نقابيون ينتقدون قانون المنظمات النقابية المقدم من الحكومة

حفل تكريم الأمهات المثاليات بالاتحاد العام لنقابات عمال مصر، 8 أبريل 2015 - صورة أرشيفية

حفل تكريم الأمهات المثاليات بالاتحاد العام لنقابات عمال مصر، 8 أبريل 2015 – صورة أرشيفية


تصوير :
بسمة فتحى

انتقد نقابيون عماليون قانون المنظمات النقابية الجديد المقدم من الحكومة، مؤكدين أنه يشكل استحقاق مؤجل منذ سنواتٍ بعد أن شاخ قانون النقابات الحالى الذي مضى على إصداره واحد وأربعين عاماً تبدلت خلالها الأحوال الاقتصادية والاجتماعية، وأوضاع سوق العمل ،وتراجع القطاع العام لحساب القطاع الخاص، تنامى القطاع غير الرسمى، والعمل غير المنظم محتلاً مساحات واسعة على خريطة الهيكل الاقتصادي.

وشددوا خلال أعمال جلسة الاستماع الثانية التي نظمتها لجنة القوى العاملة بمجلس النواب حول مشروع قانون المنظمات النقابية والحق في التنظيم التي نظمتها دار الخدمات النقابية والعمالية وحملة الدفاع عن الحريات النقابية، أنه في ظل هذه المتغيرات لم يعد ممكناً استمرار القانون الحالى الذي يفرض على العمال تنظيماً نقابياً واحداً يخضع للسيطرة الحكومية وتغيب الحدود الفاصلة بينه وبين الجهات الإدارية.

وأوضح المشاركون إلى أنه لم يعد من الممكن تأجيل استحقاق الحريات النقابية مرةً أخرى، ليس فقط إعمالاً للمادتين 76، 93 من الدستور المصرى، ونزولاً على معايير العمل الأساسية، ووفاءً لالتزاماتنا الدولية المترتبة على اتفاقيات العمل الموقع عليها من الحكومة المصرية، وإنما أيضاً لأن الواقع على الساحة العمالية يطرح بإلحاح الحاجة الملحة إلى النقابات التي تستطيع التعبير عن العمال والدفاع عن مصالحهم والتفاوض باسمهم تفادياً للاحتقان والتوتر الذي يعترى هذه الساحة متنقلاً بين المواقع والقطاعات.

ولفت المشاركون إلى أن المادة الثانية من مواد الإصدار في مشروع القانون (الثالثة بعد تعديلات لجنة القوى العاملة البرلمانية) تنطوي على تمييز واضح وانعدام مساواة بين كلٍ من النقابات التابعة «للاتحاد العام لنقابات عمال مصر»، والنقابات المستقلة عنه.. حيث تحتفظ الأولى بشخصيتها الاعتبارية بعد صدور القانون، فيما لا تكتسب الثانية شخصيتها الاعتبارية إلا بعد توفيق أوضاعها.

واعتبروا إن التمييز وانعدام المساواة الواضحين في هذه المادة لا ينجم عنهما فقط إحاطتها بشبهة عدم الدستورية، بل تترتب عليهما أيضاً نتائج بالغة الخطورة إذا ما اقترنت هذه المادة بالمادة 12 من المشروع فيما تنص عليه من أنه «للعاملين بالمنشأة التي يعمل بها خمسون عاملاً فأكثر تكوين لجنتها النقابية..».. حيث يبدو تعديل لجنة القوى العاملة لعبارة «لجنة نقابية» لتصبح «لجنتها النقابية» يحتمل تفسيره بما يعنى حظر تكوين أكثر من لجنة نقابية –على الأخص- إذا ما قُرِأ في سياق التصريحات التي خرجت عن بعض أعضاء اللجنة خلال الفترة الماضية.

وأصدر المشاركون بيانا اعتبروا فيه أن حظر تكوين أكثر من نقابة في المنشأة يمثل في حد ذاته مخالفة صريحة وافتراقاً واضحاً عن اتفاقية العمل رقم 87 فإن اقترانه بنص المادة الثانية من مواد الإصدار قد يؤدى عملياً إلى منع تكوين أي نقابة في المنشآت التي تتواجد بها نقابات تابعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر المكتسبة شخصيتها الاعتبارية ابتداءً بما يعنى سبقها على أي نقابة مستقلة عن هذا الاتحاد.

وأكد البيان أن حرمان العاملين في المنشآت التي يقل عدد عمالها عن خمسين عاملاً من شأنه أن يؤدى إلى استبعاد نسبة لا يستهان بها من المنشآت من تكوين النقابات فيها، وهو الأمر الذي لا يستقيم مع نسبة هذه المنشآت إلى إجمالى عدد المنشآت في واقعنا، كما أن اشتراط خمسين عضواً لتكوين النقابة يبدو مبالغاً فيه وغير مبرر مقارنة بالأرقام المستقر عليها في الخبرات الدولية، ومنظمة العمل الدولية.

ولفت البيان إلى أن اشتراط عشرين ألف عضو لتكوين النقابة العامة ومائتى ألف عضو لتكوين الاتحاد العام تبدو شروطاً تعجيزية قد تحول دون ممارسة الكثير من العمال حقهم في تكوين نقاباتهم واتحاداتهم مادمنا نتحدث عن عضوية اختيارية غير اتوماتيكية..

وأشار البيان إلى إن رقم عشرين ألف عضو يتنافى مع خبرة نقابات عامة قائمة فعلياً لا يبلغ عدد جميع العاملين في قطاعاتها هذا الرقم مثل نقابة هيئة النقل العام، بل ونقابة العاملين في المناجم والمحاجر التابعة للاتحاد العام لنقابات العمال ذاته.

وأوضح البيان إن ما تتضمنه المادة 12 من مشروع القانون فيما تنص عليه من أن المنظمات النقابية «تتكون مستوياتها من: اللجنة النقابية للمنشأة أو اللجنة النقابية المهنية على مستوى المدينة أو المحافظة. النقابة العامة. الاتحاد النقابى العمالى».. هو استنساخ للمادة 7 من القانون الحالى رقم 35 لسنة 1976، وهى المادة التي كانت ولم تزل محلاً للانتقاد والرفض وموضعاً لأهم ملاحظات لجنة الخبراء بمنظمة العمل الدولية.

واعتبر البيان إن التعديل الذي أدخلته لجنة القوى العاملة على المادة 6 من المشروع لتلافى ملاحظة لجنة الخبراء بمنظمة العمل الدولية قد سار بها إلى الأمام وذلك فيما يتعلق بإصدار الوزير لوائح نموذجية حيث تم إلغاء كلمة قرار، ونصت المادة على كونها لوائح استرشادية عند الضرورة ،إلا أنه- رغم ذلك- لا يبدو هناك ما يبرر النص على هذه اللوائح النموذجية في القانون مادام الهدف منها هو تقديم الدعم الفنى للنقابات في وضع لوائحها دون إلزامها بها.

وأفاد البيان بأن تعداد العاملين الذين تسرى عليهم أحكام القانون تزيد لا مبرر له، وربما أدى إلى إسقاط حق بعض الفئات في تكوين النقابات، وعلى سبيل المثال العاملين لحساب أنفسهم، والعاملين في قطاع الصيد، ولما كان الأصل في حق تكوين النقابات هو الإباحة وإتاحة ممارسة الحق لجميع الفئات، فقد كان من الأوفق النص فقط على الفئات المستثناة بموجب الدستور(العاملين في الهيئات النظامية).

وأوضح البيان أن المادة تجاهلت أو أسقطت عمداً حق أصحاب المعاشات، أو المحالين للتقاعد في تكوين نقاباتهم على الرغم من التجربة الملهمة لنقابة أصحاب المعاشات التي تعد واحدة من أهم النقابات خلال السنوات الماضية حيث استطاعت تمثيل أصحاب المعاشات والتعبير عن مصالحهم ومطالبهم، وأدارت العديد من المفاوضات الجماعية باقتدار .

وانتقد البيان الكثير من مواد مشروع القانون معتبرا أنها تغتصب حق الجمعيات العمومية المطلق في وضع دساتير منظماتها النقابية (لوائحها) بإرادتها الحرة ودون تدخل من أىٍ من السلطات حيث تحدد مدة الدورة النقابية، وشروط العضوية، وشروط الترشح لمجلس إدارة المنظمة النقابية، وإجراءات الانتخابات، رافضا في الوقت نفسه العقوبات المقيدة للحرية في شأن نشاط مدنى، ومخالفات ذات طابع إداري بل وفى عمل يفترض أنه تطوعي.

Leave a Reply