عصر يوم 17 يوليو الماضى، نشر العقيد تامر الرفاعى، المتحدث العسكرى، على صفحته الرسمية على أحد مواقع التواصل الاجتماعى، صورا لثلاث جثث، قال إنها لإرهابيين بسيناء نفذوا عمليات إرهابية، وظهر فى الصور ارتداء المسلحين «صنادل» متشابهة ومتطابقة، وبتواريخ مختلفة، وهو ما تكرر فى حوادث أخرى عديدة.
كما تنشر مواقع وصفحات تابعة للتنظيم المسلح صورا لتدريبات أفرادها فى سيناء أو أثناء تنفيذهم عمليات إرهابية، وأظهرت الصور أيضا تطابقا إلى حد كبير فى شكل الصنادل، غير أن الصور التى يبثها المتحدث العسكرى أو التنظيم لا توضح بشكل دقيق ما هو مدون على «الصندل»، وتوضح الصور وجود لونين مختلفين منها، فضلا عن تصميمين مختلفين.
«المصرى اليوم» تتبعت مصدر هذه الصنادل التى تستخدمها عناصر التنظيم الإرهابى فى مصر والعراق وليبيا من خلال هذا التحقيق لمعرفة موقع تصنيعها وكيفية دخولها
إلى البلاد..
التنظيم الإرهابى يوزعه على عناصره فى «مصر والعراق وليبيا».. والفكرة بدأها «القاعدة»
بينما كانت المدرعة تقترب بحظر من «عشة» وسط أشجار الزيتون فى منطقة البرث بالشيخ زويد، كان الجنود مستعدين لإطلاق الرصاص على من يظهر فجأة من المسلحين التابعين للتنظيم الإرهابى طبقا للمعلومات التى وردت لهم.
الضابط قائد الكتيبة، يحرك عينيه ويشير بيده لجنوده بالانتشار فى جهات مختلفة، الكل يتحرك ببطء شديد إلى أن وصلوا إلى جدران «العشة»، لم يسمع أحد صوتا بالداخل، لكن ظل الجنود مستعدين، وتقدم ضابط نحو الباب، لكن لم يجد أحدا بالداخل.
بدر محمد، أمين الشرطة، كان ضمن الكتيبة، يحكى: «لم نجد شيئا غير كيس بلاستيك، كان بداخله 5 صنادل رجالى، كان شكلها جديدا، ركلت الكيس بقدمى وتركته وغادرنا المكان».
بعد 4 أشهر تقريبا، كان أمين الشرطة فى راحة وقت أن هاجم مسلحون كمين «المطافئ»، فى يناير الماضى، وأسرع مع قيادات الأمن وآخرين من زملائه إلى مكان الحادث، وبينما الجميع يتفحص المكان بعد معاينة النيابة، توقفت أعين أمين الشرطة عندما وجد جثة أحد المسلحين، عضو تنظيم «داعش» الإرهابى، يرتدى «صندل»، وبالقرب منه «صندل» آخر، فتذكر مشهد «كيس الصنادل».
ويضيف: «عندما أقف فى أى كمين الآن بالشيخ زويد، أنظر إلى أقدام المارة أولا قبل أن أفحص وجوههم، وألقينا القبض على 5 أشخاص خلال الشهر الماضى، وكانوا يرتدون نفس الصندل». لكن ما لا يدركه أمين الشرطة، وأثبته تحقيق «المصرى اليوم»، أن عناصر التنظيم الإرهابى فى «مصر والعراق وليبيا»، يرتدون صنادل أنتجت خصيصا لهم داخل مصنع للأحذية بمدينة «قونيا» التركية للتشبه بالمسلحين من عناصر تنظيم القاعدة فى أفغانستان.
9 يناير الماضى، شن «داعش» هجوما مسلحا على أفراد الأمن المرابطين فى كمين المطافئ بالعريش، واستخدم المسلحون أسلحة متطورة ومتفجرات هزت سكان المدينة بأكملها، وأوقعوا 7 شهداء من أفراد الشرطة، وقالت وزارة الداخلية فى بيان وقتها، إن الأجهزة الأمنية بشمال سيناء تمكنت من التصدى لهجوم إرهابى مسلح شارك فيه ما يقرب من 20 عنصرا مسلحا حاولوا اقتحام كمين «المطافئ» بدائرة قسم ثالث العريش باستخدام قذائف «آر. بى. جى» وسيارة مفخخة، وأن القوات قامت بالتصدى لهذا الهجوم وتمكنت من تفجير السيارة المفخخة قبل وصولها للكمين والتعامل مع العناصر الإرهابية، ما أسفر عن مصرع 5 منهم وإصابة 3 آخرين، كما نجحت القوات فى إبطال مفعول العبوات الناسفة التى تم زرعها.
بعد أسبوع من الهجوم كان لودر كبير يزيل ما خلفه التفجير فى المكان، ووسط الحطام كان يظهر «فردتين من حذاء صندل»، وبعدما أزالت التراب من عليهما، تبين أنهما مقاسان مختلفان، وإحداهما إنتاج مصنع «يسان بيل»، ومقره مدينة «قونيا» التركية، وأن المستورد شركة تحمل اسم «isis» ولا يوجد عنوان لها، وهذا الاسم اختصار «تنظيم الدولة الإسلامية» باللغة الإنجليزية.
ما وجده محرر «المصرى اليوم» داخل مشرحة مستشفى العريش بشمال سيناء، يتطابق مع ما عُثر عليه فى حطام كمين المطافئ، للتو كانت المشرحة قد استقبلت 5 جثث لمسلحين تمكنت قوات الأمن من تصفيتهم أثناء محاولة الهجوم على مدرعة للأمن، وعلى الرغم من أن حادث كمين المطافئ كان قد مر عليه قرابة 6 أشهر، وأن المنفذين فى الحادثين مختلفون، إلا أن التشابه كان موجودا فى «الصندل».
«عندما يصلنا جثث لمسلحين، أو لغير مسلحين نقوم بتجريدهم من ملابسهم وأحذيتهم ووضعهم فى ثلاجات المستشفى لحين التصرف بشأنهم من قبل النيابة العامة»، يقول طبيب فى لقاء بـ«المصرى اليوم» بعد أن طلب عدم ذكر اسمه، ويحكى أنهم يحتفظون بالمتعلقات إن وجدت وينتظرون قرارا من النيابة العامة بتسليمها لأسرة المتوفى.
ويضيف الطبيب: «القتلى من المسلحين يُنقلون إلينا دون متعلقات، فقط ما يرتدونه من ملابس أو أحذية، وأغلبهم يرتدون صنادل واحدة».
غالبا ما يتخلص مسؤولو المشرحة من تلك المتعلقات بعد إذن النيابة، خاصة إن لم تكن التحقيقات فى حاجة إليها، ووسط جوال كان عامل النظافة بالمستشفى يستعد للتخلص منه عثرت «المصرى اليوم» على «فردة من صندل»، تختلف من حيث اللون عن تلك التى كانت موجودة فى حطام «كمين المطافئ»، لكن نفس التصميم ونفس المصنع التركى ونفس المستورد الملقب بـ«isis».
بعفوية شديدة قال عامل النظافة ويدعى «عم محمد»: «فى كتير منهم- يقصد الصنادل- بس كلهم بيبقوا غرقانين دم، وحرقنا آلافا فى السنوات الماضية فى محرقة المستشفى، بس فى مرة عجبنى صندل أخذه زوج ابنتى منى». وعندما أبلغته بأن هذا الصندل مخصص للمسلحين فقط، أسرع العامل بإخراج هاتفه من جيبه واتصل على ما يبدو بزوج ابنته قائلا: «ارمى الصندل اللى انت أخدته من المستشفى، ارميه وبعدين أبقى أحكيلك».
نشر المتحدث العسكرى المزيد من جثث الإرهابيين فى حوادث مختلفة وفى كل مرة تظهر الصور متشابهة فى الصنادل بشكل كبير مع الصنادل التى عثرنا عليها فى مستشفى العريش العام، أيضا تنشر مواقع وصفحات تابعة للتنظيم المسلح صورا لتدريبات أفرادها فى سيناء أو أثناء تنفيذهم عمليات إرهابية، وأظهرت الصور أيضا تطابقا إلى حد كبير فى شكل الصنادل، غير أن الصور التى يبثها المتحدث العسكرى أو التنظيم لا توضح بشكل دقيق ما هو مدون على «الصندل»، وتوضح الصور وجود لونين مختلفين منها، فضلا عن تصميمين مختلفين.
فى القضية المعروفة إعلاميا بـ«تنظيم أنصار بيت المقدس» والمنظورة أمام محكمة الجنايات حاليا، دون المحقق فى اعترافات المتهم سيد عفيفى قوله: «كانوا- يقصد قيادات التنظيم – يمدوننا بالسلاح المهرب من ليبيا، ويسلمنا مقابلا ماديا، وكانوا يحضرون لنا الملابس والصنادل».
الكلمة الأخيرة فى اعتراف المتهم فى تحقيقات النيابة يؤكدها ضابط شرطة بمديرية أمن مرسى مطروح قائلا: «أتذكر فعلا يوما ضبطنا سيارة قادمة من سيوة وبها جوالان مليئان بالصنادل، لا أتذكر تفاصيل إضافية عنها، لكن التحريات أكدت أن سائق السيارة كان مطلوبا فى حادثا إرهابى بالفرافرة».
ويقول المحامى سعيد حسانين، محامى عدد من المتهمين فى القضية: «فى إحدى المرات كنا فى جلسة التحقيق وأثناء الاستراحة وخارج التحقيق سألت المتهم عن الصندل فقال إنهم كلهم يرتدونه بأوامر، أولا لأنه مريح، ثانيا لأنه عقيدة وتشبه بالمسلحين فى تنظيم القاعدة».
ويؤكد اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن كل الدعم اللوجستى المتمثل فى سلاح وملابس وأحذية يصل إلى العناصر المسلحة إما عبر الأنفاق أو عبر البحر المتوسط.
ويقول: « يرتدون صنادل للتشبه بعناصر تنظيم القاعدة فى أفغانستان، ويريدون أن يرسموا صورة لهم بأنهم دولة إسلامية لها أفرع فى كل مكان، وهذا جانب من خطة إعلامية للتأثير باستخدام الصورة الذهنية».
أمام منزله المتواضع والمكون من طابق واحد عبارة عن غرفتين يجلس سليمان الزواد، أحد أبناء قرية البرث بالشيخ زويد، وبجواره طفله الذى لا يتعدى عامه الخامس، بكلمات متقطعة يحكى الرجل: «فى يوم الهجوم الكبير على الأكمنة فى شهر يوليو 2016، كان عدد المسلحين كبيرا جدا، شاهدت معظمهم يرتدون صنادل موحدة لونها رملى- يقصد بيج- وبعد انتهاء الأحداث كان عدد كبير من تلك الأحذية ملقى فى الشوارع، سقطت من أقدامهم ومنهم من قتل».
فى قرية مجاورة يؤكد حسن مجاهد موظف فى المجلس المحلى بالشيخ زويد: «فعلا جميعهم يرتدون الصنادل، ويتشبهون بالسلفيين والأفغانيين، أنا كنت أرتدى صندلا وعندما شاهدتهم تخصلت منه ولم أعد أرتديه».
«هناك بعض المعلومات التى جمعناها عن المسلحين من أفراد تنظيم الدولة الإسلامية، أبزرها ارتداؤهم ملابس مشابهة للجيش وارتداؤهم صنادل، والاستعانة بسيارات دفع رباعى محددة، تلك المعلومات تفيدنا فى عمليات التعامل مع المسلحين»، يحكى الضابط «محمد.ع» المرابط فى أحد الأكمنة بالعريش، ويضيف: «المسلحون يتلقون دعما كبيرا على مستوى السلاح والأحذية والدعم اللوجستى، وتأتيهم عبر التهريب من الأنفاق أو البحر، والصنادل التى يرتدونها غير موجودة فى مصر، و لها شكل قريب من تلك التى نرتديها».
فى مدينة العريش، يوجد 7 محال تجارية لبيع الأحذية. بحث مجرى التحقيق عن تلك النوعية من الصنادل فيها لكن لم تكن موجودة، فقط هناك أنواع أخرى تختلف إلى حد ما عن تلك التى كان يرتديها المسلحون، والغالبية مصنعة فى مصر طبقا للبيانات الملصقة عليها.
بحثنا عن تلك النوعية والشركة المستوردة فى عدد كبير من محال الأحذية فى الإسماعيلية والقاهرة لكن دون جدوى، 4 من أصحاب تلك المحلات أكدوا أن تلك النوعية غير موجودة فى مصر، ولم يتعاملوا مع شركة مستوردة تحمل هذا الاسم «isis»، دون أن يدركوا أن هذا الاسم هو اختصار للترجمة الإنجليزية للتنظيم الإرهابى.
وليد حسان، صاحب محال أحذية بالجيزة، قال:«الصنادل التى تبحث عنها قريبة الشبه من الصنادل المعروضة، لكن مختلفة من حيث ارتفاع النعل الطويل، فضلا عن أن الشركة المستوردة لم نسمع عنها من قبل».
فى القاهرة سألنا داخل هيئة الرقابة على الصادرات والواردات عن تلك الشركة المستوردة، وبعد 3 ساعات من البحث فى دفاتر عديدة، قال موظف كبير بالهيئة- طلب عدم ذكر اسمه: «لا يوجد شركة لدينا بهذا الاسم ولا أعرف كيف دخلت تلك الصنادل إلى البلاد دون أن يكون ذلك مثبتا لدينا، لكن إذا كان الأمر يتعلق بمسلحين فأكيد ستكون مهربة».
وطرح الموظف سؤالا منطقيا: «إذا كانت شركة تعمل مع مسلحين لماذا تضع (تكت) يوفر معلومات عنها؟، لكن فى تركيا إجراءات صارمة على المصانع وأعتقد أنهم يضطرون لوضع التكت».
ما طرحه الموظف تحدث عنه ضابط بالأمن الوطنى- طلب عدم ذكر اسمه- قائلا: «نعمل على تجميع معلومات عن تلك الوسائل والمساعدات التى يستخدمها المسلحون من ملابس وأحذية وسلاح، وفعلا لاحظنا أن هناك آثارا لإزالة أية بيانات على تلك الملابس أو الأحذية ومن بينها الصنادل، لكن بعض الملابس والصنادل وجدنا عليها بيانات»، لكنه رفض إمدادنا بأى معلومات عن البيانات الموجودة على الصنادل التى وجدوها.
ويقول اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق: «فى عدة أكمنة تم ضبط شحنات ملابس عسكرية وصنادل كانت فى طريقها إلى المسلحين فى سيناء، بعضها إنتاج مصانع تركية والآخر إنتاج مصانع إسرائيلية يتم تهريبه عبر الأنفاق أو عبر البحر الأبيض المتوسط».
وأضاف: «يدفنون تلك المستلزمات فى أجولة فى الرمال وقبل تنفيذ أى عملية يتم ارتداؤها، وسبق أن عثرت قوات الأمن على بعض من تلك المستلزمات المدفونة فى الرمال».
ويرى «نور الدين» أن ضبط تلك المستلزمات والتحرى عن البيانات المثبتة عليها سواء على الملابس أو الأحذية يساعد رجال الأمن بشكل كبير فى التوصل إلى العناصر المسلحة وتكوين قاعدة بيانات عنهم للتعامل معهم.
فى العراق وليبيا، استعان مجرى التحقيق ببعض المصادر الأمنية والزملاء الصحفيين للوصول إلى العلاقة التى تربط بين تلك الصنادل الموجودة مع المسلحين فى سيناء وتلك التى يرتديها المسلحون فى ليبيا والعراق، وتبين من خلال الصور والمستندات ان نفس الشركة المستوردة لتلك الصنادل «isis» توفر الصنادل للعناصر الإرهابية هناك، وأن نفس المصنع التركى هو المنتج لها.
اللواء محسن العياد، مسؤول أمنى بمطار طبرق، فى اتصال هاتفى لـ«المصرى اليوم»، قال: «لدينا معلومات منذ وقت طويل تقول إن تلك الأحذية والصنادل ومستلزمات أخرى تأتى للتنظيم من تركيا، وسبق أن ضبطنا شحنة ملابس عسكرية وصنادل فى طبرق كانت قادمة من تركيا».
ويضيف: «قبضنا على المسؤول عن استيراد تلك الشحنة، واعترف بأنه استوردها من تركيا لصالح شخص آخر، يعمل مع التنظيمات المسلحة، والشركة المستوردة كانت تسمى «isis» وهى شركة غير موجودة على أرض الواقع، والاسم وهمى، وتتولى استيراد المستلزمات الخاصة بعناصر التنظيم فى العراق».
فى العراق قال طبيب فى الصليب الأحمر يدعى ماهر الزيدى، إنه ظل لفترات طويلة يعمل فى إنقاذ الجرحى والمصابين من الأهالى فى ظل الأحداث التى كانت تشهدها العراق من جراء الأعمال الإرهابية والصراعات المسلحة فى المنطقة، وأثناء عمله كان يشاهد كثيرا من جثث عناصر التنظيم الإرهابى ملقاة على الأرض بعد أى عملية، وطلب منه مجرى التحقيق أن يلاحظ الصنادل التى يرتديها عناصر التنظيم الإرهابى فى العراق، وبعد قرابة شهرين رد الطبيب بإرسال صور تظهر أن نفس الصنادل التى يرتديها المسلحون من عناصر تنظيم داعش فى العراق، هى نفسها الموجودة فى سيناء، كما أكد تطابق نفس الشركة المستوردة والمصنعة للصنادل والموجودة فى تركيا.
وأضاف الطبيب أن المسلحين هناك بعضهم يرتدون «كوتشى» مُصنع فى نفس المصنع التركى، وعددا آخر يرتدون صنادل متوفر منها لونان «بيج ورمادى»، وهما نفس اللونين المتوفرين مع المسلحين فى سيناء.
وقال الزميل وليد أصلال، صحفى حر بالعراق: «كل المستلزمات المتوفرة مع المسلحين من ملابس وأحذية قادمة من تركيا، وهناك مسؤولون بالمطارات العراقية ألقى القبض عليهم بسبب تعاونهم مع التنظيم والسماح لهم بإدخال تلك المستلزمات، وهناك نوعان من الأحذية إما صنادل أو كوتشى طويل الرقبة».
فى مدينة قونيا، إحدى المدن التركية التى تجاور العاصمة التركية أنقرة، وتشتهر بكثرة المصانع الصغيرة، وبها قرابة 2500 مصنع تعمل فى مجال تفصيل الملابس والأحذية بمختلف أشكالها وأنواعها، فضلا عن صناعة قطع السيارات، يقول علاء عبدالله حسين، مصرى يعيش منذ أكثر من 20 عاما فى المدينة، ويمتلك مصنعا صغيرا للملابس، إن مصنع «بسيل بان» يقع بالقرب من مسجد التبريزى على أطراف المدينة، وإن المصنع متخصص فى صناعة الأحذية، وتم إغلاقه منذ أكثر من شهر لأسباب لا يعلمها أحد، وكان يعمل به قرابة 300 عامل.
وأضاف عبدالله لـ«المصرى اليوم»: «الجميع كان يلاحظ أنهم متشددون دينيا، ويطلقون اللحى ويرتدون ملابس قصيرة، ومعظم العاملين أفغان أو هنود».
وبمساعدة شاب مصرى يقيم فى تركيا، توصلت «المصرى اليوم» إلى شخص هندى يدعى «كيران»، كان يعمل فى المصنع نفسه، وقال إن المصنع أغلق بسبب سفر صاحبه دون أن يحدد وجهة السفر، وسلم صاحب المصنع للعاملين 5 أشهر مكافأة قبل أن يقوم بإغلاقه.
وأكد العامل أنهم كانوا متخصصين فى تفصيل الصنادل الرجالى وتصديرها إلى أفغانستان ودول شرق آسيا ومعظم الدول العربية، وأنه قرأ من قبل عن شركة isis، وهى إحدى الشركات المستوردة وكان يشاهد اسمها على «التكت» الملصق على أجولة الصنادل، لكنه لم يقدم معلومات عنها، قائلا: «لا أهتم بالشركات المستوردة، أنا كنت أعمل فقط على الآلة، أنا لست متخصصا فى الاستيراد والتصدير».
وحاولت «المصرى اليوم» الوصول إلى مالك المصنع، إلا أنه لم يتسن لنا الحصول على توضيح أو رد منه.
ويشرح الدكتور أحمد عطا، المحلل السياسى فى شؤون الحركات الإسلاميه، أن الصورة الذهنية للعنصر المسلح لكافة التنظيمات المسلحة لعبت دوراً مهما لتأصيل فقه الجهاد المسلح لهذه التنظيمات سواء كان تنظيم القاعدة، أو تنظيم داعش، لكن هناك تفاصيل مشتركة لهذه التنظيمات، ومنها الصندل ذو المواصفات القبلية – والسترة الجلدية.
وأضاف: «دعنا نشير إلى أن تنظيم القاعدة هو أول من لجأ لهذه التفاصيل لعناصره المسلحة، وقد استمدها قبل تأسيس التنظيم – مع الدعوات المصاحبة للجهاد المسلح مع نهاية سبعينيات القرن الماضى عندما شاركت عناصر عربية وأفريقية فى مشروع أفغانية العرب، عندما شاركت عناصر مسلحة تحت دعاوى الجهاد فى حرب أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتى، وبسبب طبيعة الجبال ومسرح العمليات فى أفغانستان لجأت إلى الصندل والسترة الجلد القصيرة، لرسم صورة قبلية إسلامية جهادية».