الرّحمة لغةً هي التعطّف، والرّأفة، والرقّة، والمغفرة، واللّين، والشّفقة، والرّزق، أمّا تعريف الرّحمة اصطلاحاً هي صفة تقتضي إيصال الإحسان والمعروف، والمصلحة، والمنفعة إلى العبد بغض النظر إذا رضي بها العبد وفرح بها أو كرهها وشقّت على نفسه.
أطلق الله عزّ وجل على نفسه صفتيّ الرّحمن والرّحيم، واقترن ذكر هاتين الصّفتين بمطلع سورة الفاتحة في القرآن الكريم التي يُردّدها المُسلم يوميّاً في جميع صلواته، ربما كانت الحكمة من ذلك هي التّذكير دائماً برحمة الله التي وَسِعَت كل شيء في هذا الكون، وأن الأحكام وصلت للنّاس عن طريق الرّحمة واليُسر،[١] ومن الجدير بالذكر أن لفظ الرّحمن هو الاسم الوحيد الذي قد يأتي منفرداً دون اتباعه باسم آخر كما هو الحال مع باقي أسماء الله الحسنى، فلفظ الرّحمن لفظ مكتفٍ ومُستغنٍ عن أي اسم آخر، ربما لأنّ الرحمة التي كتبها الله هي أظهر صفاته وأكثرها بروزاً، والرّحمة هي عامة لكلّ البشر، وليس مُخصّصة فقط للمؤمنين كما في لفظ الرحيم.[٢] قال الله تعالى: (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ).[٣]
أحاديث عن رحمة الله
قال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: (أنَّ رجلاً قال واللهِ لا يغفِرُ اللهُ لفلانٍ، وإنَّ اللهَ تعالَى قال من ذا الَّذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفرَ لفلانٍ، فإنِّي قد غفرتُ لفلانٍ، وأحبطتُ عملَك. أو كما قال).[٤]
قال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: (جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً، وأنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق، حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه).[٥]
قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: (إن لله مائة رحمة، واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها يتعاطف الوحوش على أولادها، وأخَّر تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة).[٦]
قال رسُولُ عليه الصّلاة والسّلام: (لما خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ في كِتَابٍ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ: إِنَّ رَحْمتي تَغْلِبُ غَضَبِي).[٧]
عن عمر بن الخطاب قال: قَدِمَ على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بسبي، فإذا امرأة من السبي تسعى إذ وجدت صبيًّا في السبي أخذتْه فألصقتْه ببطنها وأرضعته فقال لنا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: (أترون هذه طارحة ولدها في النار قلنا لا، وهي تقدر على ألا تطرحه، فقال الله أرحم بعباده من هذه بولدها).[٨]
قال الرسول عليه الصّلاة والسّلام: (لن يُدخل أحداً عملُه الجنة قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال لا، ولا أنا، إلا أن يتغمّدني الله بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا، ولا يتمنينّ أحدُكم الموت، إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً، وإما مسيئاً فلعله أن يستعتب).[٩]
قال الرسول عليه الصّلاة والسّلام: (فيقول الله عز وجل، شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط قد عادوا حمماً).[١٠]
قال الرسول عليه الصّلاة والسّلام: (لو يعلَمُ المؤمنُ ما عندَ اللهِ مِن العقوبةِ ما طمِع بجنَّتِه أحَدٌ، ولو يعلَمُ الكافرُ ما عندَ اللهِ مِن الرَّحمةِ ما قنَط مِن جنَّتِه أحَدٌ).[١١]
عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها، زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَنِي: (أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِى بَلَدِهِ صَابِراً مُحْتَسِباً، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ).[١٣]