.smsBoxContainer-v1{
display: block;
text-align: center;
}
#NewsStory .news_SMSBox {
display: inline-block;
height: 50px;
padding: 0 15px;
text-align: center;
overflow: hidden;
border: 1px solid #c5c5c5;
width: auto !important;
margin: 10px auto 0;
background-color: #efefef;
}
.article .news_SMSBox {
margin-top: 45px;
padding: 0 10px;
overflow: hidden;
}
.news_SMSBox > p {
color: #cb0000;
margin-left: 5px;
max-width: 290px;
min-width: 50px;
font-size: 70% !important;
overflow: hidden;
margin: 0;
height: 50px;
line-height: 50px !important;
display: inline-block;
float:right;
}
.news_SMSBox > iframe {
float: none;
width: 275px;
display: inline-block;
height: 49px;
}
اشترك لتصلك أهم الأخبار
خلف ماكينة خياطة عتيقة، جلس بربرى مسعود داخل محله، ممسكاً بمطرقته، مرتدياً نظارته الطبية «يلضم» فتلة سوداء لتصليح نعل حذاء، يغزل بهدوء وكأنه «جراح» يغلق جرحاً لمريض، وينتقى مسماراً صغيراً لإصلاح الحذاء الذى تدهورت حالته، وبين الحين والآخر يتوقف لمعرفة طلبات الزبائن بترميم أحذيتهم وإصلاح حقائبهم الجلدية.
«أبوياسر»- اللقب الأقرب إلى قلب «بربرى»، 63 عاماً، شيخ «الإسكافيين»، كما يطلقون عليه بمنطقة باب اللوق بـ«وسط البلد»- لا تختفى ابتسامته من وجهه طوال عمله فى المحل المزدحم بالأحذية والحقائب والأحزمة الجلدية، ورغم زحف الماكينات على المهنة، فإنه مستمر فى إصلاح الأحذية يدوياً بـ«الخيط والإبرة»، وبنظرة سريعة إلى الحذاء يمكنه تشخيص حالته وما يحتاجه.
جدران المحل- التى تآكلت بتأثير الرطوبة- خير دليل على سنوات عمر المكان، والتى تخطت المائة عام، حيث حرص «أبوياسر» على وضع صور المشاهير من زبائن المحل، مثل المطرب الشهير فريد الأطرش والموسيقار كمال الطويل ولا ينسى ذكرياته مع أديب نوبل، نجيب محفوظ، الذى كان دائم التردد عليه.
يقول «أبوياسر»: «الإسكافى مهنة إنسانية فى المقام الأول، فالوضع المالى للمواطنين لم يعد يسمح لهم بشراء أكثر من حذاء فى العام الواحد، ولذا يضطر بعضهم لشراء المنتجات المصنوعة من الجلد الصناعى بدلاً من الطبيعى، رغم أن الأولى لا تتحمل الاستخدام فترة طويلة.. و(الإسكافى) هو صاحب المهنة الوحيدة التى لم يحدث لها تطور مثل غيرها، رغم أنها مهنة تحتاج التركيز وقتاً طويلاً، ما قد يسبب لصاحبها عاهة مستديمة إذا تعامل فى لحظة بشكل خاطئ مع ماكينة الخياطة».
ويقارن «أبوياسر» بين أخلاق الزبائن فى الماضى والحاضر، قائلاً: «رغم حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل، فإنه كان مهذباً وودوداً مع الجميع، ويحرص على تحية أى شخص بابتسامته الهادئة المعروفة، بخلاف الجيل الحالى، الذى لا يحترم كبيراً ويفضل الأسلوب الجاف والصوت العالى».
خبرته الطويلة طوال 60 عاماً كاملة فى المهنة التى ورثها عن والده جعلت «أبوياسر» له «نظرة فى الزبون»، وخلقت لغة بينه وبين العاملين معه لا يفهمها سواهم، حيث يوضح: «أعرف الزبون من لحظة دخوله إلى المحل إذا كان داخل يفاصل فى سعر التصليح أو إنه داخل يتفرج بس وماشى، والزبون اللى بيفاصل اسمه (نباش)، وهى كلمة بقولها للصبى، يعنى خد منه الفلوس اللى عاوز يدفعها عشان هو زبون متعب، وصوابعك مش زى بعض زى ما هييجى الزبون الوحش لازم تقابلى الزبون الحلو، وسوء الأحوال الاقتصادية للناس لازم يخلينا نستحمل بعض على قد ما نقدر».
ورغم تخرج أبنائه فى الجامعات بتفوق، فإنهم رفضوا العمل بشهاداتهم الجامعية، وفضلوا العمل مع والدهم واستكمال مشواره الطويل. لم يكن إصلاح الأحذية هو المهنة الأولى لـ«أبوياسر»، الذى يؤكد: «فى طفولتى عملت فى ورشة ميكانيكا سيارات، وفشلت، وبعد أيام عدت إلى منزلى، ولم يكن أمامى سوى العمل مع والدى فى ورشة بدائية لإصلاح وصيانة الأحذية رغم كراهيتى هذه المهنة وقتئذ، لذا لم أُرغم أبنائى على العمل فى المهنة، إلا أننى سعدت بقرارهم رغم صعوبته، لأن الإسكافى إذا أخطأ فى غرزة المكنة هتبوظ الجزمة، خاصة أن الجلد الصناعى أصعب فى التصليح من الطبيعى، لذلك أرفض تجديد ماكينات تصليح الأحذية الخاصة بى، رغم أن عمرها تعدى 200 عام، لأن الموجود فى السوق صينى وتايوانى، قصير الأجل».