طريق يمتد 500 كيلو داخل الجيزة يربط بين مدينتى 6 أكتوبر والواحات، وسط صحراء شاسعة على مد البصر خالية من أى مظاهر للعمران.. تلك هى منطقة الواحات التى اتخذتها العناصر الإرهابية فى الفترة الأخيرة وكراً لتلقى تدريبات عسكرية لتنفيذ أعمال إرهابية ضد الشرطة والجيش وآخرها حادث الجمعة الماضى.
تجولت «المصرى اليوم» بالمنطقة وتوغلت حتى الكيلو 220 فى اليوم الثانى من وقوع الحادث دون أن تعترضها أى كمائن أو نقط تفتيش، باستثناء القوات الأمنية الموجودة فى مكان الحادث، وهو ما يساعد على انتشار العناصر الإرهابية القادمة من ليبيا من خلال الدروب والممرات وتمركزت بتلك المنطقة.
حادث الكيلو 135 لم يكن الأول فى تلك المنطقة، فقد شهد طريق الواحات من قبل استشهاد 3 ضباط ومجند بالقوات المسلحة بعد انفجار عبوة ناسفة منذ 3 أشهر، كما شهدت المنطقة فى 2015 اختطاف مهندس كرواتى يدعى توماس لاس كان يعمل فى حقل البترول فى تلك المنطقة، وبعدها ظهر فى فيديو بثه تنظيم داعش أثناء إعدامه بقطع رأسه بعد أسبوع من اختطافه.
المنطقة خالية تماما من مقومات الحياة، فلا يوجد ماء ولا طعام، باستثناء كافيتريا عند الكيلو 175، تأتى من منطقة أكتوبر بسيارات مياه، وعلى بعد 50 مترا من الكافيتريا هناك مسجد مغلق، أوضح مصدر بمديرية أمن الجيزة أن القوات قامت بإغلاقه بعد فض اعتصام رابعة العدوية.
وأضاف المصدر أن هذا المسجد استخدمته عناصر تكفيرية مقرا لها لترويج أفكارها المتطرفة على السائقين والركاب بطريق الواحات أثناء أدائهم الصلاة بهذا المسجد.
منطقة الواحات عرفت بالمحاجر الزلط وبعض حقول البترول، فعلى جانبى الطريق، اتخذت العناصر الإرهابية من تلك المحاجر بعد انتهاء العمل بها مقرا لها، وهو ما أكده نبيل نعيم، خبير الحركات الإسلامية، بقوله إن الخلايا المتطرفة اتخذت من تلك المحاجر المهجورة التى تقع على الامتداد الموازى لطريق الواحات مخبأ للتدريب العسكرى على الأسلحة الثقيلة.
وأضاف نعيم، لـ«المصرى اليوم»، أن هشام عشماوى، ضابط الصاعقة السابق، الهارب إلى ليبيا، وراء التخطيط لتنفيذ الواقعة وتمويل تلك الجماعات من خلال المدقات الموجودة على الحدود الغربية، حيث تم تهريب الأسلحة الثقيلة لها بعيدا عن عيون الأمن، مستغلة تلك المساحة الشاسعة التى من الصعب السيطرة عليها أمنيا.
وكشف عن وجود علاقة بين الجماعات التكفيرية وجماعة الإخوان لضرب الأمن المصرى فى الواحات والوادى الجديد، وأن هناك اتصالات بين الجناح المسلح للإخوان حركة حسم والجامعات التكفيرية التى تنضوى تحت لواء داعش.
ورغم أن الطريق حتى الكيلو 500 خال تماما من الكمائن، فإن اللواء رضا يعقوب، مساعد وزير الداخلية الأسبق، قال إن الأجهزة الأمنية تسيطر بشكل كامل على منطقة الواحات ومحاجرها عن طريق القمر الصناعى، وترصد جميع تحركات العناصر الإرهابية بتلك المنطقة ومكان اختبائهم دون الحاجة إلى انتشار كمائن أمنية بالمنطقة.
ونفى يعقوب ما تردد عن وجود خيانة تعرضت لها الأجهزة الأمنية من عناصرها، قائلا إن الخطأ الوحيد أن الحملة الأمنية التى داهمت المنطقة لم تكن لديهما معلومات كاملة عن كمية الأسلحة المستخدمة.
وقال اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن حدود الدولة المصرية مع ليبيا، تبلغ نحو 1180 كيلو مترا، وهو ما يتطلب مجهودات عالية من الأجهزة الأمنية وأجهزة المعلومات وحرس الحدود، لتأمينها ومنع تسلل أى عناصر أو أسلحة من الدخول إلى الواحات لتنفيذ مخططات عدائية ضد الدولة.
وقال نور الدين، الذى عمل مديرا لفرع الأمن العام بالمنيا بفترة التسعينات، إن عاصم عبدالماجد، القيادى بالجماعة الإسلامية، المقيم بقطر وآخرين، يسعون حاليا لإحياء نشاط الجماعة بمنطقة الواحات بصعيد مصر، مستغلين الفقر والجهل وانعدام التنمية بتلك المنطقة حيث تم اتخاذ الصحراء الغربية مأوى لهم نظرا لعدم قدرتهم على التواجد بين الكثافات السكانية كما فى السابق.
وطالب اللواء طلعت أبومسلم، الخبير الأمنى، وزارة الداخلية بتطوير أسلوبها فى مواجهة العناصر الإرهابية فى الواحات ونشر قواتها مع وضع نقاط شرطة متحركة والتخلى عن الأسلوب التقليدى الذى تتبعه فى منطقة الواحات خلال الفترة الماضى، قائلا: لابد من التدريب وابتكار أسلوب جديد لمواجهة العناصر الإرهابية حتى لا تتحول تلك المنطقة لمرتع جديد للإرهاب فى مصر.
وشدد على أنه من الضرورى استخدام الطائرات فى موجهة الإرهاب فى الواحات، وهو ما اتفق معه اللواء جمال أبوذكرى، الخبير الاستراتيجى، مطالباً باستخدام الطائرات فى عملية تأمين الحملات الأمنية أثناء عمليات مداهمة العناصر الإجرامية.
وأضاف أن الطائرات تستطيع الكشف عن أماكن البؤر الإرهابية من أعلى وتسهل على قوات الأمن الوصول إليهم والتعامل بشكل صحيح أثناء المداهمة بأقل خسائر ممكنة.