صينية تحتفل بعلم إسبانيا في الأولمبياد.. بين كارولينا وبينج جياو "انتصرت الروح الرياضية" (فيديو)

لحظات من الألم والحسرة عاشتها الإسبانية كارولينا مارين، بعد تعرضها لإصابة خطيرة في الركبة، أجبرتها على الانسحاب من نصف نهائي منافسات الريشة الطائرة في أولمبياد باريس، لتتأهل منافستها هي بينج جياو للنهائي، والتي لم تنس خلال احتفالها بالميدالية الفضية معاناة زميلتها، حيث أشارت لها بالعلم الإسباني على منصة التتويج.

لنعد بالزمن قليلًا إلى الوراء، وتحديدًا في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، حينما كتبت كارولينا مارين اسمها في تاريخ اللعبة، بعدما أصبحت أول لاعبة أوروبية تفوز بالميدالية الذهبية في تاريخ الأولمبياد، عقب انتصارها على الهندية بوسارلا سندو.

كارولينا كانت فقط ثاني لاعبة أوروبية تصعد لمنصات التتويج في تاريخ الأولمبياد بمنافسات السيدات، وأول من كسرت احتكار لاعبات آسيا للميدالية الذهبية، وحصدت التهنئة من عدة نجوم إسبان أبرزهم رافاييل نادال بطل التنس، التي تعتبره بمثابة ملهم لها.

وقالت صاحبة الـ 31 عامًا في تصريحات نشرها موقع الأولمبياد، ردًا على سؤال حول مساهمتها في انتشار اللعبة ببلادها: “عندما كنت في الثانية أو الثالثة عشر من عمري، ذهبت إلى الصين ورأيت أشخاصًا أعمارهم تتجاوز 80 عامًا، يلعبون في الحدائق، أو في الشارع، حتى أمام الفندق، لقد أعطاني ذلك الكثير من الأمل في القيام بنفس الشيء في بلدي، وهذا ما تمكنا من فعله”.

وأضافت: “أنا سعيدة جدًا، لأنني عندما أمشي مع كلبي في أحد الحدائق بمدريد،  أرى أبًا يلعب الريشة الطائرة مع أطفاله، فأنا أشعر بالفخر والحماس لأنني تمكنت من نقل هذه الرياضة، التي أحبها وأمارسها كثيرًا إلى بلدي”.

مسيرة مارين كانت مليئة بالأحزان، بعد إصابتها بقطع في الرباط الصليبي الأمامي بركبتها اليمنى عام 2019، خلال نهائي بطولة إندونيسيا، وامتدت رحلة علاجها لفترة 4 أشهر، حتى استطاعت العودة، بعدما خصصت 10 ساعات يوميًا بين إعادة التأهيل البدني والفني مع جلسات العلاج الطبيعي، قبل أن تعود للمنافسات بعد غياب استمر 8 أشهر.

سوء الحظ حالف مارين مرة آخرى، حينما أصيبت بقطع في الرباط الصليبي بركبتها اليسرى هذه المرة، خلال أحد تدريباتها في يونيو عام 2021، لتحرمها الإصابة من المشاركة في أولمبياد طوكيو، بعدما كانت مرشحة لحصد ذهبية جديدة، عقب تتويجها بالمركز الأول في بطولة العالم ثلاث مرات.

استعادت كارولينا مستوياتها الرائعة بعد العودة من الإصابة الثانية، ووصلت لنهائي بطولة فرنسا قبل أن تخسر أمام الصينية هي بينج جياو، ثم استعادت لقبها القاري، بفوزها بطولة أوروبا مرتين 2022 و2024، لترفع رصيدها إلى 7 ذهبيات في البطولة الأوروبية.

كما حصدت الإسبانية فضية بطولة العالم بالعام الماضي 2023، وتواجدت مرة آخرى بين المصنفين الخمسة الأوائل على العالم، ثم صعدت إلى المركز الثالث مؤخرًا.

كانت كارولينا تحلم باستعادة أمجادها، وحصد الذهب من جديد في أولمبياد باريس، لتصطدم بالصينية هي بينج جياو، وكانت كفة المواجهات التاريخية بينهما تميل للإسبانية، التي فازت على منافستها 7 مرات، بينما كانت الغلبة للاعبة الصينية مرتين فقط.

تفوقت الإسبانية المصنفة الثالثة على العالم منذ البداية على منافستها التي تحتل المرتبة السابعة عالميًا، وفازت بالشوط الأول بنتيجة 21-14.

وبينما كانت مارين الأقرب للفوز بالمباراة، وعندما تقدمت بنتيجة 10-5 في الشوط الثاني، تعرضت لإصابة مروعة جديدة، القطع في الرباط الصليبي للمرة الثالثة.

سقطت كارولينا وبدأت في الصراخ والبكاء، حاولت إكمال اللقاء بعد ربط ركبتها، لكنها سقطت مجددا بعدمًا وصلت النتيجة إلى 10-8، ولم تتمالك دموعها، لتساندها منافستها التي ساعدتها على الخروج من الملعب.

حصدت اللاعبة الصينية على الميدالية الفضية، لكنها فازت بأشياء تفوق أهمية الميدالية ونوعها، بعدما حرصت على رفع “دبوس” يحمل العلم الإسباني خلال صورة التتويج، في إشارة لمنافستها الإسبانية التي انسحبت بسبب الإصابة، لتكسب بينج جياو احترام ومحبة الجماهير.

وجهت كارولينا رسالة تعبر فيها عن حزنها بعد الإصابة، وسعادتها بسبب ما فعلتها منافستها الصينية، حيث كتبت عبر حسابها على إنستجرام: “لقد عانيت يوم الأحد من واحدة من أصعب لحظات حياتي، لقد مرت بضعة أيام ولكنني سأحتاج إلى مزيد من الوقت لاستيعابها، أعتقد أن الحياة تلقي علينا مواقف لا نريد أن نمر بها ولا نستحقها، ولكن يتعين علينا قبولها والتغلب عليها بأفضل ما نستطيع”.

وأضافت: “أريد أن أشير إلى شخص واحد: تمنيت لهي بينج جياو كل التوفيق في النهائي، لأن الروح الرياضية تأتي فوق كل شيء، لكن اللحظة التي صعدت فيها على منصة التتويج ورفعت العلم كانت واحدة من أجمل اللفتات التي قام بها أي شخص تجاهي على الإطلاق، وسأظل دائمًا ممتنة لها بشكل لا يصدق”.

وفي المقابل حرصت اللجنة الأولمبية الإسبانية على شكر هي بينج جياو، ومنحتها علم إسبانيا وعليه عبارة شكرًا، تقديرًا لموقفها المميز على منصة التتويج.

وعلقت بينج جياو على ما حدث قائلة: “أود في البداية أن أتمنى الشفاء العاجل لكارولينا مارين، لقد حققت إنجازات عظيمة في حياتها المهنية وتغلبت بالفعل على العقبات والإصابات من قبل، لذلك أنا على ثقة من أنها ستفعل ذلك مرة أخرى. وآمل أن تعود إلى المنافسة قريبًا جدًا”.

وأتمت: “لقد ارتديت الدبوس في الحفل لأنني أردت أن أشاركها شرف التواجد على المنصة وخاصة في تلك اللحظة”.

تحطمت أحلام مارين لكنها تستطيع العودة كما فعلتها مرتين من قبل، ولم تنجح بينج جياو في حصد الذهبية الأولى لها، لكن الجميع سيتذكرها جيدًا، لأن الروح الرياضية دائمًا ما تنتصر.

Leave a Reply