في عمر 31 عامًا فقط، قاد المدير الفني السويسري فابيان هورزلر فريق برايتون لبداية مثالية في الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما اكتسح مضيفه إيفرتون بثلاثية نظيفة في الجولة الأولى، وهزم ضيفه مانشستر يونايتد بهدفين مقابل هدف في الجولة الثانية، ليناطح مانشستر سيتي حامل اللقب في صدارة جدول الترتيب.
تشكيل برايتون الأساسي في المباراتين ضم خمسة لاعبين أكبر من مديرهم الفني الشاب، أحدهم هو المخضرم جيمس ميلنر نجم مانشستر سيتي وليفربول السابق، والبالغ من العمر 38 عامًا، والذي أصبح أول لاعب يشارك في 23 موسمًا متتاليًا في تاريخ “بريميرليج”.
عندما لعب ميلنر مباراته الأولى في بريميرليج عام 2002، كان مديره الفني الحالي طفلًا في عمر 9 سنوات، قبل أن يبدأ مشوارًا قصيرًا مع كرة القدم في الملاعب الألمانية، انتهى سريعًا في عمر 23 سنة، ليبدأ مشواره التدريبي بشكل مبكر للغاية.
في دوري الهواة الألماني بزغت موهبة هورزلر عندما تولى القيادة الفنية لفريق بيبينزريد، قبل قيادة سان باولي في دوري الدرجة الثانية بين عامي 2022 و2024 وهي الخطوة التي أهلته ليكون المدير الفني الأصغر في الدوري الإنجليزي الممتاز بالموسم الحالي.
هورزلر ليس الاسم الأول الذي نال الثقة ليكون مديرًا فنيًا بأحد الدوريات الكبرى في عمر مبكر، حيث سبقه العديد من المدربين الشبان، أبرزهم يوليان ناجلسمان المدير الفني الحالي للمنتخب الألماني، والذي قاد فريق هوفنهايم في دوري الدرجة الأولى الألماني في عمر 28 عامًا فقط.
العديد من الأندية الأوروبية الكبرى غيرت فلسفتها في تعيين المدربين، وأصبح هناك اتجاه لمنح الثقة للمديرين الفنيين الشبان، فالعملاق الألماني بايرن ميونخ تعاقد مع البلجيكي فنسنت كومباني البالغ من العمر 38 عامًا ليكون مديره الفني انطلاقًا من الموسم الحالي، وهو النهج نفسه الذي اتخذه عمالقة القارة العجوز، حيث يقود ميكيل أرتيتا البالغ من العمر 42 عامًا فريق أرسنال الإنجليزي، ويقود إنزو ماريسكا البالغ من العمر 41 عامًا تشيلسي الإنجليزي، بينما تعاقد روما الإيطالي مع نجمه السابق دانييلي دي روسي البالغ من العمر 40 عامًا ليكون مدربه الجديد.
بالنظر للدوري الإنجليزي الممتاز في الموسم الحالي، تضم قائمة مدربيه 13 مدربًا تحت عمر 50 عامًا من أصل 20 مدير فني يقودون أندية المسابقة، بنسبة 65% بينما تبلغ النسبة 50% في دوري الدرجة الأولى الإسباني ونظيره الإيطالي، حيث يتواجد 10 مدربين تحت حاجز الخمسين عامًا في المسابقتين.
بينما لا تتجاوز أعمار أكثر من نصف مدربي الدوريات الكبرى عالميًا خمسين عامًا، تتراجع تلك “الحيوية” بشكل ملحوظ في الدوري المصري الممتاز، لتبلغ نسبة المدربين الذين تقل أعمارهم عن خمسين عامًا أقل من 17%، حيث يتواجد ثلاثة مدربين فقط في تلك المرحلة العمرية بين 18 مدربًا على رأس القيادة الفنية للأندية التي تستعد لخوض منافسات الموسم المقبل، وهو ما يوضح فارقًا شاسعًا في نظرة إدارات الأندية المصرية لمفهوم المدير الفني “الشاب”.
مدرب وحيد في الدوري المصري الممتاز لم يتجاوز حاجز الأربعين، هو أحمد خطاب المدير الفني لفريق فاركو، والبالغ من العمر 38 عامًا، والذي لم يتمتع بشهرة كبيرة خلال مسيرته كحارس مرمى، حيث اعتزل بصفوف فاركو قبل أربع سنوات، ليبقى بين جدران النادي، الذي منحه الثقة سريعًا للعمل في الأجهزة الفنية المختلفة للفريق الأول، قبل مفاجأة تعيينه كمدير فني نهاية العام الماضي، خلفًا لخالد جلال مدرب الفريق السابق.
الأمر لا يتوقف فقط في السنوات الأخيرة على شجاعة إدارات الأندية ونظرتهم لمستقبل أفضل تحت قيادة فنية شابة، بل أثبت المدربون الشبان بالفعل تميزًا ملفتًا في السنوات الأخيرة، وأظهروا نجاحات واضحة، وأبرزهم ميكيل أرتيتا الذي أنهى المرحلة الصعبة التي عاشها أرسنال، وجعله الرقم الصعب في وجه العملاق مانشستر سيتي في السنوات الأخيرة، حيث أنهى منافسات بريميرليج وصيفًا في جدول الترتيب خلال الموسمين الأخيرين، ويضع كثيرون أرسنال كأبرز المرشحين للتتويج باللقب في الموسم الحالي.
في ألمانيا قاد تشابي ألونسو البالغ من العمر 42 عامًا فريق باير ليفركوزن لموسم أسطوري، توج خلاله بثنائية الدوري والكأس للمرة الأولى في تاريخه، ليصبح المدير الفني الشاب هدفًا لعمالقة العالم، وأبرزهم ريال مدريد الإسباني وليفربول الإنجليزي، إلا أنه فضل مواصلة مغامرته في الملاعب الألمانية، وبالفعل افتتح موسمه الجديد بالتتويج بكأس السوبر الألماني.
وفي إيطاليا فرض تياجو موتا كلمته في الموسم الماضي، وقاد فريق بولونيا لموسم تاريخي، تأهل خلاله لدوري أبطال أوروبا بعد غياب 60 عامًا، وتأهل للأدوار الرئيسية في المسابقة الأوروبية الأشهر للمرة الأولى في تاريخه، لكن مغامرته في بولونيا توقفت، بعدما نجح العملاق يوفنتوس في إقناع المدير الفني الشاب بمشروعه، أملًا في استعادة أمجاده.
بالعودة إلى الكرة المصرية، ولنسبة الـ 17% التي لا تبشر بمستقبل مميز للتدريب المصري، يظهر إلى جانب خطاب المدير الفني لفاركو اسمان فقط تحت حاجز الخمسين عامًا، هما أحمد عيد عبد الملك البالغ من العمر 44 عامًا والصاعد مع غزل المحلة من دوري الممتاز “ب” ومجدي عبد العاطي البالغ من العمر 47 عامًا، والذي قاد فريق زد حديث العهد بالدوري المصري الممتاز لاحتلال المركز السابع في جدول الترتيب.
ربما تعود تلك النسبة الضعيفة للمدربين الشباب في الدوري المصري لنظرة قديمة تعتبر المدربين أصحاب الخمسين أو الخمسة وخمسين عامًا هم من المدربين الصاعدين، وهي النظرة ذاتها التي انعكست على اللاعبين، ليتم تصنيف أصحاب الأربعة والعشرين عامًا والخمسة وعشرين عامًا كلاعبين صاعدين في كرة القدم المصرية، في الوقت ذاته الذي يسيطر خلاله لاعبون يصغرون تلك الأعمار بأعوام على الساحة العالمية، ويحجزون أماكنهم في مقدمة صفوف أقوى الأندية الأوروبية، وكأن “إكسير الشباب” يسيطر على الكرة المصرية، ويبقي اللاعبين والمدربين صاعدين لسنوات طويلة أصبح نظراؤهم عالميًا خلالها مخضرمين.