الصناعة المحلية تنتصر فى معركتها ضد«المستورد»

صناعة الملابس والمنسوجات أكبر قطاع مستفيد من إجراءات الإصلاح

صناعة الملابس والمنسوجات أكبر قطاع مستفيد من إجراءات الإصلاح


تصوير :
محمود طه

فى جولة داخل إحدى السلاسل التجارية، سيدهشك اختفاء منتجات عديدة مستوردة، إذ احتلت يوما ما أرفف المكان، بينما حلت المنتجات المحلية مكانها، ومن بينها «أجبان شهيرة، آيس كريم فاخر، أسماك مجمدة، أطعمة حيوانات، وحلوى الأطفال، ومستحضرات النظافة والتجميل، وأدوات منزلية وكهربائية»، بعد أن أنهى قرار تحرير سعر صرف الجنيه دعما خفيا كان يقدمه الاقتصاد للمنتجين والمصدرين على حساب الصناعات الوطنية، لتعود الصناعة بعد عام من قرار تحرير سعر الصرف منتصرة فى معركتها مع المستورد.

خالد فتح الله، صاحب إحدى السلاسل التجارية، قال إن حجم المعروض من المستورد، تراجع 90%، بسبب الارتفاع الكبير فى الأسعار بعد صعود سعر الدولار: «بيعها أصبح ثقيلا جدا، حتى الفئات ذات الدخل المرتفع أحجمت عنها، ومنها الألبان والزيوت والسمن المستورد واللحوم والأسماك المعلبة وأنواع من الفاكهة والخضار المعلب، وجزء كبير من الأدوات المنزلية والكهربائية، خاصة الصينية والتركية».

ويوضح طارق توفيق، وكيل اتحاد الصناعات ورئيس الغرفة الأمريكية، لـ«المصرى اليوم»، ما حدث فى الصناعة بعد مرور عام من التعويم، قائلا: «نموذج الاستثمار الصناعى قبل التعويم تغير كثيرا، لدينا صناعتان، إحداهما تأثرت سلبا، وهى الصناعات التى كانت تعتمد فى شقها الأكبر من مدخلات الإنتاج على الاستيراد، بينما الشركات التى تعتمد على نسبة أكبر من المكونات المحلية وتصدر للخارج، حققت طفرة كبيرة فى أرباحها على مدار تاريخها».

وأضاف: «قبل التعويم، كانت بيئة العمل تشجع على الاستيراد، والآن الشركات أكثر تفهما لأهمية تغيير نموذج عملها، ليعتمد بشكل أفضل على تحسين عمليات التوريد المحلى ورفع جودته، وفقا لمتطلبات التصدير، والشركات التى كانت تستسهل البيع فى السوق المحلية، مجبرة حاليا على الاتجاه للتصدير لأن أرباحه عالية للغاية، خاصة أن انخفاض الجنيه أعطى ميزة تنافسية فى تكلفة إنتاجها أمام منافسيها من الدول الأخرى، والقطاعات الأكثر استفادة من التعويم، هى السياحة، والصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية، والصناعات الكيماوية والهندسية، ووفقا لآخر تقرير لوزارة التجارة والصناعة، فإن الصادرات المصرية حققت ارتفاعا خلال الـ9 شهور الأولى من العام بنسبة 11%».

وتابع توفيق: «الاراضى والتراخيص، من أبرز المشاكل التى واجهت انطلاق الصناعة، وأعتقد أن وزارة التجارة والصناعة طرحت كميات ضخمة من الاراضى لمختلف قطاعات (البيزنس)، وبلغت 16 مليون متر، وتوازى ما تم طرحه خلال 7 سنوات، ونشهد اليوم صدور قانون التراخيص الصناعية ولائحته التنفيذية، والتى اختصرت مدة إصدار الرخصة إلى 7 أيام فى أغلب الصناعات، والعام المقبل سيشهد انفراجة قوية فى أرقام الإنتاج الصناعى وتحسنا ملحوظا فى الصادرات خلال عامين».

واتفق أغلب المنتجين الذين استطلعت «المصرى اليوم» آراءهم مع ما سبق، إذ أكدوا أن الصناعة خرجت رابحة من معركة الدولار والتعويم، لكن بعضهم يرى أن هناك مجموعة من الإجراءات المهمة غائبة عن المشهد، ومنها صدور قانون الاستثمار وإعطاء حوافز لتنمية الصناعة، وتحسن بيئة طرح الأراضى الصناعية وحل المشكلات البيروقراطية، كما أبدوا قلقهم من التضخم وارتفاع سعر الفائدة.

وقال محمد الدماطى، رئيس شعبة الألبان، إن الشهور الأولى بعد التعويم كانت صعبة على الصناعة، لكن تحسنت الأمور تدريجيا بداية النصف الثانى من العام الجارى، موضحا أن الطلب ما زال منخفضا فى السوق نتيجة التضخم المرتفع، والإنتاج المتراجع، لافتا إلى أن الوضع يشهد تحسنا عما كان فى الربع الأول من العام.

وأضاف: «الانطلاق صعب مع ارتفاع الفائدة لـ20%، هذه النسبة لا تشجع على زيادة الاستثمارات، وأكثر ما يقلق مجتمع الأعمال هو مدى استعداد الحكومة لتعويض الدولارات بعد خروج الاستثمارات الأجنبية الساخنة».

وقال محمد قاسم، رئيس المجلس التصديرى للملابس الجاهزة السابق، إن التعويم أوقف الاتجاه الهبوطى للصادرات المصرية، الذى استمر نحو عامين، واليوم تم إيقاف الهبوط وتحولنا إلى الزيادة التدريجية، وخلال هذا العام استطعنا تعويض جزء من خسائرنا التى لحقت بالقطاع خلال السنوات الأخيرة، متوقعا أن يسجل العام المقبل 2018، نموا أسرع فى الإنتاج الصناعى ومؤشرات التصدير، والاعتماد بشكل أكبر على المكونات المحلية.

وأضاف: «بيئة العمل مازالت تعانى البيروقراطية وتخبط السياسات رغم صدور قانون الاستثمار، ولدينا عاملان خفضا من مكاسب التعويم للقطاع، هما نسبة المكون الأجنبى فى صناعة الملابس الجاهزة والتى تصل إلى 50%، وتأثيرات التضخم التى دفعت إلى زيادة اجور العمالة وزيادات فواتير الكهرباء وغيرها من التكاليف، والتعويم أفاد هذه الصناعة بنسبة 15% فى المتوسط، ولكن على المدى الطويل مع الاستثمار فى المكونات المحلية سيكون لنا فرص أكبر فى التصدير».

وقال أحمد عبدالحميد، رئيس غرفة مواد البناء، إن صادرات القطاع حققت تطورا كبيرا، حيث سجلت زيادة بنسبة 8%، مشيرا إلى أن تأثيرات التعويم اختلفت من صناعة لأخرى، فالصناعات التى تعتمد على الغاز المقوم بالدولار زادت عليها التكلفة كثيرا مثل الأسمنت والسيراميك والطوب، وشهدت عاما صعبا حتى تصحح هياكلها الإنتاجية بعد تضاعف التكلفة عليها، فى ظل فقدانها العديد من أسواقها التصديرية المهمة فى سوريا وليبيا والعراق، خاصة أن صادرات هذه المواد كان أغلبها إلى دول الجوار العربى فى قطاعات المعدنية والمحجرية مثل الرخام والجرانيت. وأضاف رئيس غرفة مواد البناء، أن المشروعات الكبرى والقومية التى تم الإعلان عنها فى مجالات البنية التحتية، أنعشت الطلب المحلى لمصنعى مواد البناء.

Leave a Reply