحكى لنا كيف جلس بجوار كبار القراء، وبينما هو شارد الذهن يفكر فى المكان والأصوات، إذا بشخص يربت على كتفه ويقول له «إزيك يا شيخ عبدالباسط، أنا الشيخ على سبيع إمام المسجد بلدياتك فسلم عليه الوالد وبادره سبيع طالبا منه قراءة قدر يسير من القرآن، فاستجاب الشيخ الصغير للاختبار وجلس على مقعد القراءة وتلا القرآن واسترسل وإذا بالحضور ينصتون تماما واختفى الضجيج وتعالت صيحات الحضور بالاستحسان وهدير من الإعجاب مما جعله يشعر بالثقة فى النفس ويدخل فى حالة الانسجام وامتدت القراءة ساعة ونصف، فأقبل عليه الناس يخطبون مصادقته، وقال الشيخ عبدالفتاح الشعشاعى الذى تواجد ضمن الحضور، إن هذا القارئ ذو حظ عظيم، كما طلب منه أحد الأشخاص التقدم للإذاعة المصرية، وأعجب به وفرح الوالد كثيرا بالأمر ورفع يداه لله شاكرا لحضوره ليلة السيدة زينب، التى وصفها بـ«وش السعد عليه» بعد اعتماده فى الإذاعة، وبعدها استقر فى القاهرة بزوجته وأبنائه، وأخذ شقة صغيرة فى السيدة زينت ثم انتقل إلى الحلمية الجديدة وبعدها سكن بمنيل الروضة ثم جاردن سيتى وبعدها بنى فيلا فى العجوزة.
■ ما هى عاداته التى داوم عليها للحفاظ على جمال صوته؟
– كان قليل الكلام، فضلاً عن حرصه على شرب عصير القصب، والمداومة على النوم بشكل كاف.
■ كيف كانت طبيعة علاقته بأهله؟
– كان محبا لهم جميعا، وشمل أسرته بالرعاية ومتابعة شؤونهم بنفسه، حتى خصص لنا أحد المشايخ المتميزين لنحفظ القرآن على يديه، حتى أكرمنا الله جميعا وختمنا القرآن، وكان حريصا على التواصل مع عائلته وأقاربه فى الصعيد وحضور مناسباتهم، كما كان بارا بوالديه مطيعا لهما ملبيا لجميع رغباتهما، حتى إنه رفض الزواج مرة ثانية، بعدما ظل سنوات لم يرزق بذكور، لكنه تمسك بزوجته وهى ابنة عمه احتراما لها ولوالديه وأهله، فأكرمه الله بسبعة أبناء.
■ هل كان يطلب منكم الالتحاق بكليات بعينها والعمل فى أماكن محددة؟
– لم يكن من الآباء الذين يرسمون لأولادهم وبناتهم طريق التعليم والعمل، هو فقط أصر على حفظ القرآن، وترك كل منا لرغبته دون أى تدخل، وعندما أردت التقدم إلى اختبارات كلية الشرطة بعد الثانوية العامة أخبرته برغبتى، فقال لى إن الشرطة ليست مناسبة لك لكن لأنها تحتاج إلى التزام وتحمل للمشقة وكان يتوقع عدم تكيفى مع نظام الكلية، فضلا عن علمه بشغفى بقراءة القرآن، وقال لى «مستقبلك وبراحتك»، وفعلا تقدمت إلى الكلية ووفقنى الله وأصبحت طالبا بها.
■ وكيف تم قبولك بكلية الشرطة؟
– بعد اجتيازى جميع الاختبارات لم يدرج اسمى فى كشوف المقبولين، وقال والدى «قدر الله وما شاء فعل»، ولكننى كنت مصمما على الالتحاق بكلية الشرطة فاتصل بأحد اصدقائه الذى أبلغه بان الأمر يحتاج إلى تدخل اللواء النبوى إسماعيل وزير الداخلية، لأن لديه بعض الاستثناءات فى القبول، واتصل الوالد بالوزير، وقابله وعرض عليه الأمر، فرحب الوزير بشدة، وذهبت فى اليوم التالى لأبدأ فترة تدريبات المستجدين.
■ وماذا كانت نصائحه لك بعد تخرجك فى كلية الشرطة؟
– قال لى كلمات لم أنسها أبدا: «الحمد لله ربنا أكرمك ومنحك ما تمنيته، فلا تظلم أحدا واتق الله فى عملك وراعى ضميرك دائما وراجع نفسك يوميا»، وكان كلامه بمثابة النور الهادى لى فى حياتى، والحمد لله حفظت عهدى معه.
■ وكيف وفقت بين عملك كضابط وقارئ للقرآن الكريم؟
– الحقيقة عقب تخرجى فى الكلية مباشرة عملت بقطاع الأمن المركزى، وكنت أقرأ القرآن فى الاحتفالات والمناسبات التى يقيمها القطاع، وفى عام 1988، وأنا برتبة نقيب، وعقب رحيل الوالد، بدأت تأتينى الدعوات لإحياء المناسبات الدينية خلفا للمرحوم، وشعرت حينها بالحرج من الجمع بين عملى كضابط شرطة وتلاوة القرآن الكريم، فتقدمت باستقالتى لوزير الداخلية وقتها، اللواء محمد عبدالحليم موسى، وأخبرته بموقفى وقلت له إن الوالد قبل أن يتوفاه الله طلب منى أن أكمل مسيرته فى تلاوة وقراءة القرآن، فبادرنى الوزير ليس هناك حرج بل هو شرف أن يتواجد ضابط قارئ للقرآن بجهاز الشرطة، فحصلت على الموافقة بتلاوة القرآن الكريم من وزير الداخلية، وكنت وقتها نجحت فى انتخابات عضوية مجلس إدارة نادى الشرطة بالجزيرة، مما سهل لى الأمر واستمر عملى بالنادى وتلاوة القرآن الكريم، حتى حصلت على إجازة التجويد وسجلت القرآن الكريم كاملا، وتدرجت فى المناصب حتى رتبة لواء قبل التقاعد منذ 4 سنوات.
■ من وجهة نظرك أهم المقرئين المنافسين للشيخ عبدالباسط فى عصره؟
– هو عاش العصر الذهبى للقراء وكانوا جميعا يكنون لبعضهم البعض كل التقدير والاحترام ولم نشعر أبدا بأن هناك منافسات بل تبادلوا الود وحافظوا على شرف وقيمة وقدر المهنة، لأن قراءة القرآن الكريم توجب احترامها.
■ وكيف كانت علاقته بالرؤساء والملوك؟
– ارتبط بصداقات مع عدد من الملوك والرؤساء، على رأسهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم دولة الإمارات العربية الراحل، الذى طلب من الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى إحدى الزيارات أن يستمع له يوميا حتى يغادر مصر، وأفصح الشيخ زايد لأبى عن رغبته فى اصطحابه إلى الإمارات للقراءة هناك، ومن هذا اليوم صارت صداقة بين الاثنين، وكان أبى مقربا من الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق، وتوقف والدى عن القراءة الرسمية بعد حادث المنصة، وكان عبدالناصر يحبه كثيرا، وعن طريقه تعرف والدى على الملك محمد السادس، ملك المغرب وأخبره برغبته فى منحه الجنسية المغربية والإقامة بالرباط نظير تلاوة القرآن هناك، لكن الشيخ رفض وقال له أنا تحت أمركم فى أى وقت دون جنسية، لأننى لا أستطيع العيش بعيدا عن مصر.
■ ماذا تقصد نهايته مع التلاوة فى الاحتفالات الرسمية بعد حادث المنصة؟
– ترك حادث المنصة الذى رحل فيه الرئيس الأسبق السادات، فى نفس أبى انزعاجاً استمر شهورا كونه تواجد فى قلب الحدث وكان قريبا من النيران مما جعله يقرر عدم حضور المناسبات الرسمية مطلقاً، لكنه استمر قارئاً فى جميع .
■ وماذا عن مرضه والحادث الذى تعرض له؟
– فى إحدى زياراته لمدينة إسنا لإحياء احتفال هناك، وبينما كان يستقل السيارة بجوار السائق فى اتجاهه إلى مكان المناسبة إذا بسيارة ميكروباص تصطدم بسيارته ويتهشم الزجاج مما نتج عنه تهتك فى القرنية وانفصال شبكى ولم يفلح علاجه فى مصر مما اضطره للسفر إلى أمريكا لزراعة عدسة وعاد أفضل كثيرا من الأول، لكنها خلفت وراءها ارتفاع السكر لديه وفى عام 1988 أصيب بالتهاب كبدى، كان تطورا لبلهارسيا منذ الصغر وقد نصحه الدكتور إبراهيم بدران، وزير الصحة، وقتها بالسفر إلى لندن للعلاج ولم يضيع وقتا ورافقته أنا فى رحلته للخارج ونزلنا فى مستشفى كروميل وبعد أسبوعين تقريبا طلب منى العودة لمصر، وقال لى: أنا عايز أموت فى بلدى رجعنى بسرعة، وبعدها بأيام قليلة فاضت روحه إلى الخالق فى 30 نوفمبر من عام 1988.