لم تمح 44 عاماً شيئاً من ذكريات «سيد عبدالحفيظ»، فلا يزال يتذكر تفاصيل دقيقة عن دوره ملتحقا بسلاح الصاعقة فى حرب أكتوبر المجيدة.
تلك الحرب التى شارك فيها على مدار خمس سنوات كاملة، بالمساهمة فى تفكيك حصار أقوى نقطة تمركز لقوات العدو على خط بارليف وهى موقع «كبريت»، الذى يقع على الضفة الشرقية لقناة السويس، بعد حصار دام 134 يوما.
مشاهد الحرب، وذكريات سيد عن هذه الفترة الزمنية تضاهى بقية عمره، الذى قضاه كموظف بمؤسسة الأهرام، وخرج منها بعد بلوغه سن المعاش منذ 7 أعوام، ويقول عن فترة الحرب: «كان شعارها إما الموت أو الانتصار».
يزين جدران المدخل الرئيسى لمنزل «سيد»، الواقع بحى شبرا، عدد من الأوسمة وشهادات التقدير، ومنها «نوط الجمهورية العسكرى» من الطبقة الثانية، بموجب قرار جمهورى رقم 220 لسنة 1974، وناله عن «أعماله الاستثنائية وشجاعته الفائقة فى ميدان القتال».
تجاوره شهادة تقدير من وحدته العسكرية 9733، والتى تشهد فيها الوحدة بأن المقاتل «سيد عبدالحفيظ دراوى» اشترك فى معركة حرب العاشر من رمضان الموافق 6 أكتوبر سنة 1973، وكان ضمن الطلائع الأولى فى صفوف المقاتلين، الذين عبروا إلى سيناء من قواتنا المُسلحة، وقد أبلى بلاء حسناً فى قتال العدو، وموقع عليها ختم قائد وحدته العسكرية وذلك فى يونيو 1975.
يتذكر «سيد» مشهداً له مع زملائه وهم حليقو الرأس، بعدما اضطروا لذلك توفيراً للمياه، وتيسيراً لهم فى ارتداء القناع الواقى، أثناء ضرب العدو لغازات سامة، ويقول: «كُنا بنصرف تعيين من وجبات أكل لفترات طويلة، وكان أوقات كتيرة عربات الأكل يتم تدميرها من جانب العدو لتجويعنا».
لم يُتح لـ«سيد» نيل عضوية جمعية المُحاربين القدماء، على الرغم من حصوله على أوسمة تقديرية، لعدم انطباق شروط العضوية على «سيد»، وهى الحصول على وسام جمهورية من الدرجة الأولى، أو أن يكون المتقدم للعضوية مصاباً فى عمليات حرب، لكنه يأمل فى أن تشفع له بطولاته فى حرب أكتوبر فى استثنائه، هو وكافة الجنود المُشاركين فى حرب أكتوبر لنيل عضويتها.
ويقول: «تقدمنا بمطالبات رسمية لنيل عضوية الجمعية، السنوات الماضية، ونُجدد هذه الدعوة فى ذكرى الحرب التى شاركنا فيها، خصوصاً أننى أنال فقط 450 جنيها معاشا شهريا من القوات المُسلحة». مؤكدا أن الانتساب للقوات المُسلحة، والاشتراك فى حرب أكتوبر هو أعظم تقدير لنا.
تحمل ذاكرة «سيد» تفاصيل كثيرة عن زملائه وقادته العسكريين خلال فترة الحرب، المُمتدة مع الجميع، عبر تنظيم لقاءات بين فترة وأخرى، والتواصل التليفونى معهم، للاطمئنان على بعضهم البعض واستدعاء ذكريات الحرب، وسيرة من نالوا الشهادة. ومنهم «يوسف المغاربى»، الذى استشهد فى الأيام الأولى للحرب: «كان دفعتى ومعايا فى نفس الكتيبة، من محافظة كفر الشيخ، وكان مُلحاً فى طلب الشهادة ونالها.