سكان «عين الحياة»: هددونا بإزالة المنطقة نهاية أكتوبر.. ورئيس حى الخليفة: «الهدم فور الإجلاء»

عشوائيات عين الحياة

عشوائيات عين الحياة


تصوير :
حازم عبد الحميد

منذ أكثر من 43 عاما، تعيش عائلة محمد إبراهيم البالغ من العمر 40 عاماً داخل منزل لا يتجاوز 100 متر أمام بحيرة عين الصيرة بجوار مقابر الإمام الليثى بحى الخليفة بالقاهرة.

لم يعرف «محمد» الذى يعيش فى إحدى الشقق وأخته التى تسكن بشقة أخرى بنفس العقار، مسكناً آخر لهما، إلا أنه فوجئ أواخر سبتمبر الماضى بعدد من موظفى حى الخليفة يقومون بحصر عدد السكان والأسر بالمنطقة، استعداداً لرفع قاعدة بيانات الأسر لتسليمهم وحدات بديلة بحى الأسمرات، ومن ثم إزالة المنطقة بالكامل ضمن خطة تطوير المناطق العشوائية، والتقى «محمد» وباقى السكان بموظفى الحى الذين أكدوا أن جميع السكان سيتم نقلهم إلى حى الأسمرات للبدء فى هدم المنازل القديمة وتطوير المنطقة.

وطلب «محمد» تسجيل اسمه ضمن مستحقى الوحدات السكنية بالأسمرات، لكن موظفى الحى أخبروه أن له شقة واحدة فقط لجميع أفراد أسرته وأسرة أخته الذين يتجاوز عددهم 10 أفراد.

وتحيط بالعقار الذى يقطنه «محمد» شوارع ضيقة، ومنازل من الخشب لا تتجاوز مساحتها 100 متر، وارتفاعها طابق أو اثنان، وتطل على بحيرة عين الصيرة وضريح «آل طباطبا» آخر أثر للدولة الإخشيدية بمصر والذى تهدمت أجزاء كثيرة منه بسبب تسرب مياه البحيرة له.

عشوائيات عين الحياة

وتفتقر منطقة حمامات الصيرة أو عين الحياة كما هو مدون بالبطاقات الشخصية لبعض السكان للخدمات الأساسية، فلا يوجد «كهرباء أو مياه أو صرف صحى».
وحكى مصطفى ضيف، أحد سكان المنطقة، منذ أكثر 20 عاماً لـ«المصرى اليوم»، تاريخ المنطقة قائلاً إنها كانت مدونة فى سجلات وزارة الأوقاف بوصفها (وقفا خيريا باسم عين الحياة) وجميع السكان يسددون المبالغ شهرياً، تحت مسمى «عوائد» للوزارة، ولديهم إيصالات تثبت ذلك.

وتابع أنه أثناء الحصر طالب السكان موظفى حى الخليفة بتوفير مساكن بديلة إما تمليكا أو بإيجار مناسب، ورغم تسجيل أغلب السكان، فلم يتم تسكين إلا 57 فقط من إجمالى 270 أسرة، على حد قوله.

وأضاف: «فى أعقاب ذلك تقدم عدد كبير بشكاوى لطلب الحصول على مساكن بديلة، فى الوقت الذى طالب فيه موظفو حى الخليفة باقى السكان بإخلاء المنطقة قبل نهاية أكتوبر حتى تبدأ الآليات فى ردم المنازل»، وتابع: «طالبونا بترك المنازل دون مقابل».

ووصف «ضيف» الحصر بأنه كان «بشكل عشوائى» مشيراً إلى أن اللواء صادق عبدالمقصود، رئيس حى الخليفة، قال للسكان إنه تم تسكين 270 أسرة من عين الصيرة بالأسمرات، وبالتالى لا يوجد أى مستحق آخر لوحدات سكنية، وسيتم إخلاء المنطقة، يوم 30 أكتوبر الجارى، لافتاً إلى أنه تم حصر عدد المنازل والسكان فى أعوام 2000 و2008 و2014 وأخيراً، فى سبتمبر 2017، بهدف إخلاء المنطقة.

وتابع أن جميع المناطق العشوائية كان لها الحق فى الاختيار، إما التطوير داخل المنطقة أو تمليك وحدة سكنية أو الانتقال لوحدة سكنية بالإيجار، ولكن لم يترك لسكان «عين الصيرة» أى حد فرصة للاختيار.

وقال سيد معوض، أحد سكان المنطقة، إن السكان يعانون من عدم وجود الخدمات الأساسية، ولفت إلى أنهم ليس لديهم عمل ثابت، والبعض منهم موظفون، ولكن الجميع ليس لديهم قدرة على تحمل أعباء النقل إلى الأسمرات أو تحمل الإيجار الشهرى، فالأسر التى انتقلت للأسمرات مطالبة بدفع 4 آلاف جنيه كتأمين لاستلام الوحدة، وعندما اعترض السكان على ذلك لعدم قدرتهم تسديد هذا المبلغ كان رد موظفى الحى «بيع عفش بيتك المهم تدفع عشان تروح»، بحسب قوله.

عشوائيات عين الحياة

وبين الشوارع الضيفة تنتشر منازل مهدمة وبقايا أخشاب أثاث المنازل، وخلف كل منزل مهدم يقع آخر قائم ينتظر الهدم، ولم يتم توفير البديل، ومن هذه الحالات منزل «حبيبة»، وهى أم لطفلين من ذوى الإعاقة، وحصل جيرانها على مسكن بديل بالأسمرات، لكنها لم تحصل على شىْء.

ولم تقتصر الشكاوى على السكان، حيث رفض الحى توفير ورش فخار بديلة لأصحاب الورش بالمنطقة، حسبما أكد أحمد رمضان، صاحب ورشة للفخار بعين الصيرة، لافتاً إلى أن موظفى حى الخليفة أكدوا له أن سيتم إزالة الورشة أثناء الهدم، وعندما طالب الحى بتوفير مكان بديل تم رفض طلبه.

من جانبها، قالت «أم سيد»، إحدى سكان المنازل الخشبية، منذ 20 عاماً، إنها طالبت موظفى الحى، بتوفير منزل لها ولأبنائها الاثنين، لكنها لم تحصل على شئ، مشيرة إلى أنه تم تهديدها بأنه فى نهاية أكتوبر سيتم هدم منزلها الخشبى الذى لا يتجاوز 30 مترا، وكل ما فيه سرير واحد ومرتبة.

وحصلت «المصرى اليوم» على عدد من شكاوى السكان التى تم تقديمها لمكتب نائب وزير الإسكان لشؤون تطوير العشوائيات، وفى أعقاب ذلك زارت لجنة من وزارة الإسكان المنطقة لمعاينة الوضع على الطبيعة، وأكدت للسكان أن نهاية أكتوبر هو الموعد الرسمى للهدم، وجارٍ دراسة شكواهم.
ونظم السكان وقفة احتجاجية أمام مبنى محافظة القاهرة، أمس، وذلك للمطالبة بتسكين جميع الأسر بالأسمرات.

وفى المقابل، قال رئيس حى الخليفة، إن منطقة عين الحياة بعين الصيرة من المناطق العشوائية والتى صدر قرار بإزالتها بالكامل، وهى ضمن أملاك الدولة، وليست ملك لأفراد، وبالتالى فسيتم إزالتها بالكامل مع مراعاه الجانب الإنسانى ونقل جميع السكان إلى مناطق آمنة كالأسمرات.
وأضاف «عبدالمقصود»، فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»، أن هذه المنطقة لا يوجد نمط واحد فى البناء، فهناك غرف خشبية ومنازل من الطوب، وسيتم تحديد مدى أحقية المواطنين فى النقل، طبقاً للكتاب الدورى الصادر من محافظة القاهرة الذى حدد شروط نقل السكان، مؤكداً أنه لم يتم تحديد موعد لهدم المنازل، حيث سيتم الهدم فور إجلاء السكان من المنطقة.

عشوائيات عين الحياة

Leave a Reply